للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَضْمَنُ فَلَوْ طَلَبهَا مِنْهُ فَقَالَ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَ عَنْ رِضًا وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ مَا إذَا كَانَ الْمُودَعُ يُمْكِنُهُ وَكَانَ كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ صَادِقًا فَلَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا قُلْنَا وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَهَا وَكِيلًا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ طَلَبِهِ اُطْلُبْهَا غَدًا ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهَا فَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ احْمِلْهَا إلَيَّ الْيَوْمَ فَمَضَى وَلَمْ يَحْمِلْهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْ رَسُولِ الْمَالِكِ وَقَالَ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا لَا يَضْمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَنْعِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَك وَبَيَّنَ عَلَامَةَ كَذَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَبَيَّنَ رَجُلٌ تِلْكَ الْعَلَامَةَ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَمَنْعُهُ مِنْهُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَظْهَرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

(قَوْلُهُ أَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ حَتَّى لَا تَتَمَيَّزَ ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهَا وَإِذَا ضَمِنَهَا مَلَكَهَا وَلَا تُبَاحُ لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ أَبْرَأهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ خَلْطَ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَخَلْطِ الزَّيْتِ بِالشَّيْرَجِ وَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَبِالْحِنْطَةِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ بَعْدَ الْإِذَابَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُودَعِ هُوَ الْخَالِطُ لِأَنَّ الْخَالِطَ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَلَا يَضْمَنُ أَبُوهُ لِأَجْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا لَا تَتَمَيَّزُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ كَخَلْطِ الْجَوْزِ بِاللَّوْزِ وَالدَّرَاهِمِ السُّودِ بِالْبِيضِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ إجْمَاعًا وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُهُ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ لَا عَدَمُ إمْكَانِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ خَلَطَهَا بِإِذْنِهِ كَانَ شَرِيكًا لَهُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ اشْتَرَكَا) يَعْنِي وَكَانَتْ شِرْكَةَ مِلْكٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْفِقْ بَعْضَهَا فَرَدَّ مِثْلَهُ فَخَلَطَهُ بِالْبَاقِي ضَمِنَ الْكُلَّ) أَيْ الْبَعْضَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْبَعْضَ بِالْخَلْطِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا وَرَدُّ مِثْلِهِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَقَدْ خَلَطَهُ بِمَا بَقِيَ

ــ

[منحة الخالق]

[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا بِوَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَحَبَسَهَا لَا يَضْمَنُ فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ إلَى مَا ذَكَرَهُ بُعَيْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَك وَبَيَّنَ عَلَامَةَ كَذَا إلَخْ كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ فَرْعُ التَّجْنِيسِ وَفَرْعُ مَنْ جَاءَك بِعَلَامَةِ كَذَا يُحَجُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ لِيُوَصِّلَهَا إلَى الْأَصِيلِ بِنَفْسِهِ لِتَكْذِيبِهِ إيَّاهُ وَفَرْعُ الْخُلَاصَةِ فِيهِ الْمَنْعُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّرْكِ وَالذَّهَابِ عَنْ رِضَا إلَى وَقْتٍ آخَرَ وَفِيهِ إنْشَاءُ إيدَاعٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ فِي الْفَرْعِ الَّذِي نَفْقَهُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَضْمَنُ فَتَأَمَّلْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَهَا وَكِيلٌ يَضْمَنُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودِعُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. اهـ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ وَرَسُولُ الْمُودِعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي ظَهِيرٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ يَقْبِضُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عُزِلَ الْوَكِيلُ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ بِالرُّجُوعِ صَحَّ كَذَا فِي فَتَاوَاهُ اهـ.

أَقُولُ: ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى قَاضِي ظَهِيرٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ التَّجْنِيسِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودِعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي ظَهِيرٍ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودِعِ بِنَفْسِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي جَوَابِهِ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ عَنْ رِضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُودَعِ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ أَيْ وَأَدْفَعَهَا لَك فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ أَنْشَأَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا فَإِنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ لَا إنْشَاءُ إيدَاعٍ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ) أَيْ الْإِقْرَارِ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ اُطْلُبْهَا غَدًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ظَرْفٌ لِضَاعَتْ لَا لِقَالَ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ طَلَبَهَا رَبُّهَا فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدًا فَقَالَ فِي الْغَدِ تَلِفَتْ قَبْلَ قَوْلِي اُطْلُبْهَا غَدًا ضَمِنَ لِتَنَاقُضِهِ لَا بَعْدَهُ اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>