للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُنْفِقَ عَلَيْهَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الشَّرِيكِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ أَوْصَى بِنَخْلٍ لِوَاحِدٍ وَبِثَمَرَةٍ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَرَةِ وَفِي التِّبْنِ وَالْحِنْطَةِ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ شَيْءٌ فَالنَّفَقَةُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَالتَّخْلِيصُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُمَا اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ مَا يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا يَلْزَمُ ضَرَرُ صَاحِبِ الْقَلِيلِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ فِي السِّمْسِمِ إذَا أَوْصَى بِدُهْنِهِ لِوَاحِدٍ وَبِثَجِيرِهِ لِآخَرَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ لَهُ الدُّهْنُ لِعَدِّهِ عَدَمًا وَإِنْ كَانَ قَدْ يُبَاعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كَالْحِنْطَةِ وَالتِّبْنِ فِي دِيَارِنَا؛ لِأَنَّ الثَّجِيرَ يُبَاعُ لِعَلْفِ الْبَقَرِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا أَقُولُ: فِيمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ ذَبَحَ شَاةً فَأَوْصَى بِلَحْمِهَا لِوَاحِدٍ وَبِجِلْدِهَا لِآخَرَ فَالتَّخْلِيصُ عَلَيْهِمَا كَالْحِنْطَةِ وَالتِّبْنِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْحَاصِلِ لَهُمَا وَقَبْلَ الذَّبْحِ أُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَى صَاحِبِ اللَّحْمِ لَا الْجِلْدِ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى الْعَبْدُ إذَا أَقْتَرَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ فِي نَفَقَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ لَكِنْ يَكْتَسِبُ وَيَأْكُلُ إلَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْكَسْبِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فِي أَيْدِيهِمَا يُجْبَرَانِ عَلَى نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْآجِرِ، وَإِذَا شَرَطَ الْعَلْفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَعْلِفْهَا حَتَّى مَاتَتْ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْمَنَافِعِ تَعُودُ إلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَمَنْ رَكِبَ فَرَسًا حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ بَدَلُهَا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ لَا اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجُوزُ وَضْعُ الضَّرِيبَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ اهـ.

وَقَيَّدْنَا الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ زَمِنًا إلَى آخِرِهِ تَبَعًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَلًا إذَا كَانَ صَحِيحًا غَيْرَ عَارِفٍ بِصِنَاعَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ كَحَمْلِ شَيْءٍ وَتَحْوِيلِ شَيْءٍ كَمُعِينِ الْبَنَّاءِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي فِي نَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُبُوتُهُ هُنَا أَوْلَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنْ الْمَوْلَى وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْعِتْقِ)

ذَكَرَهُ عَقِيبَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إسْقَاطُ الْحَقِّ وَقَدَّمَ الطَّلَاقَ لِمُنَاسَبَةِ النِّكَاحِ، ثُمَّ الْإِسْقَاطَاتُ أَنْوَاعٌ تَخْتَلِفُ أَسْمَاؤُهَا بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا فَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ الرِّقِّ عِتْقٌ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ الْبُضْعِ طَلَاقٌ وَإِسْقَاطُ مَا فِي الذِّمَّةِ بَرَاءَةٌ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْجِرَاحَاتِ عَفْوٌ، وَالْإِعْتَاقُ فِي اللُّغَةِ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلْكِ يُقَالُ أَعْتَقَهُ فَعَتَقَ وَالْعِتْقُ الْخُرُوجُ عَنْ الْمِلْكِ يُقَالُ مِنْ بَابِ فَعَلَ بِالْفَتْحِ يُفْعِلُ بِالْكَسْرِ عَتَقَ الْعَبْدُ عَتَاقًا إذَا خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ وَعَتَقَتْ الْفَرَسُ إذَا سَبَقَتْ وَنَجَتْ وَعَتَقَ فَرْخُ الْقَطَاةِ إذَا طَارَ وَيُقَالُ عَتَقَ فُلَانٌ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ إذَا رَقَّتْ بَشَرَتُهُ بَعْدَ غِلَظٍ، وَمَصْدَرُهُ الْعِتْقُ وَالْعَتَاقُ وَلَيْسَ مِنْهُ الْعَتَاقَةُ بِمَعْنَى الْقِدَمِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فَعَلَ بِالْفَتْحِ يَفْعُلُ بِالضَّمِّ وَلَيْسَ مِنْهُ الْعِتْقُ بِمَعْنَى الْجَمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا وَهُوَ مَضْمُومُ الْعَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ، فَالْعِتْقُ اللُّغَوِيُّ حِينَئِذٍ هُوَ الْعِتْقُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْعِتْقَ فِي اللُّغَةِ الْقُوَّةُ وَفِي الشَّرْعِ الْقُوَّةُ الشَّرْعِيَّةُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يَقُولُوا عَتَقَ الْعَبْدُ إذَا قَوِيَ وَإِنَّمَا قَالُوا عَتَقَ الْعَبْدُ إذَا خَرَجَ عَنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْقُوَّةَ فِي عِتْقِ الطَّيْرِ وَنَحْوِهِ وَرُكْنُهُ فِي الْإِعْتَاقِ اللَّفْظِيِّ الْإِنْشَائِيِّ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ وَفِي الْبَدَائِعِ رُكْنُهُ اللَّفْظُ الَّذِي جُعِلَ دَلَالَةً عَلَى الْعِتْقِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ. اهـ.

وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِبَيَانِ سَبَبِهِ قَالُوا سَبَبُهُ

ــ

[منحة الخالق]

[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

(قَوْلُهُ: وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ آخَرُ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْمُجْتَبَى ذَكَرَهُ بِرَمْزِ حب بَعْدَ رَمْزِهِ لِلْأَوَّلِ إنَّ، تَأَمَّلْ.

[كِتَابُ الْعِتْقِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يَقُولُوا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَعَلَيْهِ جَرَى كَثِيرٌ أَنَّهُ لُغَةً الْقُوَّةُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ فِي الْبَحْرِ يَعُدُّ أَنَّ النَّاقِلَ ثِقَةٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا الرِّقُّ فِي اللُّغَةِ الضَّعْفُ وَمِنْهُ ثَوْبٌ رَقِيقٌ وَصَوْتٌ رَقِيقٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِتْقَ إزَالَةُ الضَّعْفِ وَإِزَالَتُهُ تَسْتَلْزِمُ الْقُوَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>