مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ جَزَمَ بِهِ وَسَاقَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاتِّفَاقِ أَوْ الصَّحِيحِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الشُّرُوطِ لِمَا تَكَلَّمَ بِهِ الْوَاقِفُ لَا لِمَا كَتَبَ فِي مَكْتُوبِ الْوَقْفِ فَلَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِشَرْطٍ تَكَلَّمَ بِهِ الْوَاقِفُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْمَكْتُوبِ عُمِلَ بِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ أَشَرْنَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ لَا عَلَى مَا كَتَبَ الْكَاتِبُ فَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورُ وَغَيْرُ الْمَذْكُورِ فِي الصَّكِّ أَعْنِي كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ اهـ.
وَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ الْغَلَّةِ لِوَلَدِهِ فَإِذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَإِنْ قَيَّدَهُ بِالذَّكَرِ لَا تَدْخُلُ الْأُنْثَى كَالِابْنِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَلَدٌ كَانَتْ لِوَلَدِ الِابْنِ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ مُفْرَدًا وَجَمْعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ اشْتَرَكَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ ابْنِهِ وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ دُخُولَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَصَحَّحَ عَدَمَهُ فِي وَلَدِي وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي فَمَاتَ كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا تُصْرَفُ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ فِي كُلِّ بَطْنٍ إلَّا بِالشَّرْطِ إلَّا إذَا ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّهَا لَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ النِّصْفُ وَنِصْفُ الْمَيِّتِ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِوَلَدِهِ فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ صُرِفَ الْكُلُّ إلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدُ ابْنٍ كَانَتْ لَهُ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ كَانَتْ لَهُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُحْتَاجِي وَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ مُحْتَاجٌ كَانَ النِّصْفُ لَهُ وَالْآخَرُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا كَانَ الْكُلُّ لَهُ لَا لِلْفُقَرَاءِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَلَوْ عَيَّنَ الْأَوْلَادَ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ كَانَ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِأَخَوَاتِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدًا أَوْ عَلَى بَنِيهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ كَانَ النِّصْفُ لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ هَكَذَا سَوَّى بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الْخَانِيَّةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ فِي الْأَوْلَادِ يَسْتَحِقُّ الْوَاحِدُ الْكُلَّ وَفِي الْبَنِينَ لَا يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ وَقَالَ كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ لَا تَسْتَحِقُّ الْبَنَاتُ كَعَكْسِهِ وَبَقِيَّةُ التَّفَارِيعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالْأَقَارِبِ مَعْلُومَةٌ فِي الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ
وَفَرَّعَ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ فَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الشَّرْطَ وَصَحَّحَ الْوَقْفَ وَفِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ مِنْ أَرْضٍ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى وَيَكُونُ الثَّانِي قَائِمًا مَقَامَ الْأُولَى فَإِنَّ أَرْضَ الْوَقْفِ إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ وَأَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا عَلَى وَجْهِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْوَقْفِ إذَا قَلَّ نُزُلُهَا لِآفَةٍ وَصَارَتْ بِحَيْثُ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا تَفْضُلُ غَلَّتُهَا عَنْ مُؤَنِهَا وَيَكُونُ صَلَاحُ الْوَقْفِ فِي الِاسْتِبْدَالِ بِأَرْضٍ أُخْرَى فَيَصِحُّ شَرْطُ وِلَايَةِ الِاسْتِبْدَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِ ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى الِاسْتِبْدَالِ.
وَلَوْ شَرَطَ بَيْعَهَا بِمَا بَدَا لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا عَبْدًا أَوْ يَبِيعَهَا وَلَمْ يَزِدْ فَسَدَ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ شَرَطَ وِلَايَةَ الْإِبْطَالِ بِخِلَافِ شَرْطِ الِاسْتِبْدَالِ لِأَنَّهُ نَقْلٌ وَتَحْوِيلٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنَّ الشَّرْطَ وَالْوَقْفَ صَحِيحَانِ وَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ
ــ
[منحة الخالق]
[جَعَلَ الْوَاقِفُ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ أَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ]
(قَوْلُهُ وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ جَزَمَ بِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: كَيْفَ يُتَّجَهُ لَهُ الْقَطْعُ بِكَوْنِهِ ضَعِيفًا وَقَدْ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَتِمُّ أَنَّ أَكْثَرَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَالْعَجَبُ مِمَّنْ وَصَفَهُ بِالضَّعْفِ مَعَ مَا يَقْضِي بِوَصْفِ الْقُوَّةِ تَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إفْتَائِهِمْ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ بِلُزُومِ الْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ إفْتَاؤُهُمْ بِقَوْلِهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَلَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَصْحِيحِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَلَعَلَّهُ جَعَلَ التَّصْحِيحَ الْمَنْقُولَ فِي اشْتِرَاطِ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ تَصْحِيحًا لِهَذَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ مِنْ تَفْرِيعِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت فِي رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ قنلي زَادَهُ فِي الِاسْتِبْدَالِ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا قَوْلُنَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَلِأَنَّ فِيهِ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ بِهَذَا الْوَجْهِ صَحِيحًا وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْوَقْفَ وَالشَّرْطَ كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ كَمَا نَقَلَهُ قَاضِي خَانْ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ دَعْوَاهُ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا خِلَافٌ لَكِنْ الصَّحِيحُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ. اهـ.
وَرَأَيْتُ فِي رِسَالَةِ تَحْرِيرِ الْمَقَالِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْدَالِ لِلشَّيْخِ الْمُؤَلِّفِ ذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةً ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّهُ أَيْ قَاضِي خَانْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا بِمَا إذَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا وَأَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَتَكُونَ وَقْفًا عَلَى شُرُوطِ الْأُولَى فَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ أَسْتَبْدِلَهَا بِأَرْضٍ أَوْ دَارٍ وَصَرَّحَ بِالِاسْتِبْدَالِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا وَأَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضًا إلَخْ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ