للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَفَاوِتٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحْذَقَ فَإِنْ شَرَطَا الْأَكْثَرَ لِأَدْنَاهُمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. اهـ.

وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ لَا بِحَقِيقَتِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقَامُوسِ، وَقَدْ قَبِلَ بِهِ كَنَصَرَ وَسَمِعَ وَضَرَبَ قُبَالَةً وَقَبَّلْت الْعَامِلَ الْعَمَلَ تَقَبُّلًا نَادِرٌ وَالِاسْمُ الْقُبَالَةُ وَتَقَبَّلَهُ الْعَامِلُ تَقْبِيلًا نَادِرٌ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُمَا) يَعْنِي فَيُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمَلِ وَيُطَالِبُ بِالْأَجْرِ وَيَبْرَأُ الدَّافِعُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مُفَاوَضَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا إذَا أَطْلَقَاهَا أَوْ صَرَّحَا بِالْعَنَانِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَقْتَضِي الْمُفَاوَضَةَ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلضَّمَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَمَلِ مَضْمُونٌ عَلَى الْآخَرِ وَلِذَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِسَبَبِ نَفَاذِ تَقَبُّلِهِ عَلَيْهِ فَجَرَى مَجْرَى الْمُفَاوَضَةِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ وَاقْتِضَاءِ الْبَدَلِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ جَرَيَانَهُ مَجْرَى الْمُفَاوَضَةِ بِهَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَمْ يَجْرِ هَذَا الْعَقْدُ مَجْرَى الْمُفَاوَضَةِ حَتَّى قَالُوا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ أَوْ أُشْنَانٍ مُسْتَهْلَكٍ أَوْ أَجَّرَ أَجِيرًا، وَأُجْرَةُ بَيْتٍ لِمُدَّةٍ مَضَتْ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَلْزَمُهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يُوجَدْ وَنَفَاذُ الْإِقْرَارِ مُوجِبُ الْمُفَاوَضَةِ.

كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَبِهِ عُلِمَ فَائِدَةَ كَوْنِهَا مُفَاوَضَةً لَوْ صَرَّحَ بِهَا لِيَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ مَا أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُهُ مُطْلَقًا وَتَقْيِيدُهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَبِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَهْلَكْ وَمُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَمْ تَمْضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِهَذِهِ الشَّرِكَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ وَحُكْمُهَا أَنْ يَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ، وَالتَّوْكِيلُ بِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ يُحْسِنُ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ لَا يُحْسِنُ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الشَّرِكَةِ قَدْ يَكُونُ عَنَانًا، وَقَدْ يَكُونُ مُفَاوَضَةً عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ بِمَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَمَتَى كَانَ عَنَانًا فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ السَّبَبَ دُونَ صَاحِبِهِ بِقَضِيَّةِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ أُطْلِقَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ كَانَتْ عَنَانًا وَإِنْ شَرَطَا الْمُفَاوَضَةَ كَانَتْ مُفَاوَضَةً فَإِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ وَالشَّرِكَةُ عَنَانٌ أَوْ مُفَاوَضَةٌ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا فَضْلًا فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُجْرَةِ جَازَ إذَا كَانَا شَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ضَمَانِ مَا يَتَقَبَّلَانِهِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَا جَنَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَرِضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ سَافَرَ أَوْ بَطَلَ فَعَمِلَ الْآخَرُ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ وَإِلَى أَيِّهِمَا دَفَعَ الْأَجْرَ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَاصَّا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ تَقَبُّلَ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ جُعِلَ كَتَقَبُّلِ الْآخَرِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ فِي بَابِ ضَمَانِ الْعَمَلِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا لِلْخِيَاطَةِ وَأَقَرَّ بِهِ الْآخَرُ صَحَّ إقْرَارُهُ بِدَفْعِ الثَّوْبِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْمُتَفَاوِضِينَ فَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ وَأَخَذَ هُوَ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ وَنَحْوِهِ لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ اهـ.

وَفِيهَا قَبْلَهُ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنَّهُ يَخِيطُ بِنَفْسِهِ لَا يُطَالَبُ الْآخَرُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا لَزِمَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْعَمَلِ يَلْزَمُ الْآخَرَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُسْتَأْجِرُ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْتُ: مَا صُورَةُ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ فِيهَا؟ قُلْتُ: قَالَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ اشْتَرَطَ الصَّانِعَانِ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا جَمِيعًا الْأَعْمَالَ وَأَنْ يَضْمَنَا الْعَمَلَ جَمِيعًا عَلَى التَّسَاوِي وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا لَحِقَهُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَسْبُ أَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُسِمَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا أَمَّا الْعَامِلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْعَمَلُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>