للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَرْهَنَ وَالْمُودَعُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ أَوْ الثَّوْبِ لَا يُؤَجِّرُ غَيْرَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يُعِيرُ غَيْرَهُ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمِلِ وَالْمُزَارِعُ لَا يَدْفَعُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً إلَى غَيْرِهِ وَالْمُضَارِبُ لَا يُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْضَاعَ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَاشِرَ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُؤَجِّرُ وَيُعَارُ وَيُودَعُ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْهَنَ وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَيْءٍ فِي الرَّهْنِ غَيْرِ الْإِمْسَاكِ لَا يَبِيعُ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعِيرُ وَلَا يَلْبَسُ وَلَا يَسْتَخْدِمُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْحَرْقَ أَوْ الْغَرَقَ فَيُسَلِّمَهَا إلَى جَارِهِ أَوْ فُلْكٍ آخَرَ) لِأَنَّ هَذَا تَعَيَّنَ حِفْظًا فَلَا يَضْمَنُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ وَعِنْدَهَا وَدِيعَةٌ فَدَفَعَتْهَا إلَى جَارَةٍ لَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ وَفَاتِهَا بِحَضْرَتِهَا أَحَدٌ مِنْ عِيَالِهَا لَا تَضْمَنُ. اهـ.

لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْحِفْظِ وَلِهَذَا قَالُوا أَيْضًا لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا فِي وَقْتِ الْحَرْقِ وَالْغَرَقِ بِعِيَالِهِ فَدَفَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ وَفِي قَوْلِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى فُلْكٍ آخَرَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَلْقَاهَا فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى وَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَقِرَّ فِيهَا بِأَنْ وَقَعَتْ فِي الْبَحْرِ ابْتِدَاءً أَوْ بِالتَّدَرُّجِ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْحَرْقَ إلَى أَنَّ الْحَرِيقَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَالِبًا مُحِيطًا بِمَنْزِلِ الْمُودَعِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ضَرُورَةً مُسْقِطَةً لِلضَّمَانِ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ فَصَارَ كَمَا إذَا ادَّعَى الْإِذْنَ فِي الْإِيدَاعِ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَفِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ فَلَوْ أَوْدَعَهَا وَهَلَكَتْ فَقَالَ الْمَالِكُ هَلَكَتْ عِنْدَ الثَّانِي وَقَالَ بَلْ رَدَّهُ إلَيَّ وَهَلَكَتْ عِنْدِي لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّ إيدَاعَ الْغَيْرِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ غُصِبَ مِنْ الْمُودِعِ وَهَلَكَتْ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ فَقَالَ الْمُودِعُ قَدْ رَدَّهُ إلَيَّ فَهَلَكَتْ عِنْدِي وَقَالَ لَا بَلْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَهَا رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا) يَعْنِي لَوْ مَنَعَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ طَلَبِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِالْمَنْعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا بِالْمَنْعِ لَا يَضْمَنُ وَلِهَذَا قَالَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَيْفًا فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُودِعِ لِيَضْرِبَ بِهِ رَجُلًا ظُلْمًا فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الظُّلْمِ وَلَوْ أَوْدَعَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ مِنْهَا لِلزَّوْجِ بِمَالٍ أَوْ بِقَبْضِ مَهْرِهَا مِنْ الزَّوْجِ فَلِلْمُودَعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْكِتَابَ إلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ حَقِّ الزَّوْجِ. اهـ.

وَمِنْ الْمَنْعِ ظُلْمًا مَوْتُهُ مُجَهَّلًا وَلِهَذَا قَالَ قَاضِي خان الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ أَحَدُهَا مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ مِنْ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَالثَّانِيَةُ السُّلْطَانُ إذَا خَرَجَ إلَى الْغَزْوِ وَغَنِمُوا وَأَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالثَّالِثَةُ الْقَاضِي إذَا أَخَذَ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَوْدَعَ غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَبِلَ مَالَ الْيَتِيمِ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ اهـ.

وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالتَّجْهِيلِ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الْقَاضِي وَذَكَرَ بَدَلَهَا مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ اهـ.

فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ أَرْبَعَةٌ وَقَيَّدَ فِي الْخُلَاصَةِ ضَمَانَ الْمُودَعِ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا بِأَنْ لَا يَعْرِفَهَا الْوَارِثُ أَمَّا إذَا عَرَفَهَا وَالْمُودَعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ فَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَ الْوَدِيعَةَ وَقَالَ الْوَدِيعَةُ كَذَا وَأَنَا عَلِمْتهَا وَقَدْ هَلَكَتْ صُدِّقَ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَقَالَ هَلَكَتْ سَوَاءٌ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَهَا لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْهَنَ) هَذَا مِنْ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَفِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ آنِفًا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَرْهَنُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ أَوْ سَقَطَتْ كَلِمَةٌ لَا مِنْ عِبَارَةِ أَنْ يَرْهَنَ فِي الْخُلَاصَةِ سَهْوًا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ لَا يُقَالُ لَعَلَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْهَنَ هُوَ الرَّاهِنُ لَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مُحَالَ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَرْهَنُ

(قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فِي بَيْتِهِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>