للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِيَارَ الْعَيْبِ يَسْقُطُ بِالْعِلْمِ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ وَالرِّضَا بِهِ بَعْدَهُمَا أَوْ اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ الصُّلْحِ عَلَى شَيْءٍ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ عَيْبَهُ حَادِثٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ قَدِيمٌ لَا يَرُدُّهُ أَوْ الْإِقْرَارُ بِأَنْ لَا عَيْبَ بِهِ إذَا عَيَّنَهُ قَالَ فِي الصُّغْرَى إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِانْتِفَاءِ الْعُيُوبِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ لَيْسَ بِآبِقٍ كَانَ إقْرَارًا بِانْتِفَاءِ الْإِبَاقِ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الشُّهُودِ بِالْعَيْبِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ الشَّاهِدُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الشَّاهِدُ فَوَجَدَهُ آبِقًا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ رَدُّهُ بِإِبَاقِهِ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْبَائِعَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَرْشِ الْعَيْبِ صَحَّ وَكَانَ إقْرَارًا مِنْهَا بِالْعَيْبِ وَكَذَا الْبَائِعُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ كَانَ إقْرَارًا بِهِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ وَأَمَّا ضَمَانُهُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى عَبْدًا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ وَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي يَضْمَنُ لِأَنَّهُ ضَمَانُ الْعُيُوبِ وَإِنْ ضَمِنَ السَّرِقَةَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ أَوْ الْجُنُونَ أَوْ الْعَمَى فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ مَاتَ عِنْدَهُ قَبْلَ الرَّدِّ قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّقْصِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الضَّامِنِ وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ بِحِصَّةِ مَا يَجِدُهُ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ عَلَى الضَّامِنِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَقَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَنْ الثَّانِي قَالَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنْت لَك عَمَاهُ فَكَانَ أَعْمَى فَرَدَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الضَّامِنِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَعْمَى فَعَلَى حِصَّةِ الْعَمَى مِنْ الثَّمَنِ فَرَدَّهُ ضَمِنَ حِصَّةَ الْعَمَى وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنْت لَك هَذَا الْعَيْبَ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

أَخَّرَهُ لِكَوْنِهِ عَقْدًا مُخَالِفًا لِلدِّينِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَصَرَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ بِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ رَفْعُهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَهُوَ رِبًا وَالْفَاسِدُ لَهُ مَعْنَيَانِ لُغَوِيٌّ وَاصْطِلَاحِيٌّ فَالْأَوَّلُ فَسَدَ كَنَصَرَ وَعَقَدَ وَكَرَمَ فَسَادًا وَفُسُودًا ضِدُّ صَلَحَ فَهُوَ فَاسِدٌ وَفَسِيدٌ مِنْ فَسَدَى وَلَمْ يُسْمَعْ انْفَسَدَ، وَالْفَسَادُ أَخْذُ الْمَالِ ظُلْمًا، وَالْجَدْبُ وَالْمَفْسَدَةُ ضِدُّ الْمَصْلَحَةِ، وَفَسَّدَهُ تَفْسِيدًا أَفْسَدَهُ، وَتَفَاسَدُوا: قَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَاسْتَفْسَدَ ضِدُّ اسْتَصْلَحَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسَادَ إلَى الْحَيَوَانِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى النَّبَاتِ، وَإِلَى النَّبَاتِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْجَمَادِ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ فِي الْحَيَوَانِ أَكْثَرُ مِنْ الرُّطُوبَةِ فِي النَّبَاتِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لِلطَّبِيعَةِ عَارِضٌ فَتَعْجِزُ الْحَرَارَةُ بِسَبَبِهِ عَنْ جَرَيَانِهَا فِي الْمَجَارِي الطَّبِيعِيَّةِ الدَّافِعَةِ لِعَوَارِضِ الْعُفُونَةِ فَتَكُونُ الْعُفُونَةُ بِالْحَيَوَانِ أَشَدَّ تَثَبُّتًا مِنْهَا بِالنَّبَاتِ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَهَذِهِ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ يُقَدِّمُ الْقَاضِي مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَيَبْدَأُ بِبَيْعِ الْحَيَوَانِ، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ، وَالْمَفْسَدَةُ خِلَافُ الْمَصْلَحَةِ، وَجَمْعُهَا الْمَفَاسِدُ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا تَغَيَّرَ وَصْفُهُ، وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِمَا فِي الْبِنَايَةِ يُقَالُ: فَسَدَ اللَّحْمُ إذَا نَتَنَ مَعَ بَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي قَالُوا هُوَ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ لَا بِوَصْفِهِ، وَلَا يَخْفَى مُنَاسَبَتُهُ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَمُرَادُهُمْ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ أَصْلِهِ كَوْنُهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَا جَوَازُهُ، وَصِحَّتُهُ فَإِنَّ كَوْنَهُ فَاسِدًا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَلَقَدْ تَسَمَّحَ فِي الْبِنَايَةِ حَيْثُ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ مَا لَا يَصِحُّ وَصْفًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَصْلًا، وَلَا صِحَّةَ لِلْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا الْمَشْرُوعِيَّةَ عَلَى الْأَصْلِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ الْوَصْفِ لَكَانَ مَشْرُوعًا، وَإِلَّا فَمَعَ اتِّصَافِهِ بِالْوَصْفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَبْقَى مَشْرُوعًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ أَوْ الْإِقْرَارُ بِأَنْ لَا عَيْبَ بِهِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ.

[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>