للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوَائِمَهُ وَلِلْآخَرِ لَحْمَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ بِالْبَيْعِ وَأَحَدُهُمَا لَيْسَ بِأَصْلٍ فَكَانَ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذَا الطَّعَامَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا عَزَلَ مِنْهُ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ، وَلَوْ بَاعَ بِمِائَةٍ إلَّا دِينَارًا كَانَ الْبَيْعُ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اشْتَرَى أَمَةً وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ لِغَيْرِ الْبَائِعِ بِالْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْوَلَدِ بَيْعَ الْجَارِيَةِ جَازَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ بِمَنْزِلَةِ أَجْزَاءِ الْجَارِيَةِ.

[تَتِمَّةٌ لِبَاب الْبَيْع]

(تَتِمَّةٌ)

مِنْهَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ جَازَ وَانْصَرَفَ إلَى نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِهِ انْصَرَفَ إلَى النِّصْفَيْنِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ مِنْهَا أَعْنِي مَسْأَلَةَ الِاسْتِثْنَاءِ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ مُفَرَّعًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرِ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ فَكَيْفَ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا نَقَلْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَدُورُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ: الْأُولَى مَا صَحَّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا كَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ أَوْ لَا وَمَا لَا فَلَا. الثَّانِيَةُ مَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ صَحَّ اشْتِرَاطُهُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَا. الثَّالِثَةُ مَا صَحَّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اتِّفَاقُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ لِهَذَا وَالْبَعْضُ لِهَذَا كَالْبِنَاءِ مَعَ الْأَرْضِ وَمَا لَا فَلَا كَالسَّيْفِ. وَالْحِيلَةُ الرَّابِعَةُ إذَا اسْتَثْنَى مَا يَصِحُّ، فَإِنْ ذَكَرَ لِلْمُسْتَثْنَى ثَمَنًا لَوْ يَكُنْ لِلْإِخْرَاجِ وَكَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ. وَالثَّانِي كَبِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ إلَّا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِلَّا كَانَ لِلْإِخْرَاجِ مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فِي الْمُقَدَّرَاتِ سَقَطَ مَا قَابَلَهُ وَقَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سُفْلَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ قَرَارِ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ وَبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ) أَيْ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ كَالشَّعِيرِ وَفِي الْبِنَايَةِ وَمَنْ أَكَلَ الْفُولِيَّةَ يَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَكَذَا الْأَرُزُّ وَالسِّمْسِمُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْفُسْتُقُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ سُنْبُلِ الْحِنْطَةِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ قَصِيلِ الْبُرِّ بِحِنْطَةٍ وَالْقَصِيلُ الشَّعِيرُ يُجَزُّ أَخْضَرَ لِعَلَفِ الدَّوَابِّ، كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَأَوْرَدَ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ فِي قُطْنٍ بِعَيْنِهِ أَوْ نَوَى تَمْرٍ فِي تَمْرٍ بِعَيْنِهِ أَيْ بَاعَ مَا فِي هَذَا الْقُطْنِ مِنْ الْحَبِّ أَوْ مَا فِي هَذَا التَّمْرِ مِنْ النَّوَى، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهُ أَيْضًا فِي غِلَافِهِ.

وَأَشَارَ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّ النَّوَى هُنَالِكَ مُعْتَبَرٌ عَدَمًا هَالِكًا فِي الْعُرْفِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ هَذَا تَمْرٌ وَقُطْنٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا نَوًى فِي ثَمَرِهِ وَلَا حَبٌّ فِي قُطْنِهِ وَيُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ فِي سُنْبُلِهَا، وَهَذَا لَوْزٌ وَفُسْتُقٌ وَلَا يُقَالُ هَذِهِ قُشُورٌ فِيهَا لَوْزٌ وَلَا يَذْهَبُ إلَيْهِ وَهْمٌ بِخِلَافِ تُرَابِ الصَّاغَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا حَتَّى لَوْ بَاعَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ جَازَ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَوْ بَاعَ بِجِنْسِهِ لَا يَجُوزُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا وَالصَّاغَةُ جَمْعُ صَائِغٍ.

وَالْمُرَادُ بَيْعُ بُرَادَةِ الذَّهَبِ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَمَا ذَكَرْنَا يُخْرِجُ الْجَوَابَ عَنْ امْتِنَاعِ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَاللَّحْمِ وَالشَّحْمِ فِي الشَّاةِ وَالْأَلْيَةِ وَالْأَكَارِعِ وَالْجِلْدِ فِيهَا وَالدَّقِيقِ فِي الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ فِي الزَّيْتُونِ وَالْعَصِيرِ فِي الْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُنْعَدِمٌ فِي الْعُرْفِ لَا يُقَالُ هَذَا عَصِيرٌ وَزَيْتٌ فِي مَحَلِّهِ فَكَذَا الْبَاقِي وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ بَعْدَ الِاسْتِخْرَاجِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بَيْعَ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ تِبْنَ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا دُونَ الْحِنْطَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تِبْنًا إلَّا بِالْعِلَاجِ وَهُوَ الدَّقُّ فَلَمْ يَكُنْ تِبْنًا قَبْلَهُ فَكَانَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِخِلَافِ الْجِذْعِ فِي السَّقْفِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ حَتَّى لَوْ نَزَعَهُ وَسَلَّمَهُ أُجْبِرَ عَلَى الْأَخْذِ وَهُنَا لَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُرَادُ بِتُرَابِ الصَّاغَةِ التُّرَابُ الَّذِي فِيهِ ذَرَّاتُ الذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ تَحَرِّيًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَلَا كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ قَرِيبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ أَرَهُ.

[بَيْعُ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ وَبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ]

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ سُنْبُلِ الْحِنْطَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ بَيْعُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ وَسَيَأْتِي فِي الرِّبَا أَنَّ بَيْعَ الْحِنْطَةِ الْخَالِصَةِ بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لَا يَجُوزُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ الْخَالِصَةُ أَكْثَرَ مِنْ الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا مَعَهُ بِالْأُخْرَى الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا مَعَهُ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ قَصِيلِ الْبُرِّ بِحِنْطَةٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيُبَاعُ الطَّعَامُ كَيْلًا وَجُزَافًا وَأَقُولُ: قَدَّمَ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شِرَاءُ قَصِيلِ الْبُرِّ بِالْبُرِّ كَيْلًا وَجُزَافًا جَائِزٌ لِعَدَمِ الْجِنَاسِ وَلَعَلَّ حَرْفَ النَّفْيِ مِنْ زِيَادَةِ الْكِتَابِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>