الصَّبِيَّ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَأَعَارَهُ الْفَرَسَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ أَخْذَ الْفَرَسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَقِيَهُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي طَلَبَ صَاحِبَهُ إلَى أَدْنَى الْمَوَاضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ شِرَاءً أَوْ كِرَاءً. اهـ.
[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا هَلَكَتْ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ وَمَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ كَشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ فَإِنْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهَا أَنَّهَا لِلْغَيْرِ ضَمِنَهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُعِيرِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعِيرَ وَإِذَا ضَمَّنَهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ إذَا ضَمِنَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُودِعِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَلَا يَمْلِكُ وَالِدُ الصَّغِيرِ إعَارَةَ مَالِ وَلَدِهِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ أَنْ يُعِيرَ وَالْمَرْأَةُ إذَا أَعَارَتْ شَيْئًا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ فَهَلَكَ إنْ كَانَ شَيْئًا دَاخِلَ الْبَيْتِ وَمَا يَكُونُ فِي أَيْدِيهِنَّ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ أَمَّا فِي الْفَرَسِ أَوْ الثَّوْرِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمَرْأَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى ضَمِنَهَا كَمَا لَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا بِالضَّرْبِ أَوْ حَمَّلَهَا مَا يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَحْمِلُهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا مِمَّا لَا يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهَا فِي الدَّوَابِّ وَكَذَا لَوْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَتَرَكَهَا فِي السِّكَّةِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَاجَتِهِ إلَى نَاحِيَةٍ مُسَمَّاةٍ فَأَخْرَجَهَا إلَى النَّهْرِ لِيَسْقِيَهَا وَهِيَ غَيْرُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ضَمِنَ إذَا هَلَكَتْ وَكَانَ إذَا اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ بِهِ أَرْضَهُ فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى يَضْمَنُ إذَا عَطِبَ وَكَذَا إذَا قَرَنَهُ بِثَوْرٍ أَعْلَى مِنْهُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ فَهَلَكَ وَكَذَا إذَا نَامَ فِي الْمَفَازَةِ وَمِقْوَدُ الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ فَسُرِقَتْ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا وَإِنْ كَانَ جَالِسًا لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ حَوَالَيْهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ حَافِظًا عَادَةً وَلَوْ تَرَكَهُ فِي الْمَرَجِ يُرَاعَى إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ هَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً يَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهُ فِي الْقَرْيَةِ وَلَيْسَ لِلْقَرْيَةِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَا يَضْمَنُ إنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ قَاعِدًا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلذَّهَابِ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَهَلَكَتْ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّهُ أَعَارَهَا لِلذَّهَابِ لَا لِلْإِمْسَاكِ فِي الْبَيْتِ
(قَوْلُهُ وَلَا تُؤَجَّرُ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَقْوَى لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فَلَوْ مَلَكَهَا لَزِمَ لُزُومُ مَا لَا يَلْزَمُ وَهُوَ الْعَارِيَّةُ أَوْ عَدَمُ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ وَهُوَ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَلَا تُرْهَنُ كَالْوَدِيعَةِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَفِّيَ دَيْنَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ أَنْ يُودِعَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَرَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ فَصَارَ غَاصِبًا وَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُسْتَأْجِرُ كَالْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ وَإِذَا ضَمِنَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا ضَمِنَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ آجَرَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(قَوْلُهُ وَيُعِيرُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمِلِ) لِكَوْنِهِ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَمَلَكَ أَنْ يُمَلِّكَهَا قَيَّدَ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ وَهُوَ الْحَمْلُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَالسُّكْنَى لِأَنَّ مَا يَخْتَلِفُ لَيْسَ فِيهِ أَنْ يُعِيرَ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُطْلَقَةً كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ أَوْ ثَوْبًا لِلُّبْسِ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُمَا وَيَكُونُ ذَلِكَ تَعْيِينًا لِلرَّاكِبِ وَاللَّابِسِ فَإِنْ رَكِبَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَكُونُ ضَامِنًا وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ وخواهر زاده لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَصُحِّحَ الْأَوَّلُ فِي الْكَافِي
(قَوْلُهُ فَلَوْ قَيَّدَهَا بِوَقْتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ بِهِمَا لَا يَتَجَاوَزُ عَمَّا سِوَاهُ وَإِنْ أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ أَيَّ نَوْعٍ شَاءَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ) يَعْنِي أَنَّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ دَائِرٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ الْوَقْتِ وَالِانْتِفَاعِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى الْمُسَمَّى فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ إلَى شَرٍّ فَلَوْ خَالَفَ إلَى مِثْلِ الْمُسَمَّى بِأَنْ اسْتَعَارَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ لَوْ كَرَبَ مِثْلَ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ أَرْخَى مِنْهَا كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا فَخَالَفَ لَا يَضْمَنُ لَوْ حَمَلَ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ كَمَا سَيَجِيءُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَرَنَهُ بِثَوْرٍ أَعْلَى مِنْهُ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يُفِيدُ أَنَّ أَغْلَى بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ حَيْثُ قَالَ اسْتَعَارَ ثَوْرًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ لِيَسْتَعْمِلَهُ فَقَرَنَهُ مَعَ ثَوْرٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ يَبْرَأُ لَوْ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا ضَمِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute