للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَتْ الصُّلْبِيَّةُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بَعْدَهَا وَسَلَّمَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ أَوْ التِّلَاوَةِ أَوَّلَهُمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَارَ سَلَامُهُ قَاطِعًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ سَلَامُ سَهْوٍ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا وَسَلَامُ عَمْدٍ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُ وَسَلَامُ الْعَمْدِ يُخْرِجُ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْخُرُوجِ احْتِيَاطًا وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّمًا وَهُوَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا لِلْكُلِّ أَوْ سَاهِيًا لِلْكُلِّ اهـ

وَبِهَذَا عَلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ لِلْقَطْعِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ أَوْ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ مُتَذَكِّرًا لَهَا فَإِنْ كَانَتْ صُلْبِيَّةً فَسَدَتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَتْ تِلَاوَةً لَمْ تَفْسُدْ وَسَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا سَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَفِي نَفْسِي مِنْ سُقُوطِ سُجُودِ السَّهْوِ شَيْءٌ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ إنَّمَا سَقَطَتْ لِكَوْنِ الصَّلَاتِيَّةِ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا وَقَدْ صَارَ خَارِجًا وَأَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي فِي حُرْمَتِهَا وَقَدْ عَلَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِسُقُوطِهِمَا بِامْتِنَاعِ الْبِنَاءِ بِسَبَبِ الِانْقِطَاعِ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ اهـ.

عَلَّلَ لِسُقُوطِهَا فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ صَارَ بِهِ خَارِجًا مِنْ الصَّلَاةِ اهـ.

وَلَعَلَّهُ لَمَّا صَارَ قَاطِعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى التِّلَاوَةِ صَارَ قَاطِعًا لِسُجُودِ السَّهْوِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تِلَاوِيَّةٌ وَلَا صُلْبِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ قَاطِعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ سَهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَكَبَّرَ وَدَخَلَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ الْأُولَى قَدْ انْقَطَعَتْ وَهَذِهِ تَحْرِيمَةٌ قَدْ اُسْتُؤْنِفَتْ فَالنُّقْصَانُ الَّذِي حَصَلَ فِي التَّحْرِيمَةِ الْأُولَى لَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ بِفِعْلِهِ فِي التَّحْرِيمَةِ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْتَقْبِلْ» بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَوَّلَ شَكٍّ عَرَضَ لَهُ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الشَّكُّ يُعْرَضُ لَهُ كَثِيرًا وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا «إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلَاثًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلَاثٍ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» وَصَحَّحَهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَنٌّ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيُسَاعِدُ هَذَا الْجَمْعَ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إسْقَاطِ مَا عَلَيْهِ دُونَ حَرَجٍ لِأَنَّ الْحَرَجَ بِإِلْزَامِ الِاسْتِقْبَالِ إنَّمَا يَلْزَمُ عِنْدَ كَثْرَةِ عُرُوضِ الشَّكِّ لَهُ وَصَارَ كَمَا إذَا شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى أَوْ لَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى حُكْمِ الظَّاهِرِ وَحُمِلَ عَدَمُ الْفَسَادِ الَّذِي تَظَافَرَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَانِ الْآخَرَانِ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَكْثُرُ مِنْهُ لِلُزُومِ الْحَرَجِ بِتَقْدِيرِ الْإِلْزَامِ وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا بِالنَّافِي فَوَجَبَ أَنَّ حُكْمَهُ بِالْعَمَلِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي قُيِّدَ بِالشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ ذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا يُؤَدِّي ثَانِيًا لِأَنَّ تَكْرَارَ الرُّكْنِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَا تُفْسِدُ الْحَجَّ وَزِيَادَةَ الرَّكْعَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَكَانَ التَّحَرِّي فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَحْوَطَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يَبْنِي فِي الْحَجِّ عَلَى الْأَقَلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الشَّكَّ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا الْفَرَاغُ مِنْ أَرْكَانِهَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاسْتَثْنَى فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا إذَا وَقَعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَامٌ سَهْوًا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ أَوْ التِّلَاوِيَّةِ فَإِنَّ سَلَامَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الَّتِي كَانَ ذَاكِرًا لَهَا عَمْدٌ وَإِلَى غَيْرِهَا سَهْوٌ وَلَمْ يُعَلِّلْ لِمَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهُمَا لِظُهُورِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ فَقَطْ فَالْحُكْمُ بِالْفَسَادِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ بِالسَّلَامِ الْعَمْدِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ مَا إذَا سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلتِّلَاوِيَّةِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ تَسْقُطُ عَنْهُ التِّلَاوَةُ وَالسَّهْوُ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الصُّلْبِيَّةُ مَتْرُوكَةً هُنَا وَهِيَ رُكْنٌ تَرَجَّحَ جَانِبُ الْخُرُوجِ بِالسَّلَامِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فِي جَانِبِهَا عَمْدًا فِي جَانِبِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَصِحَّ إتْيَانُهُ بِالصُّلْبِيَّةِ وَإِذَا أَتَى بِهَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ بِالتِّلَاوَةِ أَيْضًا لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلتِّلَاوَةِ فَكَانَ عَمْدًا فِي حَقِّهَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ

(قَوْلُهُ وَقَدْ عَلَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ وَاَلَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَا يَقْطَعُ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْقَطْعَ فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ هُنَا لَمْ يَلْزَمْ الْمَحْذُورَ وَلَكِنْ أَشَارَ إلَى جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَعَلَّهُ إلَخْ.

[شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ]

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى رَوَاهُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>