للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْنِ فَلَا يُمْنَعُ وَقِيلَ: لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا إقْرَارَهُ بِسَبَبِ السَّلَمِ وَالِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الدَّيْنِ إنَّمَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا لَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ الدَّيْنُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَدَيْنُ السَّلَمِ مَعَ دَيْنٍ آخَرَ يَخْتَلِفَانِ إذْ الِاسْتِبْدَالُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ فِي السَّلَمِ وَجَازَ فِي دَيْنِ الْبُرِّ بِلَا سَبَبٍ فَلَمْ يَشْهَدَا بِدَيْنٍ يَدَّعِيهِ فَلَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْقَرْضِ وَشَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ وَلَمْ يَذْكُرَا بِسَبَبِ الْقَرْضِ تُقْبَلُ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِهِ وَشَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ تُقْبَلُ اهـ.

وَفِي الْقِنْيَةِ ادَّعَى عَبْدًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِلْكٍ مُرْسَلٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِمِلْكِيَّتِهِ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي دَعْوَى الْأَمَةِ وَالضَّيْعَةِ لَا تُقْبَلُ وَالْفَرْقُ فِيهَا وَأَمَّا عَكْسُهَا أَعْنِي مَا إذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ فَشَهِدَا بِالْإِنْشَاءِ فَغَيْرُ مُتَصَوَّرٍ شَرْعًا إذْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَأَنَّ الْعَيْنَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَهُ لَمَّا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ ابْتَدَأَ بِدَعْوَى الْإِقْرَارِ وَقَالَ: أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا لِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ: يَصِحُّ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِعَدَمِ صُلُوحِ الْإِقْرَارِ لِلِاسْتِحْقَاقِ كَالْإِقْرَارِ كَاذِبًا فَلَا تَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِإِضَافَةِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَيْهِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي حَيْثُ تُقْبَلُ وَتَمَامُهُ فِيهَا وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا بِأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَكْفِي عِنْدَهُمَا الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ بِاتِّفَاقِهِمَا لَفْظًا تَطَابُقُ لَفْظَيْهِمَا عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ وَاحِدٌ بِدِرْهَمٍ وَآخَرُ بِدِرْهَمَيْنِ وَآخَرُ بِثَلَاثَةٍ وَآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَهُ فِي شَيْءٍ لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ لَفْظًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِأَرْبَعَةٍ وَكَذَا إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَلْفِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْمِائَةُ وَالْمِائَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالطَّلْقَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالثَّلَاثُ كَذَا فِي الْكَافِي وَقَدْ أَشَارَ بِتَفْسِيرِ الْمُوَافَقَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ بَلْ إمَّا بِعَيْنِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُطَابَقَةَ فِي الْمَعْنَى كَافِيَةٌ لِلْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لِحُصُولِ الْمُطَابَقَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْت خَلِيَّةٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْت بَرِيَّةٌ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ مُتَبَايِنَانِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي لَازِمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ لِأَنَّ مَعْنَى خَلِيَّةٍ غَيْرُ مَعْنَى بَرِيَّةٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَا تُقْبَلُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْعُمْدَةِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ اهـ.

وَخَرَجَ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَسَائِلُ وَإِنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهَا إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ الْأُولَى مَا فِي الْعُمْدَةِ الثَّانِيَةُ ادَّعَى كُرَّ حِنْطَةٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا جَيِّدَةٌ وَالْآخَرُ رَدِيئَةٌ وَالدَّعْوَى بِالْأَفْضَلِ يُقْضَى بِالْأَقَلِّ الثَّالِثَةُ ادَّعَى مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: نَيْسَابُورِيَّةٌ وَالْآخَرُ بُخَارِيَّةٌ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي النَّيْسَابُورِيَّة وَهُوَ أَجْوَدُ يُقْضَى بِالْبُخَارِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَغَيْرُ مُتَصَوَّرٍ شَرْعًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ الْغَزِّيِّ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكِي وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ تُسْمَعُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ رَجَعَ إلَى دَعْوَى الْمِلْكِ وَالْكَلَامُ لَيْسَ فِيهِ فَيَسْتَقِيمُ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

[يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى]

(قَوْلُهُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي النِّهَايَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي النِّهَايَةِ هُوَ عَيْنُ مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ تَطَابُقُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ بَلْ بِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ الْمُطَابَقَةَ فِي الْمَعْنَى كَافِيَةٌ وَمُرَادُهُ الْمُطَابَقَةُ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا التَّضَمُّنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي النِّهَايَةِ الْمَقْصُودُ مَا تَضْمَنَّهُ اللَّفْظُ وَهُوَ مَا صَارَ اللَّفْظُ عَلَمًا عَلَيْهِ فَإِنَّ مَا صَارَ اللَّفْظُ عَلَمًا عَلَيْهِ هُوَ مَعْنَاهُ الْمُطَابِقِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: ذَكَرَ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الشَّهَادَاتِ مِنْ شَهَادَاتِ الْجَامِعِ وَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُطَابِقَةً لِلْأُخْرَى فِي اللَّفْظِ الَّذِي لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَعْنَى أَمَّا الْمُطَابَقَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمَعْنَى خَاصَّةً وَلَا عِبْرَةَ لِلَّفْظِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ تُقْبَلُ وَتَمَامُهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى قَتَلَا وَشَهِدَ بِهِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ تُرَدُّ إذْ الْإِقْرَارُ يَتَكَرَّرُ لَا الْقَتْلُ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَقُولُ: فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ تُقْبَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ بَعْدَ أَنْ رَمَزَ لِلْمُحِيطِ وَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسِّكِّينِ فَقَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ: إنَّهُ أَقَرَّ بِمَا قَالَا وَلَكِنَّهُ وَاَللَّهِ مَا قَتَلَهُ إلَّا بِالسَّيْفِ أَوْ قَالَ صُدِّقَا جَمِيعًا لَكِنَّهُ وَاَللَّهِ مَا قَتَلَهُ إلَّا بِالرُّمْحِ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَيُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ اهـ. تَدَبَّرْهُ.

هَذَا وَقَدْ صَرَّحَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْغُرَرِ بِالْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي هُنَا: وَبِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَيْثُ تُقْبَلُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>