للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَضِيَ كَانَ بَيْعًا إجْمَاعًا، وَلَوْ قَالَ أَتَبِيعُنِي عَبْدَك هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ نَعَمْ، فَقَالَ أَخَذْته فَهُوَ بَيْعٌ لَازِمٌ فَوَقَعَتْ كَلِمَةُ نَعَمْ إيجَابًا، وَكَذَا تَقَعُ قَبُولًا فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ نَعَمْ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالْأَمْرِ كَقَوْلِهِ زَوِّجْنِي؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ لَا تَلِيقُ بِهِ فَيَكُونُ إيجَابًا وَقِيلَ تَوْكِيلٌ وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّاهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إلَّا فِي الْأَبِ وَمَنْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَدَرَ الْأَمْرُ مِنْ الْوَكِيلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ الْقَبُولُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْوَكِيلِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا حَتَّى يَقْبَلَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِلَا إذْنِ أَوْ تَعْمِيمٍ، وَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ مَوَاضِعَ مِنْهَا الْبَيْعُ وَالْإِقَالَةُ لَا يُكْتَفَى بِالْأَمْرِ فِيهِمَا عَنْ الْإِيجَابِ.

وَمِنْهَا النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ يَقَعُ فِيهِمَا إيجَابًا الْخَامِسَةُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ اشْتَرِ نَفْسَك مِنِّي بِأَلْفٍ، فَقَالَ فَعَلْت عَتَقَ. السَّادِسَةُ فِي الْهِبَةِ إذَا قَالَ: هَبْ لِي هَذَا، فَقَالَ وَهَبْتُهُ مِنْك تَمَّتْ الْهِبَةُ. السَّابِعَةُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَبْرِئْنِي عَمَّا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، فَقَالَ أَبْرَأْتُك تَمَّتْ الْبَرَاءَةُ.

الثَّامِنَةُ الْكَفَالَةُ قَالَ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ، فَقَالَ كَفَلْت تَمَّتْ فَإِذَا كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ وَأَجَازَ كَفَالَتَهُ جَازَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي تَصْوِيرِ الْكَفَالَةِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ اُكْفُلْ لِي بِمَا لِي عَلَى زَيْدٍ اُكْفُلْ لِي بِنَفْسِ زَيْدٍ، فَقَالَ كَفَلْت تَمَّتْ وَلَكِنْ فِي الْخُلْعِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قَالَتْ اخْلَعْنِي، فَقَالَ خَلَعْتُك عَلَى كَذَا لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ تَقْبَلْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي عَلَى كَذَا، فَقَالَ قَدْ فَعَلْت، كَذَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُضِيَّ فِيهِمَا شَرْطٌ فِي كُلِّ عَقْدٍ إلَّا النِّكَاحَ تَسَاهُلٌ، وَحَاصِلُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِمَّا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الرَّدِّ وَبِبَيْعٍ مُعَلَّقٍ بِفِعْلِ قَلْبٍ كَإِنْ أَرَدْتَ، فَقَالَ أَرَدْتَ أَوْ إنْ أَعْجَبَكَ، فَقَالَ أَعْجَبَنِي أَوْ إنْ وَافَقَكَ، فَقَالَ وَافَقَنِي.

وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ ثَمَنَ هَذَا الْعَبْدِ فَقَدْ بِعْتُك، فَإِنْ أَدَّى فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْك بِأَلْفٍ إنْ شِئْتَ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ كَانَ تَنْجِيزًا لَا تَعْلِيقًا وَبِأَجَزْتُ بَعْد قَوْلُهُ بِعْت وَبِقَوْلِهِ أَقَلْتُك هَذَا، فَقَالَ قَبِلْتُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَتَصِحُّ إضَافَةُ الْبَيْعِ إلَى عُضْوٍ تَصِحُّ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا وَقَدْ فَعَلْتُ وَنَعَمْ وَهَاتِ الثَّمَنَ قَبُولٌ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَلَوْ قَالَ بِعْنِي هَذَا بِكَذَا، فَقَالَ طَابَتْ نَفْسِي لَا يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ الْإِيجَابُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَأَشْرَكْتُك فِيهِ وَأَدْخَلْتُك فِيهِ إيجَابٌ.

وَإِذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ فَكُلُّ إيجَابٍ بِمَالٍ انْصَرَفَ قَبُولُهُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي وَيَكُونُ بَيْعًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ إذَا قَبِلَ بَعْدَهُمَا لَزِمَهُ الْمَالَانِ وَلَا يَبْطُلُ الثَّانِي الْأَوَّلُ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ انْعَقَدَ الثَّانِي وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الثَّانِي بِأَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَنْقَصَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْأَوَّلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الرَّدِّ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ قَالَ أَرُدُّ عَلَيْك هَذِهِ الْأَمَةَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبِلَ الْآخَرُ ثَبَتَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ قَبُولٌ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ إذَا كَانَ مِنْ طَرَفِ الْبَائِعِ إلَّا فِي قَدْ فَعَلْتُ فَهُوَ قَبُولٌ مِنْهُمَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنْك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ فَعَلْت فَهَذَا بَيْعٌ، وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَا يَكُونُ بَيْعًا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرَيْت عَبْدَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ فَعَلْت أَوْ قَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ هَاتِ الثَّمَنَ صَحَّ الْبَيْعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْفَرْقَ فِي نَعَمْ لَكِنْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ نَعَمْ تَقَعُ إيجَابًا وَقَبُولًا.

[تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ فِي الْبَيْع]

(قَوْلُهُ: وَإِذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت يَنْصَرِفُ قَبُولُهُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي وَيَكُونُ هَذَا بَيْعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَنْت حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ الْعَبْدُ قَبِلْت لَزِمَهُ الْمَالَانِ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ قَالَ بِعْت مِنْك بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مَجْلِسٍ آخَرَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت يَنْعَقِدُ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ نَحْوُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي وَيَبْقَى الْأَوَّلُ بِحَالِهِ اهـ.

وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَيَكُونُ بَيْعًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ صَوَابُهُ بِالثَّمَنِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّانِي بِأَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَنْقَصَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَوْ كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْأَوَّلُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ فِي وَجْهِهِ أَنَّهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ وَقَعَ لَغْوًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّانِي فَاسِدًا يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ لِإِفَادَتِهِ أَحْكَامًا غَيْرَ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الْمَبِيعِ قَائِمًا وَضَمَانِ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ هَالِكًا فَتَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ فِيهِمَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي فَاسِدًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَنْفَسِخُ اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ جَزَمَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ نَظَرٌ فِي عَدَمِ فَسْخِهِ حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَنَصَّ شت بِخِلَافِهِ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ، فَإِنَّ الثَّانِيَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>