للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بِدُونِ الشَّرْطِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ إلَّا الْقَاضِي إذَا رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى وَلَمْ يَزِدْ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ وَقْفًا بِشَرَائِطِ الْأُولَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيقَافِهَا كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا قُتِلَ خَطَأً وَاشْتَرَى الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ عَبْدًا آخَرَ ثَبَتَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي خِدْمَتِهِ وَالْمُدَبَّرِ إذَا قُتِلَ خَطَأً فَاشْتَرَى الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ آخَرَ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الثَّانِيَةَ بِأَرْضٍ ثَالِثَةٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فِي الْأُولَى فَقَطْ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِبْدَالَهَا بِدَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِبْدَالُهَا بِأَرْضٍ فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ بِدَارٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَ الشَّرْطِ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَرْضَ الْخَرَاجِ لِأَنَّ أَرْضَ الْوَقْفِ لَا تَخْلُو عَنْ وَظِيفَةٍ إمَّا الْعُشْرَ وَإِمَّا الْخَرَاجَ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِبْدَالَهَا بِدَارٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِبْدَالُهَا بِأَرْضٍ وَلَوْ قَيَّدَ بِأَرْضِ الْبَصْرَةِ تَقَيَّدَ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِبْدَالُهَا بِأَرْضِ الْحَوْزِ لِأَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ أَرْضُ الْحَوْزِ بِمَنْزِلَةِ الْأَكَّارِ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَلَوْ أَطْلَقَ الِاسْتِبْدَالَ فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مَلَكَ الِاسْتِبْدَالَ بِجِنْسِ الْعَقَارِ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ فِي أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ وَلَوْ بَاعَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ لِأَنَّ الْقَيِّمَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فَلَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ.

وَلَوْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجِيزُ الْوَقْفَ بِشَرْطِ الِاسْتِبْدَالِ لَأَجَازَ بَيْعَ الْقَيِّمِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَلَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ وَمَاتَ مُجْهَلًا كَانَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَلَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ صَحَّتْ وَضَمِنَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَلَوْ بَاعَهَا بِعُرُوضٍ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَصِحُّ ثُمَّ يَبِيعُهَا بِنَقْدٍ ثُمَّ يَشْتَرِي عَقَارًا أَوْ يَبِيعُهَا بِعَقَارٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهِلَالٌ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّقْدِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ بَيْعِهَا إنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا هُوَ عَقْدٌ جَدِيدٌ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا ثَانِيًا وَإِنْ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَلَكَ بَيْعَهَا ثَانِيًا.

وَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا أُخْرَى ثُمَّ رُدَّتْ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِالْقَضَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِالْأُخْرَى مَا شَاءَ وَالْأُولَى تَعُودُ وَقْفًا وَلَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى وَلَا تَبْطُلُ الْوَقْفِيَّةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا بِالْأُولَى لِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَاسْتُحِقَّتْ الْأُولَى لَا تَبْقَى الثَّانِيَةُ وَقْفًا اسْتِحْسَانًا لِبُطْلَانِ الْمُبَادَلَةِ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ إلَى وَصِيِّهِ لَا يَمْلِكُ وَصِيُّهُ الِاسْتِبْدَالَ وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي حَيَاتِهِ صَحَّ وَلَوْ شَرَطَهُ لِكُلِّ مُتَوَلٍّ صَحَّ وَمَلَكَهُ كُلُّ مُتَوَلٍّ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لِفُلَانٍ وِلَايَةَ الِاسْتِبْدَالِ فَمَاتَ الْوَاقِفُ لَا يَكُونُ لِفُلَانٍ وِلَايَتُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ عَزْلِ الْوَاقِفِ الْمُتَوَلِّي فَكَانَ وَكِيلُهُ فَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ بِوَفَاتِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ لَا الْوَاقِفِ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ مَعَ نَفْسِهِ مَلَكَ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ وَحْدَهُ وَلَا يَمْلِكُهُ فُلَانٌ وَحْدَهُ الْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فِي مَوْضِعٍ جَوَّزَهُ لِلْقَاضِي بِلَا شَرْطِ الْوَاقِفِ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَفِي مَوْضِعٍ مِنْهُ وَلَوْ صَارَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِلَا شَرْطٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ

ــ

[منحة الخالق]

مِمَّا يَتَرَاءَى أَنَّهُ تَوْفِيقٌ فَبَعِيدٌ لِلْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الثَّانِيَةَ بِأَرْضٍ ثَالِثَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ عِبَارَةً تُفِيدُ لَهُ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَرْضِ الْحَوْزِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَرْضُ الْحَوْزِ مَا حَازَهُ السُّلْطَانُ عِنْدَ عَجْزِ أَصْحَابِهَا عَنْ زِرَاعَتِهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا بِدَفْعِهِمْ إيَّاهَا إلَيْهِ لِتَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ مَقَامَ الْخَرَاجِ وَرَقَبَةِ الْأَرْضِ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا فَلَوْ وَقَفَهَا مَنْ أَدْخَلَهُ السُّلْطَانُ لِعِمَارَتِهَا لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ مُزَارِعًا اهـ.

كَذَا فِي الْإِسْعَافِ لِلطَّرَابُلُسِيِّ وَقَدَّمَ هَذَا الشَّارِحُ أَوَّلَ كِتَابِ الْوَقْفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ بَيْعِهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ بَاعَ مَا شَرَطَ اسْتِبْدَالَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ إنْ عَادَ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الرُّؤْيَةِ جَازَ لَهُ بَيْعُهَا ثَانِيًا لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ عَادَ بِمَا هُوَ كَعَقْدٍ جَدِيدٍ كَالْإِقَالَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا ثَانِيًا لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا جَدِيدًا فَيَصِيرُ وَقْفًا فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا أُخْرَى بَدَلَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. اهـ.

(قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ وَفِي الْخَامِسِ كَلَامٌ سَتَعْرِفُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ زِيَادَةُ شَرْطٍ آخَرَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ كَوْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ قنلي زَادَهُ فِي رِسَالَتِهِ فِي شَرَائِطِ الِاسْتِبْدَالِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهَذَا ذَكَرُوهُ فِيمَا شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا كَانَ شَرْطًا فِيهِ فَلَأَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِيمَا لَمْ يَشْتَرِطْ بِكِتَابِ الْوَقْفِ أَوْلَى ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ اسْتِبْدَالَهَا بِأَرْضٍ وَبِالْعَكْسِ أَوْ بِأَرْضِ الْبَصْرَةِ تُفِيدُ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ عَلَى الْمَنْظُورِ فِيهَا كَثْرَةُ الرِّيعِ وَقِلَّةُ الْمَرَمَّةِ وَالْمُؤْنَةِ وَقَابِلِيَّةُ الْبَقَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَبْدَلَ الْحَانُوتَ أَوْ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ لِلِاسْتِغْلَالِ بِأَرْضٍ تُزْرَعُ وَتَحْصُلُ مِنْهَا الْغَلَّةُ قَدْرَ إجَارَةِ الْأُولَى كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْلَى لِاحْتِمَالِ الْمُسَقَّفَاتِ لِلْفِنَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>