أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» ، وَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَرُبَّمَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ.
[لِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] وَلِهَذَا يُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ ثَالِثَةُ الْإِيمَانِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] وَالْمُرَادُ بِأُولِي الْأَمْرِ الْعُلَمَاءُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُطَاعُ شَرْعًا مُقَدَّمٌ وَكَيْفَ لَا يَتَقَدَّمُونَ «وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ» .
[وَلِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالِاعْتِبَارُ بِمَا فِيهِ لَا مُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤] وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّأَنِّي لَا بِالتَّوَانِي فِي الْمَعَانِي فَقَدْرُ الْخَتْمِ أَقَلُّهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا كُلَّ يَوْمٍ حِزْبٌ وَنِصْفٌ أَوْ ثُلُثَا حِزْبٍ أَوْ أَقَلُّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]
(كِتَابُ الْفَرَائِضِ) اعْلَمْ أَنَّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ هُوَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَكُونُ فِيهِ النَّوَازِلُ وَالْفَتْوَى وَلِهَذَا حَثَّ الشَّارِعُ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَرَغَّبَ فِيهِ مَخَافَةَ انْدِرَاسِهِ فَقَالَ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَسَيُقْبَضُ هَذَا الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَتَنَازَعَ الِاثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ أَحَدًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» ثُمَّ يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِ الْفَرَائِضِ وَسَبَبِ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ وَسَبَبِ حِرْمَانِهِ وَالْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَأَصْنَافِ الْوَارِثِينَ أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَالْفَرْضُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّقْدِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] أَيْ قَدَّرْتُمْ وَيُقَالُ فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إذَا قَدَّرَهَا، وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ لِلْقَطْعِ يُقَالُ قَرَضَتْ الْفَأْرَةُ الثَّوْبَ أَيْ قَطَعَتْهُ فَسُمِّيَ كِتَابَ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ سِهَامَ الْمَوَارِيثِ كُلَّهَا مُقَدَّرَةٌ مَقْطُوعَةٌ وَلِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ وَمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا كَالْوَلَاءِ أَمَّا الْقَرَابَةُ فَنَوْعَانِ رَحِمٌ وَزَوْجِيَّةٌ وَنَصُّ الْكِتَابِ نَاطِقٌ بِهِمَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] الْآيَةُ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْ مَالِهِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ أَحَدٌ يَبْقَى عَاطِلًا سَائِبًا وَالْقَرِيبُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالْقَرَابَةِ صِلَةً كَمَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَ حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ صِلَةً وَالزَّوْجِيَّةُ أَصْلُ الْقَرَابَةِ وَأَسَاسُهَا؛ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ تَفَرَّعَتْ وَتَشَعَّبَتْ مِنْهَا فَالْتَحَقَ قَرَابَةُ السَّبَبِ بِقَرَابَةِ النَّسَبِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» يَعْنِي فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ فَقَدْ الْتَحَقَ الْوَلَاءُ بِالنَّسَبِ وَلِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ تَسَبَّبَ إلَى إحْيَائِهِ حُكْمًا حِينَ أَزَالَ عَنْهُ الْمَالِكِيَّةَ وَالْوِلَايَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خَاصَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَكَانَ السَّبَبُ إلَى الْإِحْيَاءِ يَعْنِي بِالْإِعْتَاقِ وَكَذَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمَنْ سَأَلَهُ عَمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ أَوْ مَمَاتَهُ» .
[مَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ]
وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثٌ الرِّقُّ وَالْكُفْرُ وَالْقَتْلُ مُبَاشَرَةً بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا الرِّقُّ فَلِأَنَّهُ سَلْبُ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ، وَأَمَّا الْكُفْرُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» يَعْنِي لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَأَمَّا الْقَتْلُ فَلِمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ فَأَرْبَعَةٌ الْكَفَنُ وَالدَّفْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَالدَّيْنُ وَالْمِيرَاثُ فَأَوَّلُ مَا يُبْدَأُ مِنْهَا بِكَفَنِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ عَوْرَتِهِ وَمُوَارَاةَ سَوْآتِهِ مِنْ أَهَمِّ حَوَائِجِهِ وَاسْتِغْرَاقُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ حَالَ حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ مِنْ قَضَاءِ دُيُونِ اللَّهِ لَا اسْتِغْنَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَافْتِقَارُ الْعَبْدِ لِشِدَّةِ خُصُومَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَلِكَثْرَةِ تَجَاوُزِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَفْوِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَكَرَمِهِ ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ وَالْوَارِثُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ إذَا اسْتَغْنَى الْمُوَرِّثُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ رُبْعِهِ فَالْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حَقُّهُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ شَائِعًا كَحَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[أَصْنَافُ الْوَارِثِينَ]
وَأَمَّا أَصْنَافُ الْوَارِثِينَ فَثَلَاثَةٌ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ الَّذِينَ لَهُمْ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ وَعَصَبَةٌ وَهُمْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مَا فَضَلَ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ وَهُمْ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فُرُوضٌ مُقَدَّرَةٌ وَلَا لَهُمْ حَقِيقَةُ تَعْصِيبٍ وَإِنَّمَا لَهُمْ مُجَرَّدُ قَرَابَةٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِبَيَانِ مَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ وَمَا لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ فَنَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ أَعْيَانَ الْأَمْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute