سَيِّدَتِهِ فَلِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً فَانْعَدَمَ الْحِرْزُ أَطْلَقَ فِي الزَّوْجَيْنِ فَشَمِلَ الزَّوْجِيَّةَ وَقْتَ السَّرِقَةِ فَقَطْ بِأَنْ سَرَقَ مِنْهَا ثُمَّ أَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَرَافَعَا فَلَا قَطْعَ، وَالزَّوْجِيَّةُ بَعْدَهَا كَمَا إذَا سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَرَافَعَا فَلَا قَطْعَ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَكَذَا عَكْسُهُ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ وَشَمِلَ الزَّوْجِيَّةَ مِنْ وَجْهٍ كَمَا إذَا سَرَقَ مِنْ مَبْتُوتِهِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ سَرَقَتْ هِيَ مِنْهُ لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي بَابِ السَّرِقَةِ يُكْتَفَى بِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ قَبْلَ الْقَطْعِ لِسُقُوطِهِ وَفِي بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ الْهِبَةِ فَلَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهَا فَالرُّجُوعُ ثَابِتٌ وَفِي الْوَصِيَّةِ الِاعْتِبَارُ لَهَا حَالَةَ الْمَوْتِ لَا غَيْرُ وَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ حِرْزٍ لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ لِوُجُودِ الْبُسُوطَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ عَادَةً، وَالْعَبْدُ فِي هَذَا مُلْحَقٌ بِمَوْلَاهُ حَتَّى لَا يُقْطَعَ فِي سَرِقَةٍ لَا يُقْطَعُ فِيهَا لَا مَوْلَى كَالسَّرِقَةِ مِنْ أَقَارِبِ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالدُّخُولِ عَادَةً فِي بَيْتِ مَوْلَاهُ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقِنَّ، وَالْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ دِرْهَمٍ، وَالْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ مُكَاتَبِهِ، فَإِنَّ لَهُ حَقًّا فِي إكْسَابِهِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ.
وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ خَتْنِهِ وَمِنْ صِهْرِهِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِي مِلْكِ الْخَتْنِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالْقَرَابَةِ وَلَا قَرَابَةَ وَلَهُ أَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِالْبُسُوطَةِ فِي دُخُولِ بَعْضِهِمْ مَنَازِلَ بَعْضٍ بِلَا اسْتِئْذَانٍ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْحِرْزِ، وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِالْمُصَاهَرَةِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِالرَّضَاعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا سَرَقَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا مَنْزِلٌ وَاحِدٌ أَمَّا إذَا جَمَعَهُمَا مَنْزِلٌ وَاحِدٌ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَصْهَارَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ، وَالْأَخْتَانُ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ، فَإِنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا كَمَا أَفْتَى بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالظَّاهِرُ مِنْ إعَادَتِهِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ وَبَحَثَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ السَّارِقِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْغَنِيمَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ أَوْ فِي الْخُمْسِ كَالْغَانِمِينَ أَوْ الْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ أَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِخِلَافِ السَّارِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ مُعَدٌّ
لِمَصَالِحِ
عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَالَ الْغَنِيمَةِ مَالٌ مُبَاحٌ فِي الْأَصْلِ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ حَيْثُ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَسَوَاءٌ كَانَ السَّارِقُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ بَيْتٍ أُذِنَ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُولِ فِيهِ فَلِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ بِالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ أَوْ الْمَسْرُوقُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَالْفَرْقُ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْحَمَّامَ بُنِيَ لِلْإِحْرَازِ فَكَانَ حِرْزًا فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَافِظُ كَالْبَيْتِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِزًا بِالْمَكَانِ فَيُعْتَبَرُ الْحَافِظُ كَالطَّرِيقِ، وَالصَّحْرَاءِ وَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ فِي وَقْتٍ لَمْ يُؤْذَنْ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُولِ فِيهَا كَاللَّيْلِ، وَالْمَنْقُولُ فِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَ فِي الْمَأْذُونِ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِ فَشَمِلَ حَوَانِيتَ التُّجَّارِ، وَالْخَانَاتِ إلَّا إذَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا الْإِذْنُ يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي قَوْلِهِ لِلنَّاسِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ بِالدُّخُولِ فَدَخَلَ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ وَسَرَقَ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَازِ بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ حَتَّى إذَا سَرَقَ دَابَّةً مِنْ إصْطَبْلٍ يُقْطَعُ وَلَوْ سَرَقَ لُؤْلُؤَةً مِنْ إصْطَبْلٍ لَا يُقْطَعُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ فَهُوَ حِرْزٌ لِلْأَنْوَاعِ كُلِّهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، وَالْقَفَّافُ لَا يُقْطَعُ وَهُوَ الَّذِي يُعْطَى الدَّرَاهِمَ
ــ
[منحة الخالق]
شَيْئًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِالْمُصَاهَرَةِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِالرَّضَاعِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ هُنَا، فَإِنَّ الْمَحْرَمَ بِالرَّضَاعِ يُقْطَعُ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute