بِهِمْ لِمَكَانِ الْجُزْئِيَّةِ فَيَكُونُ الْقَذْفُ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ مَعْنًى قَيَّدَ بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً لَمْ يُمْكِنْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ لِجَوَازِ أَنْ تُصَدِّقَ الْقَاذِفَ إذَا حَضَرَتْ، وَالتَّقْيِيدُ بِقَذْفِ الْأُمِّ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ رَجُلًا وَهُوَ مَيِّتٌ فَلِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ الْمُطَالَبَةُ وَلِذَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَذَفَ مَيِّتًا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ وَلِلْوَالِدَيْنِ، وَالْمَوْلُودَيْنِ أَنْ يُخَاصِمُوا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدَ أَوْ الْوَالِدَ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْوَالِدِ اتِّفَاقِيٌّ أَيْضًا إذْ الْأُمُّ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَالِدَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَذَفَ مَيِّتًا بِالزِّنَا وَلَهُ أُمٌّ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا الْعَارُ بِذَلِكَ وَصَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ لِلْأُصُولِ الْمُطَالَبَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْجَدِّ الْمُطَالَبَةَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ، وَإِنْ عَلَا وَيُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ الْجَدَّ أَبُ الْأَبِ لَا يُطَالِبُ بِهِ وَلَا أُمُّ الْأُمِّ وَلَا الْأَخُ وَلَا الْعَمُّ، وَلَا الْعَمَّةُ وَلَا مَوْلَاهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ سَهْوٌ مِنْ الْقَلَمِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي نَقَلَ مِنْهَا، وَالْمَوْجُودُ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ الْأُمِّ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ وَلَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ فَالْحَقُّ أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ وَأَفَادَ بِالتَّعْبِيرِ بِأَوْ أَنَّ لِلْفَرْعِ الْمُطَالَبَةَ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ وَأَنَّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ الْمُطَالَبَةَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ وَأَنَّهُ إذَا صَدَّقَ الْقَاذِفُ بَعْضَهُمْ فَلِلْبَعْضِ الْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَذَفَ مَيِّتًا وَلَهُ ابْنَانِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخِرِ أَنْ يَحُدَّهُ. اهـ.
وَكَذَا إذَا عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ وَأَطْلَقَ فِي الْوَلَدِ فَشَمِلَ وَلَدَ الْبِنْتِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقَذْفِ جَدِّهِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ خِلَافُهُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّيْنَ يَلْحَقُهُ إذْ النَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَقَدْ أَفَادَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ الْمُطَالَبَةَ بِقَذْفِ جَدِّهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا زُفَرُ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: جَدُّك زَانٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِمَا عَلَّلَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُّ جَدٍّ هُوَ وَأَوْضَحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ فِي أَجْدَادِهِ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُسْلِمًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ ابْنُ ابْنِ الزَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِجَدِّهِ الْأَدْنَى، فَإِنْ كَانَ أَوْ كَانَتْ مُحْصَنَةً حُدَّ اهـ.
وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا مُحْصَنًا فَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ هُنَا وَأَطْلَقَ فِي الطَّالِبِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْمُحْصَنِ الْمَيِّتِ أَوْ فَرْعُهُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ الْكُفْرُ أَوْ الرِّقُّ لَا يُنَافِيه وَقَدْ عَيَّرَهُ بِنِسْبَةِ مُحْصَنٍ إلَى الزِّنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهُ هُوَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ فَلَا يَلْحَقُهُ الْعَارُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قَذَفَ مَيِّتًا مُحْصَنًا فَلِأَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفُلَ مُطْلَقًا الْمُطَالَبَةُ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ (وَلَا يَطْلُبُ وَلَدٌ وَعَبْدٌ أَبَاهُ وَسَيِّدَهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يُعَاقِبُ بِسَبَبِ عَبْدِهِ وَكَذَا الْأَبُ بِسَبَبِ ابْنِهِ وَلِهَذَا لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ الْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْفَرْعُ، وَإِنْ سَفُلَ وَبِالْأَبِ الْأَصْلُ، وَإِنْ عَلَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. قَالُوا: وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَدِّ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ، وَإِنْ عَلَا وَأُمَّهُ وَجَدَّتَهُ، وَإِنْ عَلَتْ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا لَا يُطَالِبَانِ بِقَذْفِهِمَا بِالْأَوْلَى وَقَيَّدَ بِوَلَدِ الْقَاذِفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَقْذُوفَةِ الْمَيِّتَةِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ الْقَاذِفِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ فِي حَقِّهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا أَبٌ وَنَحْوُهُ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِلْقَاذِفِ فَسُقُوطُ حَقِّ بَعْضِهِمْ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ حَقِّ الْبَاقِينَ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْعَبْدِ يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْمِيرَاثِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ، فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ بَعْضِهِمْ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِيءَ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ ضَرُورَةً، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا لِلْعَبْدِ حَقُّ الْخُصُومَةِ إذَا لَحِقَهُ بِهِ شَيْنٌ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ فَسُقُوطُ حَقِّ بَعْضِهِمْ فِي الْخُصُومَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْبَاقِينَ وَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبْعَدِ مِنْهُمْ حَقٌّ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَقَيَّدَ بِالْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَتَمَهُ وَالِدُهُ، فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ يَا حَرَامُ زَادَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ قَالَ
ــ
[منحة الخالق]
[قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهُ مَيِّتَةٌ فَطَلَبَ الْوَالِدُ أَوْ الْوَلَدُ أَوْ وَلَدُهُ]
قَوْلُهُ: وَلَا الْأُمُّ وَلَا الْأَخُ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا أُمُّ الْأُمِّ وَهِيَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الْفَتْحِ وَالْخَانِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute