للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ وَإِنْ اشْتَهَى) يَعْنِي جَازَ لَهُ أَنْ يَمَسَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ كَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالذِّرَاعِ وَالرَّأْسِ وَيُقَلِّبَ شَعْرَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ وَإِنْ خَافَ عَلَى الشِّرَاءِ فَيُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ وَالْمَسُّ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ إرَادَةُ الشِّرَاءِ وَفِي الشَّارِحِ أَمَةُ الرَّجُلِ تُكَبِّسُ رِجْلَ زَوْجِهَا وَيَخْلُو بِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْأَمَةِ لِقِيَامِ الرِّقِّ فِيهِنَّ وَوُجُودِ الْحَاجَةِ، وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ.

[لَا تُعْرَضُ الْأَمَةُ إذَا بَلَغَتْ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ لِلْبَيْعِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تُعْرَضُ الْأَمَةُ إذَا بَلَغَتْ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ) يَعْنِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ أَمَتَهُ لِلْبَيْعِ فَلَا يَعْرِضُهَا فِي إزَارٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً وَالْمُرَادُ بِالْإِزَارِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا عَوْرَةٌ وَلَا يَجُوزُ كَشْفُهَا وَاَلَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَهِيَ كَالْبَالِغَةِ لَا تُعْرَضُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الِاشْتِهَاءِ.

قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَالْمُخَنَّثُ كَالْفَحْلِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] وَهُمْ ذُكُورٌ فَيَدْخُلُونَ تَحْتَ الْخِطَابِ الْعَامِّ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الْخَصِيُّ مُثْلَةٌ وَلَا يُبِيحُ مَا كَانَ حَرَامًا قَبْلَهُ وَلِأَنَّ الْخَصِيَّ ذَكَرٌ يَشْتَهِي وَيُجَامِعُ وَهُوَ أَشَدُّ جِمَاعًا؛ لِأَنَّ آلَتَهُ لَا تَفْتُرُ فَصَارَ كَالْفَحْلِ، وَالْمَجْبُوبُ ذَكَرٌ يَشْتَهِي وَيَسْحَقُ وَيُنْزِلُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَسْحَقُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُسْحِقُ بِضَمِّهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ: أَيْ يُنْزِلُ الْمَاءَ وَحُكْمُهُ كَأَحْكَامِ الرِّجَالِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقَطْعُ تِلْكَ الْآلَةِ كَقَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ فَلَا يُبِيحُ شَيْئًا كَانَ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ الْمَجْبُوبُ قَدْ جَفَّ مَاؤُهُ فَقَدْ رَخَّصَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الِاخْتِلَاطَ مَعَ النِّسَاءِ لِوُقُوعِ الْأَمْنِ مِنْ الْفِتْنَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: ٣١] فَقِيلَ هُوَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي قَدْ جَفَّ مَاؤُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَكَذَا الْمُخَنَّثُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي الرَّدِيءَ مِنْ الْأَفْعَالِ لَا يَحِلُّ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْفُسَّاقِ فَيُبْعَدُ عَنْ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَ مُخَنَّثًا بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مُتَكَسِّرًا فِي أَعْضَائِهِ وَلَيِّنًا فِي لِسَانِهِ وَهُوَ لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ فَقَدْ رَخَّصَ لَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الِاخْتِلَاطَ بِالنِّسَاءِ وَفِي الْإِبَانَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَقَالُوا الْأَبْلَهُ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِالنِّسَاءِ وَإِنَّمَا هَمُّهُ بَطْنُهُ يُرَخَّصُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِالنِّسَاءِ وَالْأَصَحُّ لَهُ الْمَنْعُ وَلَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْخَصِيِّ عَلَى النِّسَاءِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْحُلُمِ وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَبْدُهَا كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ الرِّجَالِ) حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا لَهُ إلَّا مَا يَجُوزُ أَنْ تُبْدِيَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ سَيِّدَتِهِ إلَّا مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: نَظَرُهُ إلَيْهَا كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى مَحَارِمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] وَلَنَا أَنَّهُ مَحَلٌّ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا زَوْجٍ وَالشَّهْوَةُ مُتَحَقِّقَةٌ وَالْحَاجَةُ قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ خَارِجَ الْبَيْتِ وَالْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي الْإِمَاءِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ سُورَةُ النُّورِ فَإِنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الْإِنَاثِ لَا فِي الذُّكُورِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا وَفِي الْمُحِيطِ وَالْعَبْدُ فِي النَّظَرِ إلَى سَيِّدَتِهِ الَّتِي لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ فَحْلًا وَفِي قَاضِي خان وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سَيِّدَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِالْإِجْمَاعِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ بِلَا، إذْنِهَا وَعَنْ زَوْجَتِهِ بِإِذْنِهَا) يَعْنِي لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَلَهُ إذَا أَرَادَ الْإِنْزَالَ أَنْ يُنْزِلَ خَارِجَ فَرْجِهَا بِغَيْرِ، إذْنِهَا أَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ الْعَزْلِ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا» وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ لَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ حَتَّى كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَضَاءً لِشَهْوَتِهَا وَتَحْصِيلًا لِلْوَلَدِ وَلِهَذَا تُخَيَّرُ فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ فِي الْوَطْءِ وَالْعَزْلِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةُ غَيْرِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فِي النِّكَاحِ لَا يُقَالُ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ وَهَذَا فِي الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَا يُقَالُ حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي أَصْلِ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ لَا فِي وَصْفِ الْكَمَالِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ أَلَا تَرَى أَنَّ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يُجَامِعُ وَلَا مَاءَ لَهُ يُنْزِلُهُ فِي فَرْجِهَا وَلَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَهُ فِيمَا ذُكِرَ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْ الرَّجُلِ أَمَّا هَهُنَا إذَا كَانَ لَهُ مَاءٌ فَلَهُ الصُّنْعُ فِي الْعَزْلِ فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ]

قَالَ الشَّارِحُ: أَخَّرَ الِاسْتِبْرَاءَ لِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ مِلْكٍ مُقَيَّدٍ وَالْمُقَيَّدُ بَعْدَ الْمُطْلَقِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَإِنْ قُلْتَ: أَيْنَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ فِيمَا سَبَقَ قُلْتُ: فُهِمَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اللَّمْسَ فَالنَّهْيُ عَنْ الْمُسَمَّى نَهْيٌ عَنْهُ فَلِذَا عَنَوْا بِهِ الْوَطْءَ فَتَأَمَّلْ اهـ.

أَقُولُ: لَا السُّؤَالُ شَيْءٌ وَلَا الْجَوَابُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ مَا قَالُوا: لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ فِيمَا سَبَقَ بَلْ مُرَادُهُمْ أَنَّ الْوَطْءَ الْمُقَيَّدَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ نَفْسِهِ فَأَخَّرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>