لِلْمُشْتَرِي وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ أَبْرَأَهُ مِنْ شَجَّةٍ بِهِ أَوْ عَيْبٍ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ غَائِلَةٍ فَهِيَ فِي السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْفُجُورِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فَهُوَ عَلَى مَا فِي الْبَاطِنِ فِي الْعَادَةِ وَمَا سِوَاهُ يُسَمَّى مَرَضًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ وَلَوْ قَبِلَ الثَّوْبَ بِعُيُوبِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْخُرُوقِ وَتَدْخُلُ الرُّقَعُ وَالرَّفْوُ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ سِنٍّ سَوْدَاءَ تَدْخُلُ الْحَمْرَاءُ وَالْخَضْرَاءُ وَمِنْ كُلِّ قَرْحٍ تَدْخُلُ الْقُرُوحُ الدَّامِيَةُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَالْأَثَرُ الَّذِي بَرِئَ مِنْهُ وَلَا يَدْخُلُ الْكَيُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ أَعْوَرُ لَا يَبْرَأُ لِأَنَّهُ عَدَمُهَا لَا عَيْبَ وَكَذَا لَوْ قَالَ بِيَدِهِ فَإِذَا هِيَ مَقْطُوعَةٌ لَا يَبْرَأُ بِخِلَافِ قَطْعِ الْإِصْبَعِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهِ وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْإِبَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّؤَ عَنْ إبَاقٍ مَوْجُودٍ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرُّؤَ عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ اهـ.
وَلَوْ قَالَ أَنْت بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي قَبْلَك دَخَلَ الْعَيْبُ هُوَ الْمُخْتَارُ دُونَ الدَّرْكِ وَفِي الصُّغْرَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ إذَا أَبْرَأَ بَائِعَهُ عَنْ الْعَيْبِ بَعْدَمَا اطَّلَعَ الثَّانِي عَلَيْهِ صَحَّ وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إذَا رُدَّ عَلَيْهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْعُيُوبِ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهَا فَهَذِهِ بَرَاءَةٌ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ. اهـ.
وَفِيهَا بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْبِ وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ أَوْ عَيْبَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا بِذَلِكَ الْعَيْبِ بَيَانُهُ إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَذَا الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَسَلَّمَهُمَا إلَى الْمُشْتَرِي فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْآخِرِ عَيْبًا لَزِمَهُ الْمَعِيبُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَيَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى الْعَبْدَيْنِ وَهُمَا صَحِيحَانِ لَا عَيْبَ بِهِمَا فَإِذَا عُرِفَتْ حِصَّةُ الْمُسْتَحَقِّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ بِهَذَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا فَوَجَدَ بِاَلَّذِي بَرِئَ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ صَحِيحًا وَعَلَى قِيمَةِ الْآخَرِ وَبِهِ عَيْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا عُرِفَتْ حِصَّةُ الْمُسْتَحَقِّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ اهـ. مَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصُّلْحَ عَنْ الْعَيْبِ كَمَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَفَالَةَ بِهِ وَقَدَّمْنَا طَرَفًا مِنْهُمَا وَلَا بَأْسَ بِذَكَرِهِمَا هُنَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّافِعُ الْبَائِعَ وَالْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ جَائِزًا حَطًّا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ لَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ كُلَّ عَشَرَةٍ وَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ وَرَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ جَازَ وَجَازَ حَطُّ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَلَوْ قَصَّرَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ فَإِذَا هُوَ مُتَخَرِّقٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَدْرِي تَخَرَّقَ عِنْدَ الْقَصَّارِ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَالْبَائِعُ دِرْ هُمَا جَازَ وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعُ لَهُ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَيَتْرُكُ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا قِيلَ هَذَا غَلَطٌ وَتَأْوِيلُهُ أَنْ يَضْمَنَ الْقَصَّارُ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لِلْبَائِعِ اهـ.
وَفِي الصُّغْرَى ادَّعَى عَيْبًا فِي جَارِيَةٍ فَأَنْكَرَ فَاصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ هَذَا الْعَيْبُ أَوْ كَانَ بِهَا لَكِنْ بَرِئَتْ وَصَحَّتْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ مَا أَدَّى مِنْ الْبَدَلِ وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مُشْتَرِيهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ إنْ زَالَ بِمُعَالَجَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَفِيهَا اشْتَرَى حِمَارًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَأَرَادَ الرَّدَّ فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا بِدِينَارٍ وَأَخَذَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ قَدِيمًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الدِّينَارِ وَقِيلَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ اهـ.
وَإِلَى هُنَا ظَهَرَ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
يَصِحُّ لِأَنَّ الْغَرَضَ إيجَادُ الْبَيْعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ. اهـ.
وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عِنْدَ مُتَابَعَةِ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ دَخَلَ الْعَيْبُ دُونَ الدَّرْكِ) لِأَنَّ الْعَيْبَ حَقٌّ لَهُ قِبَلَهُ لِلْحَالِّ وَالدَّرْكُ لَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute