للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّكُّ فِي التَّعْيِينِ لَيْسَ غَيْرُ بِأَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا وَشَكَّ فِي تَعْيِينِهِ قَالُوا: يَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَسْجُدُ إلَى آخِرِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهَذَا قَدْ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ يَقِينًا إنَّمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي تَعْيِينِهِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ عَدْلٌ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّك صَلَّيْت الظُّهْرَ ثَلَاثًا وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَإِنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمُخْبِرِ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ لَا يُعِيدُ وَإِلَّا أَعَادَ بِقَوْلِهِمْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ قَالَ بَعْضُهُمْ صَلَّى ثَلَاثًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ يَأْخُذُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ فَإِنْ أَعَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ وَأَعَادَ الْقَوْمُ مَعَهُ مُقْتَدِينَ بِهِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُمْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ صَادِقًا يَكُونُ هَذَا اقْتِدَاءَ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُتَنَفِّلِ

وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا يَكُونُ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُفْتَرِضِ إلَى آخِرِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الشَّكِّ فِي الْعَدَدِ بِتَغْيِيرِهِ بِكَلِمَةِ كَمْ لِأَنَّ مُصَلِّيَ الظُّهْرِ إذَا صَلَّى رَكْعَةً بِنِيَّةِ الظُّهْرِ ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ قَالُوا يَكُونُ فِي الظُّهْرِ وَالشَّكُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَوْ تَذَكَّرَ مُصَلِّي الْعَصْرِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُتِمُّ الْعَصْرَ وَيَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا ثُمَّ يُعِيدُ الْعَصْرَ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَوَّلَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي عُمُرِهِ يَعْنِي لَمْ يَكُنْ سَهَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَذَهَبَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ إلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّهْوَ لَيْسَ بِعَادَةٍ لَهُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ قَطُّ

وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَيْ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْفَضْلِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكِلَاهُمَا قَرِيبٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ أَنَّهُ إذَا سَهَا فِي صَلَاتِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَاسْتَقْبَلَهُ ثُمَّ وَقَفَ سِنِينَ ثُمَّ سَهَا عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْعَادَةُ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ وَعَلَى الْعِبَارَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَسْتَأْنِفُ عَلَى عِبَارَةِ السَّرَخْسِيِّ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَيَتَحَرَّى عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ فَقَطْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ سَهْوٍ وَقَعَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَيَسْتَأْنِفُ عَلَى قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَا يَخْفَى وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يُفَسِّرُ قَوْلَهُمْ وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ مَرَّتَانِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعَلَى قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مَرَّتَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْمُجْتَبَى وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ فِي سُنَّتِهِ وَلَعَلَّهُ عَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا عَرَضَ لَهُ غُسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ يَعْرِضُ لَهُ كَثِيرًا لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْمُبْتَغَى وَمَنْ شَكَّ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوْ لَا أَوْ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ أَوْ لَا أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ أَوْ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ شُرُوعٌ بَعْدَ الْجُعْلِ لِلْقُنُوتِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ نَوَى لِيَكُونَ لِلِافْتِتَاحِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْبَالِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِعَمَلٍ مُنَافٍ لَهَا وَالدُّخُولُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَالِاسْتِقْبَالُ بِالسَّلَامِ قَاعِدًا أَوْلَى لِأَنَّهُ عُرْفٌ مُحَلِّلًا دُونَ الْكَلَامِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَغْوٌ لَا يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ كَذَا قَالُوا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَمَلٍ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ وَأَكْمَلَهَا عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا أَنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا وَلَزِمَهُ أَدَاءُ الْفَرْضِ لَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي شَكَّ فِيهَا فَرْضًا فَلَوْ كَانَتْ نَفْلًا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَكْمَلَهَا لِوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّفْرِيعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إلَى آخِرِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ) أَقُولُ: وَتَمَامُ عِبَارَتِهَا وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَاسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فِي شَكٍّ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ شَيْءٌ وَعَلَى الْمُسْتَيْقِنِ بِالنُّقْصَانِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ بِالْقَوْمِ وَلَا إعَادَةَ عَلَى الَّذِي تَيَقُّنَ بِالتَّمَامِ وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ بِالنُّقْصَانِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوهَا احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ يُعِيدُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا اسْتَيْقَنَ عَدْلَانِ بِالنُّقْصَانِ وَأَخْبَرَا بِذَلِكَ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>