عَادَ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَيَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا فَيَقَعُ سُجُودُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِشْغَالِ بِهِ وَعِنْدَهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَذَكَرَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ سَوَاءٌ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ قَبْلَ السُّجُودِ لَصَحَّتْ النِّيَّةُ قَبْلَ السُّجُودِ وَلَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ السَّجْدَةُ وَفِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ أَصْلًا فَلَوْ صَحَّتْ لَصَحَّتْ بِلَا سُجُودٍ لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ اهـ.
وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ السُّجُودِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَاهَا بَعْدَمَا سَجَدَ سَجْدَةً أَوْ سَجْدَتَيْنِ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ اتِّفَاقًا وَيَسْجُدُ فِي آخِرِهَا لِلسَّهْوِ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ صَادَفَتْ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ فَصَارَ مُقِيمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ ثَمَرَةَ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةٍ رَابِعَةٍ وَهِيَ مَا اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثُمَّ وَجَدَ مِنْهُ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ قَصْدًا هَلْ يَقْضِي أَمْ لَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْضِي سَجَدَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْضِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَلَيْسَتْ مَسْأَلَةً رَابِعَةً بَلْ مُتَفَرِّعَةً عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَهِيَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فَإِنَّهُ إنْ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ أَوْ أَفْسَدَهَا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا وَجَعَلَ فِي الْخُلَاصَةِ ثَمَرَةَ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَدْعِيَةِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَأْتِي بِهِمَا فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ قَعْدَةُ سُجُودِ السَّهْوِ لِأَنَّهَا قَعْدَةُ الْخَتْمِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَأْتِي بِهِمَا فِي قَعْدَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ إلَى السُّجُودِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَارِجًا فَكَانَتْ الْأُولَى قَعْدَةَ الْخَتْمِ.
(قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ لِلْقَطْعِ) رَفَعَ لِإِيهَامِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ السُّجُودِ وَعَدَمِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ سَجَدَ صَحَّ وَإِلَّا لَا فَأَفَادَ أَنَّ السُّجُودَ وَاجِبٌ وَإِنْ قَصَدَ بِسَلَامِهِ قَطْعَ صَلَاتِهِ لِأَنَّ هَذَا السَّلَامَ غَيْرُ قَاطِعٍ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَتِهَا أَصْلًا عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يُخْرِجُهُ خُرُوجًا بَاتًّا فَلَا يَنْقَطِعُ الْإِحْرَامُ مُطْلَقًا فَلَمَّا نَوَى الْقَطْعَ تَكُونُ نِيَّتُهُ مُبَدِّلَةً لِلْمَشْرُوعِ فَلَغَتْ كَنِيَّةِ الْإِبَانَةِ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكَنِيَّةِ الظُّهْرِ سِتًّا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْكُفْرَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ لِزَوَالِ الِاعْتِقَادِ قَيَّدَ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلسَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يُؤْتَى بِهِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالصُّلْبِيَّةُ يُؤْتَى بِهَا فِي حَقِيقَتِهَا وَقَدْ بَطَلَتْ بِالسَّلَامِ الْعَمْدِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِنَا إنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَهُ قَاطِعًا وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ إلَى حُرْمَتِهَا بَلْ الْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ كَانَ مُحَلِّلًا مُخْرِجًا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ وُقُوعُهُ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ كَانَ قَاطِعًا مَعَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فَإِنْ سَلَّمَ ذَاكِرٌ لَهُ وَهُوَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَقَدْ قَطَعَ وَتَقَرَّرَ النَّقْصُ وَتَعَذَّرَ جَبْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَاجِبُ نَفْسَ سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا فَسَدَتْ وَإِنْ سَلَّمَ غَيْرَ ذَاكِرٍ أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَصِرْ خَارِجًا وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الْفُرُوعُ اهـ.
وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَا السَّهْوِ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لَهُمَا أَوْ ذَاكِرٌ لِلسَّهْوِ خَاصَّةً فَإِنَّ سَلَامَهُ لَا يَكُونُ قَاطِعًا لِلصَّلَاةِ وَيَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُمَا أَوْ ذَاكِرٌ لِلتِّلَاوَةِ خَاصَّةً فَإِنَّ سَلَامَهُ يَكُونُ قَاطِعًا وَسَقَطَتْ عَنْهُ التِّلَاوَةُ وَالسَّهْوُ وَإِنْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ وَسَجْدَتَا السَّهْوِ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لَهُمَا أَوْ ذَاكِرٌ لِلسَّهْوِ فَإِنَّ سَلَامَهُ لَا يَكُونُ قَاطِعًا وَيَسْجُدُ لِلصُّلْبِيَّةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُمَا أَوْ ذَاكِرٌ لِلصُّلْبِيَّةِ خَاصَّةً فَإِنَّ سَلَامَهُ يَكُونُ قَاطِعًا وَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ السَّجْدَةُ الصُّلْبِيَّةُ وَالتِّلَاوَةُ وَالسَّهْوُ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِلْكُلِّ أَوْ ذَاكِرٌ لِلسَّهْوِ لَا يَكُونُ سَلَامُهُ قَاطِعًا وَيَسْجُدُ لِلْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَتْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا
ــ
[منحة الخالق]
قَدْ خَرَجَ بِالسَّلَامِ خُرُوجًا بَاتًّا وَفِي مَسْأَلَتِنَا كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ فَقُلْنَا تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَخَرَجَ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَمْ تَحْصُلْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَفِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ سَوَاءٌ سَجَدَ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَسْجُدْ كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ الدِّرَايَةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ لَك انْدِفَاعُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُنْتَصِرًا لِصَاحِبِ غَايَةِ الْبَيَانِ جَازِمًا بِأَنَّهُ إنْ سَجَدَ يَعُودُ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا نَوَى بَعْدَ السُّجُودِ حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَا السَّهْوِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا مَا لَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أَوْ قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرَةُ قَالَ فَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَنَّ سَلَامَهُ سَلَامُ عَمْدٍ فَيُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهَا تَنْقُصُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا عَنْهَا لَا تَسْقُطُ لِأَنَّ سَلَامَ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالْقَهْقَهَةِ وَيَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ التِّلَاوَةُ وَالسَّهْوُ) أَيْ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَكِنَّ صَلَاتَهُ نَاقِصَةٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute