للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» وَقَيَّدَ الطَّحَاوِيُّ كَرَاهَةَ النَّوْمِ قَبْلَهَا بِمَنْ خُشِيَ عَلَيْهِ فَوْتُ وَقْتِهَا أَوْ فَوْتُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَقَيَّدَ الشَّارِحُ كَرَاهَةَ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا بِغَيْرِ الْحَاجَةِ، أَمَّا لَهَا فَلَا وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَمُذَاكَرَةُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ مَعَ الضَّيْفِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَإِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَازَ لَهُ الْكَلَامُ، وَفِي الْقُنْيَةِ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَالْعَصْرِ إلَى وَقْتِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبِ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ. (قَوْلُهُ: وَالْوِتْرُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِمَنْ يَثِقُ بِالِانْتِبَاهِ) أَيْ وَنُدِبَ تَأْخِيرُهُ لِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا» وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ لِرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ خَشِيَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ مِنْكُمْ أَنْ يُوتِرَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ» وَهِيَ أَفْضَلُ وَهُوَ دَلِيلٌ مَفْهُومٌ قَوْلُهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِذَا أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَلَزِمَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ الْمُفَادِ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ ظُهْرِ الشِّتَاءِ) أَيْ وَنُدِبَ تَعْجِيلُ ظُهْرِ الشِّتَاءِ لِمَا رَوَيْنَا فِي ظُهْرِ الصَّيْفِ وَفِي الْخُلَاصَةِ مَنْ أَخَّرَ الْإِيمَانَ إنْ كَانَ عِنْدَهُمْ حِسَابٌ يَعْرِفُونَ بِهِ الشِّتَاءَ وَالصَّيْفَ فَهُوَ عَلَى حِسَابِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالشِّتَاءُ مَا اشْتَدَّ فِيهِ الْبَرْدُ عَلَى الدَّوَامِ وَالصَّيْفُ مَا يَشْتَدُّ فِيهِ الْحَرُّ عَلَى الدَّوَامِ، فَعَلَى قِيَاسِ هَذَا الرَّبِيعُ مَا يَنْكَسِرُ فِيهِ الْبَرْدُ عَلَى الدَّوَامِ وَالْخَرِيفُ مَا يَنْكَسِرُ فِيهِ الْحَرُّ عَلَى الدَّوَامِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ الشِّتَاءُ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهِ إلَى شَيْئَيْنِ إلَى الْوُقُودِ وَلُبْسِ الْحَشْوِ وَالصَّيْفُ مَا يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْهُمَا وَالرَّبِيعُ وَالْخَرِيفُ مَا يُسْتَغْنَى عَنْ أَحَدِهِمَا. اهـ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الرَّبِيعَ مُلْحَقٌ بِالشِّتَاءِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَالْخَرِيفُ مُلْحَقٌ بِالصَّيْفِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَغْرِبُ) أَيْ وَنُدِبَ تَعْجِيلُهَا لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إذَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ مُقْتَضَاهُ النَّدْبُ لَا الْكَرَاهَةُ لِجَوَازِ الْإِبَاحَةِ وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي أُخْرَى لَا مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ الْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ كَالسَّفَرِ وَنَحْوِهِ أَوْ يَكُونُ قَلِيلًا وَفِي الْكَرَاهَةِ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ خِلَافٌ. اهـ.

وَفِي الْأَسْرَارِ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ أَدَاؤُهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِهَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَعْجِيلُهَا هُوَ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَّا بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ سَكْتَةٍ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي سَيَأْتِي وَتَأْخِيرُهَا لِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مَكْرُوهَةٌ وَمَا رَوَى الْأَصْحَابُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى بَدَا نَجْمٌ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَرَاهَةٌ هُوَ مَا قَبْلَ ظُهُورِ النَّجْمِ، وَفِي الْمُنْيَةِ لَا يُكْرَهُ لِلسَّفَرِ وَلِلْمَائِدَةِ أَوْ كَانَ يَوْمَ غَيْمٍ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ إذَا جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ بَدَءُوا بِالْمَغْرِبِ، ثُمَّ بِهَا، ثُمَّ بِسُنَّةِ الْمَغْرِبِ. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَرَاهَةَ تَأْخِيرِهَا تَحْرِيمِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا عَيْنُ يَوْمِ غَيْنٍ) أَيْ وَنُدِبَ تَعْجِيلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِهَا عَيْنُ يَوْمِ الْغَيْمِ وَهِيَ الْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ احْتِمَالَ وُقُوعِهَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَفِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ تَقْلِيلَ الْجَمَاعَةِ عَلَى احْتِمَالِ الْمَطَرِ وَالطِّينِ الْغَيْنُ لُغَةٌ فِي الْغَيْمِ وَهُوَ السَّحَابُ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ وَهْمُ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ قَدْ أُخِّرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَكَذَا الْمَغْرِبُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا رَجَحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْغَيْمِ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ لِجَوَازِ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَخِّرُ غَيْرَهُ فِيهِ) أَيْ وَيُؤَخِّرُ غَيْرَ مَا فِي أَوَّلِهِ عَيْنُ يَوْمِ غَيْنٍ وَهِيَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَخْ) قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِنُورِ الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ يُعَجَّلُ بِهَا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ بَحْثٌ) أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَلِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْأَذَانِ مِنْ الْفَتْحِ قَوْلُهُمْ بِكَرَاهَةِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْمَغْرِبِ قَدْرَهُمَا مَكْرُوهٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ اسْتِثْنَاءَ الْقَلِيلِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِهِمَا إذَا تَوَسَّطَ فِيهِمَا لِيَتَّفِقَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إلَى الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الْفَتْحِ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ اخْتَارَا عَدَمَ كَرَاهَةِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَسَيَأْتِي لَهُ زِيَادَةٌ

[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي وَهْمِ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: لِأَنَّ الظُّهْرَ قَدْ أَخَّرَ فِي تَأْخِيرِهِ إذَا كَانَ يَوْمَ غَيْمٍ فَإِذَا أَدَّاهُ فِي الْوَقْتِ عَلِمَ بِهِ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ فَانْتَفَى الْوَهْمُ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ يُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ إلَّا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْغُرُوبَ بِغَالِبِ الظَّنِّ فَإِذَا أَخَّرَهُ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ حَفِظَ وَقْتَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ دُخُولُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَيَنْتَفِي وَهْمُ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْوَقْتِ إذْ التَّعْجِيلُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ يَكُونُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>