للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَخْطُبُ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ فِيهَا شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ، وَفِي الْعِيدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ؛ وَلِهَذَا إذَا خَطَبَ قَبْلَهَا صَحَّ وَكُرِهَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ كَمَا لَوْ تَرَكَهَا أَصْلًا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَيَبْدَأُ بِالتَّحْمِيدِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَخُطْبَةِ النِّكَاحِ وَيَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: هُوَ مِنْ السُّنَّةِ وَيُكَبِّرُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ الْمِنْبَرِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ اهـ.

وَيَجِبُ السُّكُوتُ وَالِاسْتِمَاعُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ وَخُطْبَةِ الْمَوْسِمِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا أَحْكَامَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَحْكَامُهَا خَمْسَةٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ وَلِمَنْ تَجِبُ وَمَتَى تَجِبُ وَكَمْ تَجِبُ وَمِمَّ تَجِبُ أَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ فَعَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ وَأَمَّا لِمَنْ تَجِبُ فَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا مَتَى تَجِبُ فَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَمَّا كَمْ تَجِبُ فَنِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ وَأَمَّا مِمَّ تَجِبُ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا مَا سِوَاهَا فَبِالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُقْضَ إنْ فَاتَتْ مَعَ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ تُعْرَفْ قُرْبَةً إلَّا بِشَرَائِطَ لَا تَتِمُّ بِالْمُنْفَرِدِ فَمُرَادُهُ نَفْيُ صَلَاتِهَا وَحْدَهُ وَإِلَّا فَإِذَا فَاتَتْ مَعَ إمَامٍ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى إمَامٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَعْدَادُهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَكْثَرَ اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ أَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ أَصْلًا أَوْ دَخَلَ مَعَهُ وَأَفْسَدَهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَفْسَدَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ يَقْضِي؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْإِيجَابِ كَالنَّذْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَالسَّجْدَةِ الصَّلَاتِيَّةِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ لَهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا حُكْمُهَا إذَا فَسَدَتْ أَوْ فَاتَتْ فَكُلُّ مَا يُفْسِدُ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ يُفْسِدُهَا مِنْ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقُعُودِ وَفَوِّتْ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَ أَنَّهَا إنْ فَسَدَتْ بِنَحْوِ حَدَثٍ عَمْدٍ يَسْتَقْبِلُهَا، وَإِنْ فَسَدَتْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ سَقَطَتْ، وَلَا يَقْضِيهَا عِنْدَنَا كَالْجُمُعَةِ وَلَكِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا مِثْلَ صَلَاةِ الضُّحَى إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْهُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِالْقَضَاءِ لِفَقْدِ الشَّرَائِطِ فَلَوْ صَلَّى مِثْلَ الضُّحَى لِنَيْلِ الثَّوَابِ كَانَ حَسَنًا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ.

(قَوْلُهُ وَتُؤَخَّرُ بِعُذْرٍ إلَى الْغَدِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا أَنْ لَا تُقْضَى لَكِنْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِتَأْخِيرِهَا إلَى الْغَدِ لِلْعُذْرِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ فَلَا تُؤَخَّرُ إلَى الْغَدِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا إلَى مَا بَعْدَهُ بِعُذْرٍ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ انْتِهَاءَ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّقْيِيدِ هُنَا فَالْعِبَارَةُ الْجَيِّدَةُ وَتُؤَخَّرُ بِعُذْرٍ إلَى الزَّوَالِ مِنْ الْغَدِ فَقَطْ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ اخْتِلَافٌ فِي هَذَا وَذُكِرَ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ فَاتَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَمْ تُقْضَ لِأَبِي يُوسُفَ حَدِيثُ «أَنَسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمُومَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ الْهِلَالَ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَصْبَحُوا صِيَامًا فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا وَخَرَجَ بِهِمْ مِنْ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا تُقْضَى لَكِنْ تَرَكْنَاهُ فِي الْأَضْحَى لِخَصَائِصِ الْعِيدِ ثَمَّةَ، وَهُوَ جَوَازُ النَّحْرِ وَحُرْمَةُ الصَّوْمِ وَفِيمَا عَدَاهُ جَرَيْنَا عَلَى الْأَصْلِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «وَلْيَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنْ الْغَدِ» ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ بِهِمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ لِإِظْهَارِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ وَإِرْهَابًا لِعَدُوِّهِمْ اهـ. .

[الْأَكْلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيد]

(قَوْلُهُ وَهِيَ أَحْكَامُ الْأَضْحَى) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ لِعِيدِ الْفِطْرِ ثَابِتَةٌ لِعِيدِ الْأَضْحَى صِفَةً وَشَرْطًا وَوَقْتًا وَمَنْدُوبًا لِاسْتِوَائِهِمَا دَلِيلًا وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>