للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاحْتِمَالِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ اهـ.

ثُمَّ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَتْبَعُ رَأْيَ نَفْسِهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَالْمُقْتَدِي يَتْبَعُ رَأْيَ إمَامِهِ، وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَخَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ يَرْكَعُ وَيُكَبِّرُ فِي رُكُوعِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى رَكَعَ لَا يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ، وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ لِيُكَبِّرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْ فَاتَتْهُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ يُكَبِّرُ فِي الْحَالِ وَيُكَبِّرُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) اقْتِدَاءً بِابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِتَكُونَ التَّكْبِيرَاتُ مُجْتَمِعَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَعْلَامِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ وَجَبَ الْجَهْرُ بِهَا وَالْجَمْعُ يُحَقِّقُ مَعْنَى الشَّعَائِرِ وَالْإِعْلَامِ هَذَا إلَّا أَنَّ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَخَلَّلَتْ الزَّوَائِدُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَوَجَبَ الضَّمُّ إلَى إحْدَاهُمَا وَالضَّمُّ إلَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْأَصْلُ فِيهِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ لَا غَيْرُهُ فَوَجَبَ الضَّمُّ إلَيْهَا ضَرُورَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْهِدَايَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ فِي عِبَارَتِهِمَا الثُّبُوتُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ ثُمَّ الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ يَصِيرُ مُوَالِيًا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ يَصِيرُ فِعْلُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ عَلِيٍّ فَكَانَ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْأَذْكَارِ وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي الْمُجْتَبَى الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ أَوَ أَخَّرَ الْمُقَدَّمِ سَاهِيًا أَوْ اجْتِهَادًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْرُغْ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ يُعِيدُ، وَإِنْ فَرَغَ لَا يَعُودُ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ إنْ بَدَأَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ إلَّا الْفَاتِحَةَ كَبَّرَ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إذَا لَمْ تَتِمَّ كَانَ امْتِنَاعًا عَنْ الْإِتْمَامِ لَا رَفْضًا لِلْفَرْضِ، وَلَوْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً وَكَبَّرَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، فَإِنْ تَحَوَّلَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَمَا كَبَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ إنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ مَا بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرَاتِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ مَا بَقِيَ، وَلَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ.

(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ) تَوْضِيحٌ لِمَا أَبْهَمَهُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ، وَلَا يَرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي " فقعس صمعج " فَإِنَّ الْعَيْنَ الْأُولَى لِلْإِشَارَةِ إلَى الْعِيدَيْنِ فَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالزَّوَائِدِ دُونَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَإِنَّ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ لَمَّا أُلْحِقَتْ بِالزَّوَائِدِ فِي كَوْنِهِمَا وَاجِبَتَيْنِ حَتَّى يَجِبَ السَّهْوُ بِتَرْكِهِمَا سَاهِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّهُمَا الْتَحَقَتَا بِهِمَا فِي الرَّفْعِ أَيْضًا فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِالزَّوَائِدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَبَّرَ رَاكِعًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقِيلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ عِنْدَنَا؛ وَلِهَذَا يُرْسِلُ يَدَيْهِ عِنْدَنَا وَقَدْرُهُ مِقْدَارُ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لِزَوَالِ الِاشْتِبَاهِ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ الزِّحَامِ وَقِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ الِاشْتِبَاهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ لِمَا عُلِمَ سَابِقًا فِي فَضْلِ الْقِرَاءَةِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا كَمَا يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَلَا يُوَافِقُ الْإِمَامَ فِي التَّرْكِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ)

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوِتْرِ، وَالنَّوَافِلِ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ وَذَكَرَ هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ حَيْثُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي مَحْضِ الْقِيَامِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُكَبِّرُ وَتَكَلَّفَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَشْكَلُ أَكْثَرَ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى مَا هُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، وَمَا هُنَا صَرَّحَ بِمِثْلِهِ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُكَبِّرُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ، وَهُوَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُكَبِّرُ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ، وَلَا يُعِيدُ فِي الْفَصْلَيْنِ الْقِرَاءَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَاجِبٌ يَجِبُ بِتَرْكِهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَهَكَذَا فَهِمَهُ فِي الشرنبلالية مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ الْكَمَالَ صَرَّحَ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِتَرْكِ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. اهـ.

قُلْتُ وَالْمُؤَلِّفُ أَيْضًا صَرَّحَ بِذَلِكَ هُنَاكَ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ التَّكْبِيرَتَانِ فِي رُكُوعَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاتَيْ الْعِيدَيْنِ وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ بُعْدٍ لَكِنَّهُ يُرْتَكَبُ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>