للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَضْمَنُ وَأَحَالَهُ إلَى شَرِكَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ غَلَطٌ، بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبَعْضِ الْفَتَاوَى ضَعِيفٌ وَأَنَّ الشَّرِيكَ ضَامِنٌ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ عَنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً.

. قَوْلُهُ (وَتَقَبُّلٌ إنْ اشْتَرَكَ خَيَّاطَانِ أَوْ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُفَاوَضَةٌ بَيَانٌ لِشَرِكَةِ الصَّنَائِعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّقَبُّلَ وَالْوُجُوهَ غَيْرُ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ وَقَدَّمْنَا خِلَافَهُ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَشَرِكَةُ التَّقَبُّلِ وَالْوُجُوهِ قَدْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَعَنَانًا فَالْعَنَانُ مَا يَكُونُ فِي تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ، وَالْمُفَاوَضَةُ مَا تَكُونُ فِي كُلِّ التِّجَارَاتِ. اهـ.

وَسَيَأْتِي بَيَانُ فَائِدَةِ كَوْنِهَا مُفَاوَضَةً وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّحْصِيلُ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَكِيلًا فِي النِّصْفِ أَصِيلًا فِي النِّصْفِ تَحَقَّقَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْعَمَلِ قَالُوا وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لَهَا وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا لَا يَتَفَاوَتُ، فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَكَ خَيَّاطَانِ صَانِعَانِ، وَلَوْ حُكْمًا اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَمَلًا حَلَالًا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اشْتَرَكَ مُعَلِّمَانِ لِحِفْظِ الصِّبْيَانِ وَتَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَالْقُرْآنِ فَإِنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمَا إذَا كَانَ لَهُ آلَةُ الْقِصَارَةِ وَلِآخَرَ بَيْتٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا فِي بَيْتِ هَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَا سَائِرُ الصِّنَاعَاتِ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَدَاةُ الْقِصَارَةِ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَسَدَتْ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَدَاةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْجَمَّالِينَ عَلَى أَنْ يَمْلَأَ أَحَدُهُمْ الْجُوَالِقَ وَيَأْخُذَ الثَّانِي فَمَهَا وَيَحْمِلَهَا عَلَى الثَّالِثِ فَيَنْقُلَهُ إلَى بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَادُهَا لِهَذِهِ الشُّرُوطِ فَإِنَّ شَرِكَةَ الْحَمَّالِينَ صَحِيحَةٌ إذَا اشْتَرَكَ الْحَمَّالُونَ فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي تَقَبُّلِ كُتُبِ الْحُجَّاجِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ جَائِزَةٌ. اهـ.

وَقُلْنَا: وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي صَنْعَةٍ وَلَمْ يُحْسِنْهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْعَمَلِ حَلَالًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَكَا فِي عَمَلٍ حَرَامٍ لَمْ يَصِحَّ. اهـ.

وَقَيَّدْنَا بِإِمْكَانِ اسْتِحْقَاقِهِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ فِي عَمَلِهِمْ وَلَا شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالزَّمْزَمَةِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِمْ وَلَا شَرِكَةُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالسُّؤَالِ لَا يَصِحُّ وَلِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةً مِنْ الْقُرَّاءِ اشْتَرَكُوا فِي الْمَجْلِسِ وَالْمَعَازِي بِالزَّمْزَمَةِ وَالْأَلْحَانِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَكُوا فِيهِ لَا يَكُونُ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى أَحَدِهِمْ اهـ.

وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْمَتَاعَ وَيَعْمَلَ الْآخَرُ أَوْ يَقْبَلَ أَحَدُهُمَا الْمَتَاعَ وَيَقْطَعَهُ، ثُمَّ يَدْفَعَهُ إلَى الْآخَرِ لِلْخِيَاطَةِ بِالنِّصْفِ جَازَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَقَطْ لَوْ تَقَبَّلَ جَازَ فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الصَّانِعِ أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَقَطْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ السُّكُوتِ جَعَلَ إثْبَاتَهَا اقْتِضَاءً وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ النَّفْيِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا مَا إذَا شَرَطَاهُ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا

ــ

[منحة الخالق]

الْأَشْبَاهِ فِي الْوَدِيعَةِ.

[اشْتَرَكَ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا]

(قَوْلُهُ: قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَادُهَا لِهَذِهِ الشُّرُوطِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قُدِّمَ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الشَّرِكَةُ تَبْطُلُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ التَّفَاضُلَ فِي الْوَضِيعَةِ لَا تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ وَتَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ عَشَرَةٍ لِأَحَدِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِأَكْثَرِ الشُّرُوطِ. اهـ. وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لِيَشْمَلَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ لَا خُصُوصُ الْخِيَاطَةِ وَلِذَا قَالُوا مِنْ صُوَرِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَجْلِسَ آخَرُ عَلَى دُكَّانِهِ فَيَطْرَحَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ وَمِنْ الْآخَرِ الْحَانُوتَ وَاسْتُحْسِنَ جَوَازُهَا؛ لِأَنَّ التَّقَبُّلَ مِنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ عَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ) لِأَنَّ عَمَلَ الدَّلَّالَةِ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَلَّالًا يَبِيعُ لَهُ أَوْ يَشْتَرِي فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ أَجَلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي إجَارَةِ الْمُجْتَبَى.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعَازِي بِالزَّمْزَمَةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعِزُّ الصَّبْرُ أَوْ حُسْنُهُ كَالتَّعْزُوَةِ وَالزَّمْزَمَةُ الصَّوْتُ الْبَعِيدُ لَهُ دَوِيُّ وَتَتَابُعُ صَوْتِ الرَّعْدِ وَالْمُرَادُ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَأْتَمِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْأَمْوَاتِ مَعَ التَّمْطِيطِ، قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَالْمُؤَلِّفُ بَالَغَ فِي النَّكِيرِ عَلَى إقْرَارِهِمْ عَلَى هَذَا فِي زَمَانِهِ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ وَمَنَعَ جَوَازَهَا وَجَوَازَ سَمَاعِهَا وَقَالَ بِوُجُوبِ إنْكَارِهَا وَأَطْنَبَ فِي إنْكَارِهَا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا مَطَّطَ تَمْطِيطًا يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ حَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ إذَا سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>