للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ، أَوْ لَا فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِهَدْمِ دَارِهِ، ثُمَّ امْتَنَعَ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَامِلُ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ، وَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْبَذْرِ - وَالْأَرْضُ مِنْ قِبَلِهِ - بَعْدَمَا كَرَبَ الْأَرْضَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي عَمَلِ الْكِرَابِ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّ عَمَلَهُ إنَّمَا يُتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ فَلَا خَارِجَ وَيَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَجْرُ مِثْلِهِ لَهُ كَيْ لَا يَكُونَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ فَيُكْتَفَى بِإِرْضَائِهِ بِأَنْ يُوَفِّيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ.

[تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَهِيَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِجَارَةِ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ جَوَابُ الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا مَاتَ وَقَدْ نَبَتَ الزَّرْعُ يَبْقَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ، ثُمَّ يَبْطُلُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ فِي إبْقَائِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ مُرَاعَاةَ الْحَقَّيْنِ فَيَعْمَلُ الْعَامِلُ، أَوْ وَارِثُهُ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا حَصَدَ يَقْسِمُ عَلَى مَا شَرَطَاهُ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْبَاقِي وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الزَّرْعِ بَعْدَمَا كَرَبَ الْأَرْضَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إتْلَافُ مَالٍ عَلَى الزَّارِعِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالْخَارِجِ وَلَا خَارِجَ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَيْثُ يُقْضَى بِإِرْضَائِهِ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِذَا كَانَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ دَيْنٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَضَائِهِ إلَّا بِبَيْعِ الْأَرْضِ فُسِخَتْ الْمُزَارَعَةُ قَبْلَ الزَّرْعِ وَبِيعَتْ بِالدَّيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ عَلَيْهِ فِي الْكَرْبِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يَحْصُدْ لَمْ يَبِعْ الْأَرْضَ بِالدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعُ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُزَارِعِ وَالتَّأْخِيرُ أَهْوَنُ مِنْ الْإِبْطَالِ وَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ حَبَسَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ بَيْعَ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ مُمَاطِلًا وَالْحَبْسُ جَزَاءُ الْمُمَاطَلَةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ هَلْ تَبْقَى الْمُزَارَعَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَبْقَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَبْقَى فَتُفْسَخُ وَفِيهَا أَيْضًا وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي فَسْخِ الْمُزَارَعَةِ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي قِيلَ، وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا. اهـ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُزَارِعُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَلِوَرَثَتِهِ الْقِيَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ صِيَانَةً لِحَقِّهِمْ فَإِنْ أَبَوْا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرُوا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا بِالْعَقْدِ ذَلِكَ وَرَبُّ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ نَصِيبِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ، وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الزَّارِعِ فِي النَّفَقَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ فَعَلَى الزَّارِعِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ حَتَّى يُدْرِكَ) يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي نَصِيبِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْتَهَى بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ فَبَقَّيْنَاهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ فَيَجِبَ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ حَيْثُ يُتْرَكُ إلَى الْحَصَادِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُزَارِعِ شَيْءٌ لِأَنَّا أَبْقَيْنَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ هُنَا اسْتِحْسَانًا فَأَمْكَنَ اسْتِمْرَارُ الْعَامِلِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ أَمَّا هُنَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَتَعَيَّنُ إيجَابُ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْإِيفَاءِ وَكَأَنَّ الْعَمَلَ وَنَفَقَةَ الزَّرْعِ وَمَوْتَهُ بِالْحِفْظِ وَكَرْيَ الْأَنْهَارِ عَلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْكُلُّ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَى الزَّرْعِ بِغَيْرِ أَمْر الْقَاضِي وَبِغَيْرِ أَمْر صَاحِبِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنْفِقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَصَارَ نَظِيرَ تَرْمِيمِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّرْعَ بَقْلًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ وَلَوْ أَرَادَ الزَّارِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَقْلًا قِيلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ اقْلَعْ الزَّرْعَ إنْ شِئْت فَيَكُونَ بَيْنَكُمَا، أَوْ أَعْطِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، أَوْ أَنْفِقْ أَنْتَ عَلَى الزَّرْعِ وَارْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقْت عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ قَالَ وَلَا يَضْمَنُ الْمُزَارِعُ أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ لَمْ تَبْقَ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ غَابَ الْمَزَارِعُ بَعْدَمَا زَرَعَ فَأَنْفَقَ رَبُّ الْأَرْضِ إلَى الْإِدْرَاكِ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ وَلَا سَبِيلَ لِلزَّارِعِ عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ النَّفَقَةَ كُلَّهَا لِأَنَّ الزَّارِعَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا كَانَ الْكُلُّ عَلَيْهِ فَكَذَا لَوْ غَابَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّارِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ فَمَنْ أَنْفَقَ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ.

زَرَعَ الْمُزَارِعُ وَنَبَتَ فَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لِلْمُسْتَحِقِّ الْقَلْعُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُمَا غَاصِبَانِ ثُمَّ الزَّارِعُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ نِصْفَ قِيمَةِ الزَّرْعِ نَابِتًا وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ مَعَهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ مَكْرُوبَةً قَبْلَ الزَّرْعِ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ وَقَالُوا: يُنْظَرُ إنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَلَا شَيْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>