للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَقْرَعَ نَعَمْ يَجِبُ تَقْدِيمُ نِسَاءٍ وَمُسَافِرِينَ تَهَيَّئُوا أَوْ تَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ إلَّا إنْ ظَهَرَ تَضَرُّرُ غَيْرِهِمْ بِكَثْرَتِهِمْ، وَإِنْ سُئِلَ عَنْ الْإِخْوَةِ فَصَّلَ فِي جَوَابِهِ ابْنُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ عَوْلٌ قَالَ الثُّمُنُ عَائِلًا وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَسْقُطُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ بَيَّنَهُ وَيَكْتُبُ تَحْتَ الْفَتْوَى الصَّحِيحَةِ إنْ عَرَفَ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْجَوَابِ صَحِيحٌ وَنَحْوُهُ، وَلَهُ أَنْ يُجِيبَ إنْ رَأَى ذَلِكَ وَيَخْتَصِرُ، وَإِنْ جَهِلَ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فَلَهُ أَمْرُهُ بِإِبْدَاءٍ لَهَا فَإِنْ تَعَسَّرَ أَجَابَ بِلِسَانِهِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُفْتِي فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهَا وَلَا مَنْ يَنْقُلُ لَهُ حُكْمَهَا فَلَا يُؤَاخَذُ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ بِشَيْءٍ يُصِيبُهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ (فَرْعٌ)

أَفْتَاهُ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ الْعَمَلِ كَفَّ عَنْهُ، وَكَذَا إذَا نَكَحَ امْرَأَةً بِفَتْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ فِرَاقُهَا كَمَا فِي الْقِبْلَةِ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَدْ خَالَفَ دَلِيلًا قَاطِعًا نَقَضَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي يُقَلِّدُ الْإِمَامَ فَنَصُّ إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادِيًّا فِي حَقِّهِ كَالدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ، وَعَلَى الْمُفْتِي إعْلَامُهُ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ وَجَبَ النَّقْضُ، وَإِنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ لَا يَغْرَمُ وَلَوْ كَانَ أَهْلًا اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ) .

وَإِنْ دُوِّنَتْ الْمَذَاهِبُ كَالْيَوْمِ وَلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ مَذْهَبِهِ لَكِنْ لَا يَتَّبِعُ الرُّخَصَ فَإِنْ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْمَذَاهِبِ فَهَلْ يَفْسُقُ وَجْهَانِ اهـ.

قَالَ الشَّارِحُ أَوْجَهُهُمَا لَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ عَقَدَ فِي أَوَّلِ التَّتَارْخَانِيَّة فَصْلَيْنِ فِي الْفَتْوَى حَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ لَا تَحِلُّ الْفَتْوَى إلَّا لِمُجْتَهِدٍ وَمُحَمَّدٌ جَوَّزَهَا إذَا كَانَ صَوَابُ الرَّجُلِ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ وَعَنْ الْإِسْكَافِ أَنَّ الْأَعْلَمَ بِالْبَلَدِ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِفْتَاءِ مَاشِيًا جَوَّزَهُ الْبَعْضُ، وَمَنَعَهُ آخَرُ وَاخْتَارَ الْإِسْكَافُ أَنْ يُفْتِيَ إنْ كَانَ شَيْئًا ظَاهِرًا وَإِلَّا لَا، وَكَانَ ابْنُ سَلَامٍ إذَا أَلَحَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَفْتِي وَقَالَ جِئْت مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَقُولُ

فَلَا نَحْنُ نَادَيْنَاكَ مِنْ حَيْثُ جِئْتنَا ... وَلَا نَحْنُ عَمَّيْنَا عَلَيْكَ الْمَذَاهِبَا

وَلَكِنْ اخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَإِنْ أَلَحَّ أَجَابَهُ بِذَلِكَ، وَحَاصِلُ الثَّانِي أَنَّ اخْتِلَافَ أَئِمَّةِ الْهُدَى تَوْسِعَةٌ عَلَى النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي جَانِبٍ وَهُمَا فِي جَانِبٍ خُيِّرَ الْمُفْتِي وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا إلَّا إذَا اصْطَلَحَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ الْآخَرِ فَيَتَّبِعُهُمْ كَمَا اخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَوْلَ زُفَرَ فِي مَسَائِلَ.

وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَخَذَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مُجْتَهِدًا بِرَأْيِهِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ وُجُوهَ الْفِقْهِ، وَيُشَاوِرُ أَهْلَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِفْتَاءُ بِالْقَوْلِ الْمَهْجُورِ لِجَرِّ مَنْفَعَةٍ وَلَا يَرْجُو عَلَيْهِ دُنْيَا، وَرَدَّ مُفْتٍ زِرًّا عَلَى خَيَّاطٍ مُسْتَفْتٍ وَقَلَعَهُ مِنْ ثَوْبِهِ تَحَرُّرًا عَنْ شُبْهَةِ الرِّشْوَةِ، وَمِنْ شَرَائِطِهَا حِفْظُهُ التَّرْتِيبَ وَالْعَدْلَ بَيْنَ الْمُسْتَفْتِينَ لَا يَمِيلُ إلَى الْأَغْنِيَاءِ وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَالْأُمَرَاءِ بَلْ يَكْتُبُ جَوَابَ السَّابِقِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَمِنْ آدَابِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَرَقَةَ بِالْحُرْمَةِ وَيَقْرَأَ الْمَسْأَلَةَ بِالْبَصِيرَةِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ السُّؤَالُ، ثُمَّ يُجِيبُ وَإِذَا لَمْ يَتَّضِحْ السُّؤَالُ سَأَلَ مَنْ الْمُسْتَفْتِي وَلَا يَرْمِي بِالْكَاغَدِ إلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَكَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَأْخُذُ الرُّقْعَةَ مِنْ يَدِ امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ، وَكَانَ لَهُ تِلْمِيذٌ يَأْخُذُ مِنْهُمْ وَيَجْمَعُهَا وَيَرْفَعُهَا فَيَكْتُبُهَا تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ، وَالْأَحْسَنُ أَخْذُ الْمُفْتِي مِنْ كُلِّ أَحَدٍ تَوَاضُعًا، وَيَجُوزُ لِلشَّابِّ الْفَتْوَى إذَا كَانَ حَافِظًا لِلرِّوَايَاتِ وَاقِفًا عَلَى الدِّرَايَاتِ مُحَافِظًا عَلَى الطَّاعَاتِ مُجَانِبًا لِلشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَالْعَالِمُ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَالْجَاهِلُ صَغِيرٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ الْمُفْتِيَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِقَوْلِ زُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، وَلَا يُخَيَّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا، وَإِذَا اخْتَلَفَ مُفْتِيَانِ يَتَّبِعُ قَوْلَ الْأَفْقَهِ مِنْهُمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَوْرَعُهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَقِبَ جَوَابِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ نَحْوَهُ وَقِيلَ فِي الْعَقَائِدِ يَكْتُبُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

وَنَحْوُهُ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْإِفْتَاءَ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِلْأَهْلِ، وَلَا يَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ إلَّا لِمَنْ عَرَفَ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ، وَعَرَفَ مِنْ أَيْنَ قَالُوا فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ لَا يَخْتَارُ قَوْلًا

ــ

[منحة الخالق]

[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

فَصْلٌ فِي التَّقْلِيدِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>