للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَهَا وَقَعَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْخِيَارِ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْخَبَرِ بِهِ فَكَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الزَّوْجِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِغَيْرِهِ زَوِّجْنِي امْرَأَةً فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهَا الْأَمْرَ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ مِنْ الزَّوْجِ لَوْ قَالَ: زَوِّجْنِي امْرَأَةً وَاشْتَرَطَ لَهَا عَلَى أَنِّي إنْ تَزَوَّجْتهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ بِيَدِهَا بِلَا شَرْطِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ عَلَّقَ بِالتَّزَوُّجِ لَا بِشَرْطٍ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي يَقَعُ وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَفِي الِاخْتِيَارِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لِلْإِضْرَابِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ اهـ. وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ، وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ)

أَخَّرَهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ لِتَأَيُّدِ التَّخْيِيرِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ خِلَافٌ لَيْسَ فِيهِ إجْمَاعٌ وَقَدَّمَ كَثِيرَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِيقَاعَ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ ثَابِتٌ اسْتِحْسَانًا فِي جَوَابِ اخْتَارِي لَا قِيَاسًا بِخِلَافِهِ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ وَأَمَّا الْإِيقَاعُ بِلَفْظِ أَمْرِي بِيَدِي فَلَا يَصِحُّ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا، وَالْحَقُّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْبَابَيْنِ فِي الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانِ فَإِنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ بِقَوْلِهَا اخْتَرْت نَفْسِي عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ أَيْضًا، وَالتَّفْوِيضُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ، وَالْأَمْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْحَالِ، وَالْيَدُ بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ وَقَعْنَ) أَيْ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُخْتَارِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ إلَيْهَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَقِيلَ لَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ، والولوالجية، وَفِيهَا: أَعَرْتُك طَلَاقَك كَأَمْرُك بِيَدِك، وَالْوَاحِدَةُ فِي كَلَامِهِمَا صِفَةُ الِاخْتِيَارَةِ فَصَارَ كَأَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً وَأَرَادَ بِنِيَّةِ الثَّلَاثِ نِيَّةَ تَفْوِيضِهَا.

وَأَشَارَ بِذِكْرِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَقَالَتْ إلَى اشْتِرَاطِ الْمَجْلِسِ وَبِخِطَابِهَا إلَى أَنَّ عِلْمَهَا شَرْطٌ حَتَّى لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَالْخَانِيَّةِ وَبِذِكْرِ النَّفْسِ فِي جَوَابِهَا إلَى اشْتِرَاطِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالتَّفْوِيضِ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْيَدِ كَالتَّخْيِيرِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِهِ سِوَى نِيَّةِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ هُنَا لَا فِي التَّخْيِيرِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ، وَالْخُصُوصَ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ، وَفِي الْبَدَائِعِ الْأَمْرُ بِالْيَدِ كَالتَّخْيِيرِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا نِيَّتُهُ الثَّلَاثَ، وَالثَّانِي أَنَّ فِي اخْتَارِي لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّفْسِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا لِلدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ طَلَّقْت، وَلَمْ تَقُلْ نَفْسِي لَا يَقَعُ كَمَا فِي الْخِيَارِ لَوْ قَالَتْ اخْتَرْت لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَتْ عَنَيْت نَفْسِي إنْ كَانَتْ فِي الْمَجْلِسِ تُصَدَّقُ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي مُخَالَفَةِ مَا فِي الْبَدَائِعِ الْأَمْرُ بِالْيَدِ كَالتَّخْيِيرِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ فَدَلَّ عَلَى ضَعْفِهِ وَقَيَّدَ نِيَّةَ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا أَوْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ وَقَعَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّفْوِيضِ إلَيْهَا دِيَانَةً أَوْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَيْهِ قَضَاءً، وَفِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا فِي الْخُصُومَةِ إنْ كَانَ مَا فِي يَدَك فِي يَدِي اسْتَنْقَذْت نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ الَّذِي فِي يَدِي فِي يَدِك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ قُولِي مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ بِقَوْلِي الَّذِي فِي يَدِي فِي يَدِك فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهَا ثَانِيًا طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهَا قَوْلِي مَرَّةً

ــ

[منحة الخالق]

[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ]

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ. . إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِمَا هُنَا وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْأَمْرُ بِالْيَدِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ فُلَانٍ مُرْسَلًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مُوَقَّتًا فَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا أَوْ كَانَ مُوَقَّتًا كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ فُلَانٍ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا عَلِمَا بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا أَقُولُ: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا عَلِمَا وَقْتَ التَّفْوِيضِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا وَعَلِمَا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ التَّجْرِيدِ سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِنِيَّةِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ. . . إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَتْ: اللَّهُمَّ نَجِّنِي مِنْك فَقَالَ الزَّوْجُ أَمْرُك بِيَدِك وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ الْعَدَدَ فَقَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ نَجَوْت لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ كَانَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَلَمْ يَنْوِ الْعَدَدَ وَقَوْلُهُ: نَجَوْت يَحْتَمِلُ الِاسْتِهْزَاءَ وَتَقَعُ وَاحِدَةً فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ. اهـ.

لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا فِي عَكْسِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ أَنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ نُقِلَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك يَنْوِي وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً عِنْدَهُ وَذَكَرَهُ فِي الْمِعْرَاجِ، وَالْعِنَايَةِ فَإِذَا قَالَ: بِيَدِك وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْ الْعَدَدِ فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا كَيْفَ لَا تَقَعُ الْوَاحِدَةُ عِنْدَهُ بَلْ الْوُقُوعُ بِالْأَوْلَى اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>