للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ لِتَوَقُّفِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِلَا عَقْلِيَّةِ تَأْثِيرٍ وَلَا إفْضَاءٍ وَعَدَمُ الضَّمَانِ بِرُجُوعِ شُهُودِ الشَّرْطِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنَّمَا تَكَلُّفُ الْإِحْصَانِ عَلَامَةُ الْقَائِلِ بِتَضْمِينِ شُهُودِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ الْمُخْتَارُ إلَيْهِ أَشَارَ فِي التَّحْرِيرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ تَضْمِينِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَالْقَائِلُ بِأَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِالرُّجُوعِ لَا إشْكَالَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ تَكَلَّفَ وَادَّعَى أَنَّ الْإِحْصَانَ عَلَامَةٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ بِهِ بِدَلِيلِ عَطْفِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ شُهُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ لَكَانَ أَوْلَى وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ وَالشَّرْطِ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ وُجُودِ الشَّرْطِ لِلْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ هِيَ الْعِلَّةُ فَأُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى مَنْ أَثْبَتَهَا وَالشَّرْطُ لَا يُعَارِضُ الْعِلَّةَ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا رَجَعُوا وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَ شُهُودِ الْعِلَّةِ لَكِنَّ عَدَمَ التَّضْمِينِ فِي الثَّانِي اتِّفَاقٌ وَفِي الْأَوَّلِ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ مَا فِي الْكِتَابِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ وَاخْتَارَ الْبَزْدَوِيُّ مَا قَابَلَهُ وَأَرَادَ مِنْ الشَّرْطِ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ فَشَمِلَ السَّبَبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ التَّفْوِيضِ وَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْإِيقَاعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاسْتَشْهَدَ الْحُسَامِيُّ عَلَى عَدَمِ تَضْمِينِ شُهُودِ الشَّرْطِ بِمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ ضَرَبَك فُلَانٌ فَأَنْت حُرٌّ فَضَرَبَهُ فُلَانٌ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَلَا يَضْمَنُ الضَّارِبُ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِيَمِينِ مَوْلَاهُ لَا بِالضَّرْبِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

(كِتَابُ الْوَكَالَةِ) مُنَاسَبَتُهَا لِلشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِنْسَانَ يَحْتَاجُ فِي مَعَاشِهِ إلَى التَّعَاضُدِ وَالشَّهَادَةُ مِنْهُ فَكَذَا الْوَكَالَةُ وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَكَلْت إلَيْهِ الْأَمْرَ وَكْلًا مِنْ بَابِ وَعَدَ وَوُكُولًا فَوَّضْتُهُ إلَيْهِ وَاكْتَفَيْت بِهِ الْوَكِيلُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَيْهِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْحَافِظِ وَمِنْهُ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَالْجَمْعُ وُكَلَاءُ وَوَكَّلْتُهُ تَوْكِيلًا فَتَوَكَّلَ قَبِلَ الْوَكَالَةَ وَهِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ وَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى اعْتَمَدَ عَلَيْهِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ وَهُوَ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إلَى الْغَيْرِ الثَّانِي فِي مَعْنَاهَا اصْطِلَاحًا فَهِيَ إقَامَةُ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ إلَى الْغَيْرِ الثَّانِي فِي رُكْنِهَا وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ حُكْمًا فَلَوْ قَالَ: وَكَلْتُك فِي هَذَا كَانَ وَكِيلًا بِحِفْظِهِ لِأَنَّهُ الْأَدْنَى فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ هَكَذَا ذَكَرُوا وَقَيَّدُوا بِقَوْلِهِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَكَلْتُك فَقَالَ قَبِلْت الْوَكَالَةَ فَقَالَ الْوَكِيلُ: طَلَّقْت امْرَأَتَك ثَلَاثًا أَوْ أَعْتَقْت عَبْدَك فُلَانًا أَوْ زَوَّجْت بِنْتَك فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ تَصَدَّقْت مِنْ مَالِك بِكَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا أَرْضَى بِذَلِكَ فَهَذَا الْكَلَامُ مُتَوَجِّهٌ إلَى الَّذِي تَحَاوَرَا فِيهِ وَقَلِيلًا مَا يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ وَالتَّفْوِيضُ إلَّا بِنَاءً عَلَى سَابِقَةٍ تَجْرِي بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ بِمَا جَرَتْ الْمُخَاطَبَةُ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا خَارِجًا مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ إنْفَاذِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْت وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ تَفْوِيضًا لِلْحِفْظِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا بِهِ لِلْجَهَالَةِ وَالِاسْتِحْسَانُ انْصِرَافُهَا إلَى الْحِفْظِ وَلَوْ قَالَ: أَجَزْت لَك بَيْعَ عَبْدِي هَذَا أَنَّهُ يَكُونُ تَوْكِيلًا بِالْبَيْعِ وَلَوْ زَادَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُك مَلَكَ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ حَتَّى إذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ وَعَنْ الْإِمَامِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا إذَا قَالَ: طَلَّقْت امْرَأَتَك وَوَقَفْت وَوَهَبْت أَرْضَك فِي الْأَصَحِّ لَا يَجُوزُ وَفِي الرَّوْضَةِ فَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك قِيلَ: هَذَا بَاطِلٌ وَقِيلَ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ تَفْوِيضُ الْحِفْظِ وَلَوْ قَالَ: مَالِكُ الْمُسْتَغَلَّاتِ فَوَّضْت إلَيْك أَمْرَ مُسْتَغِلَّاتِي وَكَانَ آجَرَهَا مِنْ إنْسَانٍ مَلَكَ تَقَاضِي الْأُجْرَةِ وَقَبْضَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: إلَيْك أَمْرُ دُيُونِي مَلَكَ التَّقَاضِي وَلَوْ قَالَ: إلَيْك فَوَّضْت أَمْرَ دَوَابِّي وَأَمْرَ مَمَالِيكِي مَلَكَ الْحِفْظَ وَالرَّعْيَ وَالتَّعْلِيفَ وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ فَوَّضْت إلَيْك أَمْرَ امْرَأَتِي مَلَكَ طَلَاقَهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَجْلِسِ

ــ

[منحة الخالق]

كِتَابُ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) دَخَلَ بِهِ السُّكُوتُ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ قُبَيْلَ الرَّابِعِ وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ عَنْ الرَّمْلِيِّ التَّفْرِقَةُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْقَبُولِ الصَّرِيحِ وَبَيْنَ السُّكُوتِ فَرَاجِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>