عَلَيْهِ مَا إذَا رَدَّهُ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ لَا جُعْلَ لَهُ، وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ رَدَّهُ الِابْنُ إلَى أَبِيهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَى الْآخَرِ، وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ رَدَّهُ الْوَصِيُّ إلَى الْيَتِيمِ، وَكَذَا مَنْ يَعُولُ الْيَتِيمَ إذَا رَدَّ آبِقَهُ وَلَيْسَ بِوَصِيٍّ، وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مَالِكُهُ قَدْ اسْتَعَاذَ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنَّ عَبْدِي قَدْ أَبَقَ فَإِذَا وَجَدْته فَخُذْهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَشَرَطَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنْ يَقُولَ لَهُ نَعَمْ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ قَدْ وَعَدَ لَهُ الْإِعَانَةَ، وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ رَدَّهُ السُّلْطَانُ أَوْ الشِّحْنَةُ أَوْ الْخَفِيرُ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ عَلَيْهِمْ فَالْوَارِدُ إحْدَى عَشْرَةَ فَلَوْ قَالَ إذَا كَانَ الرَّادُّ يَحْفَظُ مَالَ السَّيِّدِ أَوْ يَخْدُمُهُ أَوْ اسْتَعَانَ بِهِ لَسَلِمَ مِنْ الْإِيرَادِ كَمَا لَا يَخْفَى وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الرَّادُّ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ بِالْعَمَلِ.
وَكَذَا الْعَبْدُ إلَّا أَنَّ الْجُعْلَ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَمِلَ مَا إذَا رَدَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ.
قَالَ فِي الْمُحِيطِ أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْجُعْلَ جَازَ وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ لَوْ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا فَاغْتَصَبَهُ مِنْهُ رَجُلٌ وَجَاءَ بِهِ لِمَوْلَاهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ جُعْلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ مَوْلَاهُ الْجُعْلَ ثَانِيًا وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي السَّيِّدِ فَشَمِلَ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ فَيُجْعَلُ الْجُعْلُ فِي مَالِهِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا فَالْجُعْلُ عَلَى قَدْرِ النَّصِيبِ فَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُعْطِيَ تَمَامَ الْجُعْلِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِنَصِيبِ الْغَائِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْدُودِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ كَالْكَبِيرِ، ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا أَبَقَتْ الْأَمَةُ وَلَهَا صَبِيٌّ رَضِيعٌ فَرَدَّهُمَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ جُعْلٌ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ ابْنُهَا غُلَامًا قَدْ قَارَبَ الْحُلُمَ فَلَهُ الْجُعْلُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا. اهـ.
قَيَّدَ وَلَدَ الْآبِقَةِ بِالْمُرَاهِقِ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَوَّلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّغِيرَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا وَإِلَّا فَهُوَ شَرْطٌ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْعَقْلِ، قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الصَّغِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْإِبَاقَ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْقِلُ فَهُوَ ضَالٌّ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ الْجُعْلَ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْجُعْلُ بِالضَّمِّ الْأَجْرُ يُقَالُ جَعَلْت لَهُ جُعْلَك وَالْجِعَالَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبَعْضُهُمْ يَحْكِي التَّثْلِيثَ وَالْجَعِيلَةُ مِثْلُ الْكَرِيمَةِ لُغَاتٌ فِي الْجُعْلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْدُودِ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَالْوَاجِبُ الْأَرْبَعُونَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا وَلِذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَلَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ حَطَّ مِنْهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقْضِي بِقِيمَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إحْيَاءُ مَالِ الْمَالِكِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ شَيْءٌ تَحْقِيقًا لِلْفَائِدَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْهِدَايَةِ فِيهِ قَوْلًا لِلْإِمَامِ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ والإسبيجابي مَعَ مُحَمَّدٍ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ وَلِذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ فِي الْجُعْلِ.
[رَدَّ الْآبِقَ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّهُ لِأَقَلَّ مِنْهَا فَبِحِسَابِهِ) إلَخْ أَيْ لَوْ رَدَّ الْآبِقَ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تُقْسَمُ الْأَرْبَعُونَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا رَدَّهُ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ لَا جُعْلَ لَهُ) تَبِعَهُ فِي هَذَا تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيِّ فِي مِنَحِهِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْعِنَايَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَالنَّهْرِ أَنَّ الْأَبَ كَبَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لَا جُعْلَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْجُعْلُ، وَعِبَارَةُ الْمِعْرَاجِ وَالْجُمْلَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الرَّادَّ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ مَالِكِ الْعَبْدِ أَيْ فِي مُؤْنَتِهِ وَنَفَقَتِهِ لَا جُعْلَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّادُّ أَبًا لِلْمَالِكِ أَوْ ابْنًا لَهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَعَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الرَّادُّ ابْنَ الْمَالِكِ فَلَا جُعْلَ لَهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ أَبَاهُ فَلَهُ الْجُعْلُ إلَيْهِ، أَشَارَ فِي الذَّخِيرَةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ جَوَابُ الْقِيَاسِ أَنَّ الرَّادَّ ذَا الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ إذَا وَجَدَ الِابْنُ عَبْدَ أَبِيهِ فَلَا جُعْلَ لَهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ جُمْلَةِ خِدْمَتِهِ، وَخِدْمَةُ الْأَبِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الِابْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّادُّ أَبًا فَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ ابْنُهُ لَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ آبِقَ الرَّجُلِ إنَّمَا يَطْلُبُهُ مَنْ فِي عِيَالِهِ عَادَةً وَلِهَذَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَسْتَوْجِبُ مَعَ جُعْلِ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ الِابْنِ غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَى الْأَبِ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَا نَصُّهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّادُّ مِمَّنْ فِي عِيَالِ مَالِكِ الْغُلَامِ لَا جُعْلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَّا الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ اهـ.
فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنْ يَقُولَ لَهُ نَعَمْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ التَّبَرُّعُ بِالْعَمَلِ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ جُعْلًا. (قَوْلُهُ فَالْوَارِدُ إحْدَى عَشْرَةَ) أَيْ بَعْدَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا صُورَتَيْنِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ أَمَّا عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَهُمَا دَاخِلَانِ فِيمَنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْمَوْلَى، وَزَادَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلًا عَنْ النَّتْفِ الشَّرِيكَ وَيُصَوَّرُ فِي الْوَارِثِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ