للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يُكْتَبُ فِي وَثِيقَةِ السَّلَمِ جَدِيدٌ عَامُهُ مُفْسِدٌ لَهُ وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ وُجُودِ الْجَدِيدِ، أَمَّا بَعْدَ وُجُودِهِ فَيَصِحُّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى صُوفِ غَنَمٍ بِعَيْنِهَا أَوْ أَلْبَانِهَا وَسُمُونِهَا قَبْلَ حُدُوثِهَا أَوْ سِمَنٍ حَدِيثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى بَقَاؤُهُ.

قَوْلُهُ (وَشَرْطُهُ بَيَانُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ وَالْأَجَلِ) كَقَوْلِهِ حِنْطَةٌ سَقِيَّةٌ جَيِّدَةٌ عَشَرَةُ أَكْرَارٍ إلَى شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَنْتَفِي بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَهَذِهِ خَمْسَةٌ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ مِنْهَا تُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ بِالتَّفْصِيلِ فَإِنَّ مَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْلَمًا فِيهِ يَجُوزُ كَوْنُهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَلَا يَنْعَكِسُ فَإِنَّ النُّقُودَ تَكُونُ رَأْسَ مَالٍ وَلَا يُسْلَمُ فِيهَا وَفِي الْمِعْرَاجِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ النَّوْعِ فِي رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ. اهـ.

وَأَمَّا الْأَجَلُ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ خَاصَّةً فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ الْحَالُّ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ جُوِّزَ رُخْصَةً لِلْمَفَالِيسِ دَفْعًا لِحَاجَاتِهِمْ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ إلَّا مَعَ ذِكْرِ الْأَجَلِ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ حِنْطَةٍ بَيَانٌ لِلْجِنْسِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ صَعِيدِيَّة أَوْ بَحَرِيَّة بَيَانٌ لِلْجِنْسِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَيَانِ النَّوْعِ وَقَوْلُهُ سَقِيَّةٌ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ أَيْ مَسْقِيَّةٌ وَهِيَ مَا تُسْقَى سَيْحًا وَكَذَا بَخْسِيَّةٌ وَهِيَ مَا تُسْقَى بِالْمَطَرِ نِسْبَةً إلَى الْبَخْسِ؛ لِأَنَّهَا مَبْخُوسَةُ الْحَظِّ مِنْ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيْحِ غَالِبًا وَفِي الْجَوْهَرَةِ فَإِنْ أَسْلَمَا حَالًّا، ثُمَّ أُدْخِلَ الْأَجَلُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَقَبْلَ اسْتِهْلَاكِ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ. اهـ.

وَفِي الْإِيضَاحِ لِلْكَرْمَانِيِّ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ لَوْ عَقَدَ السَّلَمُ بِلَا أَجَلٍ فَهُوَ فَاسِدٌ فَإِنْ جَعَلَا لَهُ أَجَلًا مَعْلُومًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ فِيهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمَبِيعِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يُبْتَدَأُ فِيهَا الْعَقْدُ فَهَذِهِ تِسْعَةُ شَرَائِطَ وَالْعَاشِرُ بَيَانُ قَدْرِ الْأَجَلِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَسَيَأْتِي وَالثَّانِيَ عَشَرَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَسَنَذْكُرُهُ وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يَشْمَلَ الْبَدَلَيْنِ إحْدَى عَلَى الرِّبَا؛ لِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُبْطِلُهُ شَرْطُ الْخِيَارِ فَإِنْ أَسْقَطَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَرَأْسُ الْمَالِ قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَحَّ وَإِنْ هَالِكًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا الْخَامِسَ عَشَرَ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِالتَّعْيِينِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّقْدَيْنِ وَفِي التِّبْرِ رِوَايَتَانِ وَذُكِرَ فِي الْمِعْرَاجِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ شَرَائِطِ رَأْسِ الْمَالِ كَوْنُ الدَّرَاهِمِ مُنْتَقَدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ إعْلَامِ الْقَدْرِ. اهـ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَعْجِيلَ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمِعْرَاجِ ذَكَرَ شَرْطَ التَّعْجِيلِ وَالْقَبْضِ وَحْدَهُ وَذَكَرَ الِانْتِقَادَ وَحْدَهُ شَرْطًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهَا لَمْ يَصِحَّ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ لَا تَكْفِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَ الْبَعْضَ زُيُوفًا فَيَحْتَاجُ إلَى الرَّدِّ وَلَا يَتَيَسَّرُ الِاسْتِبْدَالُ إلَّا بَعْدَ الْمَجْلِسِ فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ الِانْتِقَادِ أَوْ فَلْيُتَأَمَّلْ السَّادِسَ عَشَرَ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَفْهُومُهُ بِقَوْلِهِ وَالْمُنْقَطِعُ وَالسَّابِعَ عَشَرَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُضْبَطُ بِالْوَصْفِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مِنْ الشَّرَائِطِ فِي الْمِعْرَاجِ الثَّامِنَ عَشَرَ بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ بِمَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ حَتَّى يُؤْخَذَ الْمُسْلَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا.

[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

قَوْلُهُ (وَأَقَلُّهُ شَهْرٌ) أَيْ أَقَلُّ الْأَجَلِ شَهْرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَاجِلٌ وَالشَّهْرُ مَا فَوْقَهُ آجِلٌ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ عَاجِلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَقِيلَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ وَقِيلَ الْمَرْجِعُ الْعُرْفُ، وَمَا فِي الْكِتَابِ هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْبِنَايَةِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي طَرِيقَتِهِ الْمُطَوَّلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>