للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الْأَنْظَرُ فِي حَقِّهِ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ حُرٌّ فَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ الْعَبْدُ هُوَ ابْنِي مِنْ زَوْجَتِي وَهِيَ أَمَةٌ فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا لِأَنَّهُ حُرٌّ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فَلَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ بِتَصَادُقِ الْعَبْدِ وَسَيِّدهَا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَكُونُ عَبْدًا لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْأَمَةَ أُمُّهُ فَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهَا ثَبَتَ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ وَهُوَ الرِّقُّ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ بَيْنَ رَقِيقَيْنِ حُرًّا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا قُلْنَا لَا يَسْتَحِيلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عِتْقُهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَبَعْدَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ الثَّابِتَةُ بِالدَّارِ بِالشَّكِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِي آخِرِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قِيلَ قَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ زَوْجَيْنِ قِنَّيْنِ بِلَا تَحْرِيرٍ وَوَصِيَّةٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْحُرِّ وَلَدٌ وَهُوَ قِنٌّ لِأَجْنَبِيٍّ فَزَوَّجَ الْأَبُ أَمَتَهُ مِنْ وَلَدِهِ بِرِضَا مَوْلَاهُ فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِ الْمَوْلَى اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ ادَّعَاهُ حُرَّانِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْحُرَّةِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَمَةِ فَاَلَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ الْحُرَّةِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا لِكَوْنِهِ يُثْبِتُ جَمِيعَ أَحْكَامِ النَّسَبِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ سُرِّيَّةً لَهُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْأَحْكَامَ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنْ جَانِبَيْنِ فَكَانَ أَوْلَى.

[وَلَا يُرَقُّ اللَّقِيط إلَّا بِبَيِّنَةٍ]

(قَوْلُهُ وَلَا يُرَقُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ حُرٌّ ظَاهِرًا فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ قُبِلَتْ وَكَانَ عَبْدَهُ لَا يُقَالُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ عَلَى خَصْمٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ خَصْمٌ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هُنَا وَإِنَّمَا قُلْنَا هُنَا كَيْ لَا يُنْقَضَ بِمَا إذَا ادَّعَى خَارِجٌ نَسَبَهُ فَإِنَّ يَدَهُ تَزُولُ بِلَا بَيِّنَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ يَدَهُ اُعْتُبِرَتْ لِمَنْفَعَةِ الْوَلَدِ وَفِي دَعْوَى النَّسَبِ مَنْفَعَةٌ تَفُوقُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ اعْتِبَارَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ فَتُزَالُ لِحُصُولِ مَا يَفُوقُ الْمَقْصُودَ مِنْ اعْتِبَارِهَا وَهُنَا لَيْسَ دَعْوَى الْعَبْدِيَّةِ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ بِمَا يَضُرُّهُ لِتَبْدِيلِ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ فَلَا تُزَالُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهَا إسْلَامُهُمْ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِالدَّارِ وَبِالْيَدِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ إلَّا إذَا اُعْتُبِرَ كَافِرًا بِوُجُودِهِ فِي مَوْضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ عَبْدُهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ لَقِيطٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَ فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَقِيطٌ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَيَّدَ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا يُرَقُّ بِإِقْرَارِهِ لِمُدَّعِيهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُسْمَعُ تَصْدِيقُهُ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ نَفْسَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا فِي يَدِهِ وَإِنْ رُدَّ لَا يَصِحُّ لِقِيَامِ يَدِهِ مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ بَلَغَ فَأَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِيهِ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُقْضَى بِهِ إلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ كَالْحَدِّ الْكَامِلِ وَنَحْوِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَصَارَ عَبْدًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَصِيرُ بِهِ عَبْدًا لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ فِي ذَلِكَ شَرْعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ.

وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَمَا كَبِرَتْ أَوْ كَانَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ صَحَّ وَكَانَتْ أَمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَا تُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءَ فَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِرِقِّهَا انْتِفَاءُ النِّكَاحِ وَإِنْ بَلَغَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ وَلِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَصَدَاقُهَا لَازِمٌ عَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ وَكَذَا إذَا اسْتَدَانَ دَيْنًا أَوْ بَايَعَ إنْسَانًا أَوْ كَفَلَ كَفَالَةً أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْخَانِيَّةِ وَزَادَ فِيهَا فَإِذَا أَعْتَقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ يَصِيرُ طَلَاقُهَا ثِنْتَيْنِ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَمَا حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ اهـ.

وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَزَادَ فِيهِ لَوْ دَبَّرَ اللَّقِيطُ عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>