للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهُوَ ابْنُهُمَا وَلَوْ وَصَفَا وَأَصَابَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَضَى لِلَّذِي أَصَابَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَامَةَ مُرَجِّحَةٌ عِنْدَ عَدَمِ مُرَجِّحٍ أَقْوَى مِنْهَا فَيُقَدَّمُ ذُو الْبُرْهَانِ عَلَى ذِي الْعَلَامَةِ وَالْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ ذِي الْعَلَامَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَقْدِيمُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْخَارِجِ ذِي الْعَلَامَةِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ ذِي الْعَلَامَةِ فَعُلِمَ أَنَّهَا أَضْعَفُ الْمُرَجِّحَاتِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ ابْنَتُهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا حُكِمَ بِهِ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ اهـ.

وَفِيهَا عَنْ الْقُدُورِيِّ لَوْ شَهِدَ لِلْمُسْلِمِ ذِمِّيَّانِ وَلِلذِّمِّيِّ مُسْلِمَانِ قُضِيَ بِهِ لِلْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذِمِّيٍّ وَهُوَ مُسْلِمٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ ذِمِّيٍّ عِنْدَ عَدَمِ دَعْوَى مُسْلِمٍ وَيَكُونُ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَضْمَنُ النَّسَبَ وَهُوَ نَافِعٌ لِلصَّغِيرِ وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ وَهُوَ يَضُرُّهُ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ دُونَ مَا يَضُرُّهُ وَالْمُرَادُ مِنْ مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَاهُمْ أَوْ بِيعَةٌ أَوْ كَنِيسَةٌ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ ذِمِّيًّا رِوَايَةً وَاحِدَةً.

وَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ ذِمِّيًّا فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ اُعْتُبِرَ الْمَكَانُ لِسَبْقِهِ وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ اُعْتُبِرَ الْوَاجِدُ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِقُوَّةِ الْيَدِ أَلَا تَرَى أَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَبَوَيْنِ فَوْقَ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ حَتَّى إذَا سَبَى مَعَ الصَّغِيرِ أَحَدَهُمَا يُعْتَبَرُ كَافِرًا وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ اُعْتُبِرَ الْإِسْلَامُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَفِي النِّهَايَةِ حَاصِلُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُسْلِمٌ ثَانِيهَا أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ ثَالِثُهَا أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ رَابِعُهَا عَكْسُهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ فِيهِمَا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ الْعِبْرَةُ لِلْوَاجِدِ فِيهِمَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَمَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ أَيْ مَا يَصِيرُ الْوَلَدُ بِهِ مُسْلِمًا نَظَرًا لِلصَّغِيرِ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَكَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْوَاجِدُ ذِمِّيًّا وَمَفْهُومُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ذِمِّيًّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ قِيلَ يُعْتَبَرُ بِالسِّيمَا وَالزِّيِّ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: ٢٧٣] وَقَالَ {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: ٤١] وَفِي الْمَبْسُوطِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ الْكُفَّارُ يَعْنِي مَوْتَانَا بِمَوْتَاهُمْ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالزِّيِّ وَالْعَلَامَةِ وَلَوْ فُتِحَتْ الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَوُجِدَ فِيهَا شَيْخٌ يُعَلِّمُ صِبْيَانًا حَوْلَهُ الْقُرْآنَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ الرِّوَايَاتِ الْأَرْبَعَ وَصَرَّحَ فِي الْمُخْتَارِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ اعْتِبَارُ الْمَكَانِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَدْرَكَ اللَّقِيطُ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ وَجَدَهُ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اسْتِحْسَانًا وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَتْلِهِ إذَا لَمْ يُسْلِمْ فِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُقْتَلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِحْسَانُ وَالْقِيَاسُ فِي الْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْقِيَاسِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتُرِكَ عَلَى الْكُفْرِ بِالْحُرِّيَّةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُتْرَكُ عَلَى الْكُفْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الذِّمِّيِّ اللَّقِيطَ إنَّمَا يَكُونُ مُسْلِمًا إذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنْ بَرْهَنَ بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَصَارَ تَبَعًا لَهُ فِي دِينِهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا لِأَنَّا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ فَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْحُكْمُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ قَامَتْ فِي حُكْمِ الدِّينِ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ عَبْدٍ وَهُوَ حُرٌّ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ عَبْدٍ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَكَانَ حُرًّا لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ قَدْ تَلِدُ لَهُ الْحُرَّةُ فَلَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ الظَّاهِرُ بِالشَّكِّ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْحُرَّ فِي دَعْوَتِهِ اللَّقِيطَ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْلَى مِنْ الذِّمِّيِّ تَرْجِيحًا لِمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا حُكِمَ بِهِ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ يَنْبَغِي إنْ وَافَقَ وَإِلَّا فَلِمَنْ وَافَقَ اهـ.

قُلْتُ: وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا وَحُكِمَ بِكَوْنِهِ ابْنًا فَهُوَ لِلَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>