للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِكُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ إذْ هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ كَالثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ مَا نَقَصَ عَنْهَا، وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَضْعِيفُ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّضْخُ لَهُ بِاصْطِلَاحِهِمَا أَوْ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَفِي الْيَنَابِيعِ الْعَرْضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالِاعْتِبَارِ وَفِي الْإِبَانَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلَانِ أَتَيَا بِهِ فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ فَعَلَى الْمَوْلَى جُعْلٌ تَامٌّ وَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ جُعْلُ يَوْمٍ خَاصَّةً وَيَكُونُ جُعْلُ يَوْمَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِالْكُوفَةِ وَأَقَامَ آخَرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ فِي طَرِيقِ الْبَصْرَةِ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَاذِبَةٌ فَعَلَى الْمَوْلَى جُعْلٌ تَامٌّ وَيَكُونُ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِالْكُوفَةِ ثُلُثُ الْجُعْلِ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ رَضَخَ لَهُ كَمَنَعَ وَضَرَبَ أَعْطَاهُ عَطَاءً غَيْرَ كَثِيرٍ اهـ.

أَطْلَقَ فِي الْأَقَلِّ فَشَمِلَ مَا إذَا رَدَّهُ فِي الْمِصْرِ فَإِنَّهُ يَرْضَخُ لَهُ كَمَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمِصْرِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

قَوْلُهُ (: وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ مِلْكِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ بِمَوْتِهِ وَلَا شَيْءَ فِي رَدِّ الْحُرِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَا فِي الْمُدَبَّرِ الَّذِي لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَوْلَى مَالٌ سِوَاهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ فَكَذَلِكَ لَا جُعْلَ لِلرَّادِّ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَهُمَا مُسْتَسْعًى عِنْدَهُ وَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَلَا جُعْلَ لِرَادِّ الْمُكَاتَبِ وَلِذَا قَيَّدَ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحَقُّ بِمَكَاسِبِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ إحْيَاءُ مَالِ الْمَوْلَى، وَلَوْ رَدَّ الْقِنَّ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ وَجَبَ الْجُعْلُ إنْ كَانَ الرَّادُّ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ وَارِثًا يُنْظَرُ فَإِنْ أَخَذَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ أَخَذَهُ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ مَاتَ اسْتَحَقَّهُ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالرَّادُّ أَحَقُّ بِالْعَبْدِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يُعْطَى الْجُعْلُ فَيُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ الدُّيُونِ وَيُعْطَى مِنْ ثَمَنِهِ، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآبِقُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَالْجُعْلُ عَلَى مَوْلَاهُ فَإِنْ امْتَنَعَ بِيعَ فِي الْجُعْلِ وَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

قَوْلُهُ (: وَإِنْ أَبَقَ مِنْ الرَّادِّ لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَذْكُرْ سُقُوطَ الْجُعْلِ قَالُوا وَلَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَائِعِ مِنْ الْمَالِكِ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْآبِقَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْجُعْلَ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِهِ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى كَمَا لَقِيَهُ صَارَ قَابِضًا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى، وَكَذَا إذَا بَاعَهُ مِنْ الرَّادِّ لِسَلَامَةِ الْبَدَلِ لَهُ. وَالرَّدُّ وَإِنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ لَكِنَّهُ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ فَجَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَوْلُهُ كَمَا لَقِيَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَمَا سَارَ بِهِ الرَّادُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ لِيَرُدَّهُ، ثُمَّ أَبَقَ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْجُعْلَ لَا يَسْقُطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَارَ بِهِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْمَوْلَى دَبَّرَهُ، ثُمَّ هَرَبَ فَلَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ بِالتَّدْبِيرِ لَمْ يَزُلْ الرِّقُّ وَسَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ الرَّدُّ إلَى الْمَوْلَى فِي حَالَةِ الرِّقِّ وَلَمْ يَرُدَّهُ. اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا رَدَّهُ آخَرُ بَعْدَمَا أَبَقَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَوَّلَ إذَا أَدْخَلَهُ الْمِصْرَ فَهَرَبَ مِنْهُ فَأَخَذَهُ آخَرُ وَرَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ وَرَدَّهُ الثَّانِي مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَلَهُ الْجُعْلُ، وَلَوْ أَخَذَ الْآبِقَ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَسَارَ بِهِ يَوْمًا، ثُمَّ أَبَقَ مِنْهُ مُتَوَجِّهًا إلَى بَلَدِ مَوْلَاهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَوْلَاهُ فَإِنْ أَخَذَهُ الَّذِي كَانَ أَخَذَهُ ثَانِيًا فَسَارَ بِهِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَرَدَّهُ فَلَهُ ثُلُثَا الْجُعْلِ

ــ

[منحة الخالق]

عِنْدَ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَارِثًا يُنْظَرُ إلَخْ) فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ هُوَ وَارِثُ الْمَيِّتِ وَقَدْ أَخَذَهُ وَسَارَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَيْسَ الْوَارِثُ مِنْ عِيَالِهِ، قَالَ لَهُ الْجُعْلُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى لِلْوَارِثِ جُعْلًا إذَا جَاءَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ فِي حَيَاتِهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>