لِيَنْظُرَ إلَيْهَا فَيَأْخُذَ مِنْهَا وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ، وَالْفَشَّاشُ وَهُوَ مَا يُهَيِّئُ لِغَلْقِ الْبَيْتِ مَا يَفْتَحُهُ بِهِ إذَا فَشَّ نَهَارًا وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ وَلَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخَذَ الْمَتَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قُطِعَ وَفِي الْحَاوِي إذَا كَانَ بَابُ الدَّارِ مَرْدُودًا غَيْرَ مُغْلَقٍ فَدَخَلَهَا السَّارِقُ خُفْيَةً وَأَخَذَ الْمَتَاعَ قُطِعَ وَلَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا فَدَخَلَ نَهَارًا وَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ السَّطْحِ ثِيَابًا تُسَاوِي نِصَابًا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ، وَإِذَا سَرَقَ ثَوْبًا بُسِطَ عَلَى حَائِطٍ فِي السِّكَّةِ لَا يُقْطَعُ وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا بُسِطَ عَلَى خُصٍّ إلَى السِّكَّةِ، وَإِنْ بُسِطَ عَلَى الْحَائِطِ إلَى الدَّارِ أَوْ عَلَى الْخُصِّ إلَى السَّطْحِ قُطِعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَرَبُّهُ عِنْدَهُ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَطَعَ سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ أَرَادَ بِالْمَسْجِدِ كُلَّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا فَدَخَلَ الطَّرِيقُ، وَالصَّحْرَاءُ وَأَطْلَقَ فِي رَبِّهِ فَشَمِلَ النَّائِمَ، وَالْيَقْظَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَرَادَهُ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَاهُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَأَطْلَقَ فِي كَوْنِهِ عِنْدَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ تَحْتَ جَنْبِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ حَالَةَ النَّوْمِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفِي الْأَصْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمُسَافِرُ يَنْزِلُ فِي الصَّحْرَاءِ فَيَجْمَعُ مَتَاعَهُ وَيَبِيتُ عَلَيْهِ فَسَرَقَ رَجُلٌ مِنْهُ شَيْئًا قُطِعَ، فَإِنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْطَعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى مَا اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ النَّائِمُ حَافِظًا لَهُ عَادَةً وَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ، وَالْمُسْتَعِيرُ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ بِخِلَافِ مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتَاوَى اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْغَنَمَ أَوْ الْبَقَرَ أَوْ الْفَرَسَ مِنْ الْمَرْعَى وَمَعَهَا حَافِظٌ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ عَدَمَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ لَكِنْ إنْ كَانَ الْحَافِظُ الرَّاعِيَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي الْبَقَّالِيِّ لَا يُقْطَعُ وَهَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَطْلَقَ خواهر زاده ثُبُوتَ الْقَطْعِ إذَا كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يُقْصَدْ لِحِفْظِهَا مِنْ السُّرَّاقِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُجْتَبَى لَا قَطْعَ فِي الْمَوَاشِي فِي الْمَرْعَى، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا الرَّاعِي، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا سِوَى الرَّاعِي مَنْ يَحْفَظُهَا يَجِبُ الْقَطْعُ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِهَذَا، وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ تَأْوِي إلَى بَيْتٍ فِي اللَّيْلِ بُنِيَ لَهَا عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ فَكَسَرَهُ وَسَرَقَ مِنْهَا شَاةً قُطِعَ لَا يُعْتَبَرُ الْغَلْقُ إذَا كَانَ الْبَابُ مَرْدُودًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْتًا مُنْفَرِدًا فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ الْمَرَاحِ وَفِي الْحَاوِي اتَّخَذَ مِنْ الْحَجَرِ أَوْ الشَّوْكِ حَظِيرَةً وَجَمَعَ هَذِهِ الْأَغْنَامَ وَهُوَ نَائِمٌ عِنْدَهَا قُطِعَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْحَضْرَةِ إلَى أَنَّ الثِّيَابَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَلَوْ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا عَلَيْهِ أَوْ رِدَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ مِنْطَقَةً أَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَةٍ نَائِمَةٍ حُلِيًّا عَلَيْهَا لَمْ يُقْطَعْ وَكَذَا إذَا سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ نَائِمٍ عَلَيْهِ مِلَاءَةٌ وَهُوَ لَابِسُهَا لَمْ يُقْطَعْ وَقِيلَ يُقْطَعُ كَالْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَقَيَّدَ بِمَا لَيْسَ بِحِرْزٍ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ جَمَاعَةٌ نَزَلُوا بَيْتًا أَوْ خَانًا فَسَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَتَاعًا وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ يَحْفَظُهُ أَوْ تَحْتَ رَأْسِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ كَانَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ قُطِعَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ ضَيْفٌ مِمَّنْ أَضَافَهُ أَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِي دُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الدَّارِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ خِيَانَةً لَا سَرِقَةً أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي أَضَافَهُ فِيهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ مُقْفَلًا أَوْ مِنْ صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مَعَ جَمِيعِ بُيُوتِهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَبِالْإِذْنِ فِي الدَّارِ اخْتَلَّ الْحِرْزُ فِي جَمِيعِ بُيُوتِهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهَا وَمَا فِيهَا يَدُ صَاحِبِهَا مَعْنًى فَتَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ عَدَمِ الْأَخْذِ قَيَّدَ بِالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةٍ إلَى
ــ
[منحة الخالق]
[سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَرَبُّهُ عِنْدَهُ]
(قَوْلُهُ: فَلَوْ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا عَلَيْهِ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ قِلَادَةً عَلَيْهِ وَهُوَ لَابِسُهَا أَوْ مُلَاءَةً لَهُ وَهُوَ لَابِسُهَا أَوْ وَاضِعُهَا قَرِيبًا مِنْهُ يُقْطَعُ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute