للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَفَاةِ أَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْقِنَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ وَالْمُسْتَسْعَاةَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَقَةَ الْبَعْضِ أَوْ لَا كَالْمُعْتَقَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُدَبَّرَةِ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهَا فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَحُرٍّ مَدْيُونٍ عِنْدَهُمَا وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الدُّخُولِ فِي الْأَمَةِ إلَّا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ نِعْمَةً وَعُقُوبَةً لَكِنْ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّهَارَةِ هُمَا سَوَاءٌ، وَفِي صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ هُمَا سَوَاءٌ، وَفِي أَجَلِ الْعِنِّينِ هُمَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ إيلَاءِ الْأَمَةِ فَإِنَّهَا عَلَى النِّصْفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْحُدُودِ عَلَى النِّصْفِ، وَفِي النِّكَاحِ عَلَى النِّصْفِ، وَفِي الطَّلَاقِ عَلَى النِّصْفِ وَاعْتِبَارُهُ بِالْمَرْأَةِ، وَفِي الْقِصَاصِ هُمَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ فَهُوَ مُنَصِّفٌ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ وَمَا فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالْقِصَاصِ.

وَدَلِيلُ التَّنْصِيفِ فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ الْحَدِيثُ «وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» وَأُورِدَ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِعُمُومِ الْقَطْعِيِّ وَتَخْصِيصُ الْعَامِّ ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ بِأَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ أَوْ لِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْحَرَائِرِ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ {مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٩] {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: ٢٣٠] {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ تُوُفِّيَ عَنْ امْرَأَةٍ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ وَاعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لَزِمَهُ الْوَلَدُ إلَى سَنَتَيْنِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ: لَسْت بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ مِنْ الْغَدِ: أَنَا حَامِلٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ: لَسْتُ بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ وَلِلْحَامِلِ وَضْعُهُ) أَيْ: وَعِدَّةُ الْحَامِلِ وَضْعُ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] أَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَارَكَةً فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ يُرِيدُ بِالْقُصْرَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] وَبِالطُّولَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] الْآيَةَ وَالْمُبَاهَلَةُ الْمُلَاعَنَةُ، وَفِي رِوَايَةِ مَنْ شَاءَ لَاعَنَتْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ حَالَفَتْهُ وَكَانُوا إذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمْرٍ يَقُولُونَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِ مِنَّا قَالُوا وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي زَمَانِنَا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَيَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَعْتَدُّ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ يَعْنِي لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ وَمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ هَذَا مَعْنَى أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ وَفِي التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَقُلْ إنَّ آيَةَ الْقُصْرَى مُخَصِّصَةٌ لِآيَةِ الطُّولَى لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَعَمُّ مِنْ الْأُخْرَى مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْهَا مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّ الْحَامِلَ قَدْ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ لَا يُتَوَفَّى وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَدْ تَكُونُ حَامِلًا وَقَدْ لَا تَكُونُ فَامْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا مُخَصِّصَةً لِلْأُخْرَى الثَّانِي أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: ٤] إنَّمَا وَرَدَ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُطَلَّقَاتِ فَرُبَّمَا كَانَتْ فِي الْمُطَلَّقَةِ فَلِهَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ لَمْ يُعَوِّلْ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى السُّنَّةِ وَهُوَ حَدِيثُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ اهـ.

وَحَاصِلُ مَا فِي التَّلْوِيحِ أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ فِي حَقِّ الْحَامِلِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَعَلَى رَأْيِ عَلِيٍّ مِنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ يَثْبُتُ حُكْمُ التَّعَارُضِ بِقَدْرِ مَا تَعَارَضَا فِيهِ فَرَجَعْنَا إلَى السُّنَّةِ وَعَلَى رَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْقَائِلِ بِتَأَخُّرِ الْقُصْرَى كَانَتْ الْقُصْرَى نَاسِخَةً لِلطُّولَى فِيمَا تَعَارَضَا فِيهِ وَهِيَ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَقَطْ اهـ.

مَا فِي التَّلْوِيحِ هُنَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا قُلْنَاهُ فِي زَوْجَةِ الْفَارِّ وَقَدْ سَهَا صَاحِبُ الْمِعْرَاجِ فَفَسَّرَ أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ الْمَرْوِيَّ عَنْ

ــ

[منحة الخالق]

[عِدَّةُ الْأَمَةِ]

(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ) أَيْ: فَهُوَ غَيْرُ مُنْصِفٍ بَلْ هُمَا فِيهَا سَوَاءٌ، وَكَذَا مَا فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ كَالْكَفَّارَاتِ، وَقَوْلُهُ وَالْإِيلَاءِ وَالْقِصَاصِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْإِيلَاءِ سَبْقُ قَلَمٍ لِعَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ آنِفًا فَالصَّوَابُ إبْدَالُهُ بِأَجَلِ الْعِنِّينِ تَأَمَّلْ.

[عِدَّةُ الْحَامِلِ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْحَامِلِ وَضْعُهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَرْعٌ لَوْ مَاتَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا وَمَكَثَ مُدَّةً بِمَاذَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَبْقَى مُعْتَدَّةً إلَى أَنْ يَنْزِلَ أَوْ تَبْلُغَ مُدَّةَ الْإِيَاسِ اهـ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَوْلُهُ أَوْ تَبْلُغَ مُدَّةَ الْإِيَاسِ فِيهِ أَنَّهُ مُنَافٍ لِلْآيَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ نَقْلًا عَنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَنْقَضِي مَعَ وُجُودِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ قَالَ وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلرَّمْلِيِّ، وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ لِابْنِ قَاسِمٍ قَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْتَى جَمَاعَةُ عَصْرِنَا بِتَوَقُّفِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عَلَى خُرُوجِهِ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ إذَا أُيِسَ مِنْ خُرُوجِهِ لِتَضَرُّرِهَا بِمَنْعِهَا مِنْ التَّزَوُّجِ اهـ.

وَلَا شَيْءَ مِنْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا يَدْفَعُ مَا قَالُوهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ اهـ. مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا قُلْنَاهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا هَذَا مَعْنَى أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>