للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكَالشُّيُوعِ الطَّارِئِ بِأَنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ وَكَالْعَارِيَّةِ، وَإِذَا جَازَ إعَارَةُ الْمَشَاعِ فَأَوْلَى أَنْ تَجُوزَ إجَارَتُهُ فَإِنَّ تَأْثِيرَ الْمَشَاعِ فِي مَنْعِ التَّبَرُّعِ أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي مَنْعِ الْمُعَاوَضَةِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ هِبَةَ الْمَشَاعِ لَا تَجُوزُ وَبَيْعُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ الِانْتِفَاعُ وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَشَاعِ لَا يُمْكِنُ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَسْلِيمُهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ الْمِلْكُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ وَالتَّخْلِيَةُ اُعْتُبِرَتْ تَسْلِيمًا فِي مَحَلٍّ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَفِي الْمَشَاعِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلَا مِنْ الْقَبْضِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ تَسْلِيمًا وَلَا يُعْتَبَرُ بِالتَّهَايُؤِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ حُكْمًا بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْقِسْمَةِ بَعْدَ الْمِلْكِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّرَهُ مِنْ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شُيُوعَ فِي حَقِّهِ إذْ الْكُلُّ فِي يَدِهِ وَلَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحَاجَةِ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِغَيْرِهَا وَهُوَ مَنْفَعَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَحَدَ زَوْجَيْ الْقِرَاضِ لِقَرْضِ الثِّيَابِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أُضِيفَ إلَى الْكُلِّ وَلَا شُيُوعَ فِيهِ وَإِنَّمَا الشُّيُوعُ يَظْهَرُ لِتَفَرُّقِ الْمِلْكِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَفِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِهِ وَبَقِيَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَطَرَأَ الشُّيُوعُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَضُرُّ وَالْعَارِيَّةُ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ فَلَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ، وَعِنْدَ التَّسْلِيمِ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجَمِيعِهِ لِوُجُودِ إذْنِهِ فِي ذَلِكَ فَصَارَ كُلُّهُ عَارِيَّةً وَلَا شُيُوعَ.

وَفِي الْمُغْنِي الْفَتْوَى فِي إجَارَةِ الْمَشَاعِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَقَالَ ابْنُ فِرِشْتَا الْفَتْوَى فِي إجَارَةِ الْمَشَاعِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَفِي الْخَانِيَّةِ إجَارَةُ الْمَشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ وَفِيمَا لَا يُقْسَمُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

وَفِي التَّهْذِيبِ، وَإِذَا سَكَنَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَفِي التَّهْذِيبِ، وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُهَا إجْمَاعًا كَمَا إذَا أَجَّرَ كُلَّهَا، ثُمَّ تَفَاسَخَا فِي النِّصْفِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا يَبْقَى فِي الْبَاقِي وَفِي الصُّغْرَى وَطَرِيقُ جَوَازِهَا فِي الْمَشَاعِ أَنْ يَلْحَقَهَا حُكْمٌ لِتَصِيرَ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَجِّرَيْنِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِهِ وَتَبْقَى فِي نَصِيبِ الْحَيِّ صَحِيحَةً وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ رَضِيَ وَارِثُ الْمَيِّتِ وَهُوَ كَبِيرٌ أَنْ يَكُونَ حِصَّتُهُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةُ الْمَشَاعِ لَكِنَّهَا مِنْ الشَّرِيكِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ رَجُلَانِ أَجَّرَا دَارَهُمَا مِنْ رَجُلٍ جَازَ وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا بِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مَاتَ لَا تَبْطُلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَفِي الْأَصْلِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عُلُوَّ مَنْزِلٍ لِيَمُرَّ فِيهِ إلَى حُجْرَتِهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ قَالَ الطَّوَاوِيسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ لِرَجُلٍ وَالْعَرْصَةُ لِرَجُلٍ آخَرَ أَجَّرَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِنَاءَهُ مِنْ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَرْصَةَ دُونَ الْبِنَاءِ يَجُوزُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اسْتَأْجَرَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا لِيَبْسُطَ عَلَيْهِ ثِيَابًا أَوْ يَشُدَّ بِهَا الدَّابَّةَ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً مِنْ الشَّجَرِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَاةً لِيَحْلُبَ لَبَنَهَا أَوْ صُوفَهَا لَا يَنْعَقِدُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَائِطًا لِيَضَعَ عَلَيْهَا جَذَعًا أَوْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا سُتْرَةً أَوْ يَضَعَ فِيهِ وَتَدًا لَا يَجُوزُ وَالْحَائِطُ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ فَقَدْ اسْتَأْجَرَ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ طَرِيقًا لِيَمُرَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا.

[اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا تَرِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ وَهُوَ اللَّبَنُ فَصَارَ كَاسْتِئْجَارِ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ لِشُرْبِ لَبَنِهَا وَالْبُسْتَانِ لِيَأْكُلَ ثَمَرَتَهُ، وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَالْإِجْمَاعُ فِي ذَلِكَ وَجَرَى التَّعَامُلُ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَتَحْقِيقُهَا عَقْدٌ يَرِدُ عَلَى التَّرْبِيَةِ وَاللَّبَنُ تَابِعٌ لَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْعَقْدُ يَرِدُ عَلَى اللَّبَنِ وَالتَّرْبِيَةُ وَالْخِدْمَةُ تَابِعَةٌ لَهَا وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالظِّئْرُ الْمَرْأَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً كَذَا فِي قَاضِي خان وَفِي ابْنِ فِرِشْتَا فَلَوْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ يَحْكُمُ أَبُو يُوسُفَ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَأَبْطَلَهُ مُحَمَّدٌ وَفِي الْمُحِيطِ وَأَجَّرَتْ الْأَمَةُ الْفَاجِرَةُ أَوْ الْكَافِرَةُ نَفْسَهَا ظِئْرًا جَازَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ التِّجَارَةِ، وَلَوْ رَضَعَ الصَّبِيُّ جَارِيَةَ الظِّئْرِ أَوْ خَادِمُهَا فَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الظِّئْرَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الظِّئْرُ ظِئْرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَلَهَا الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تُرْضِعَ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهَا فَأَرْضَعَتْهُ بِمَنْ ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>