للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْوَدِيعَةِ فَضَمِنَ الْجَمِيعَ وَالْمُرَادُ بِالْخَلْطِ هُنَا خَلْطٌ لَا تَتَمَيَّزُ مَعَهُ أَمَّا لَوْ جَعَلَ عَلَى مَالِهِ عَلَامَةً حِينَ خَلَطَهُ بِهَا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى التَّمْيِيزُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِالْإِنْفَاقِ وَرَدِّ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ لِيُنْفِقَهُ فِي حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ رَفْعَهُ حِفْظٌ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ وَلَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ صَارَ ضَامِنًا بِالرَّفْعِ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بِرَدِّ الْعَيْنِ إلَى مَكَانِهَا فَبَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ عَوْدًا إلَى الْوِفَاقِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا نَفَذَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَاسْتَنَدَ مِلْكُهُ بِالضَّمَانِ إلَى وَقْتِ وُجُوبِ الضَّمَانِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّفْعُ لِلْبَيْعِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لَمْ يَسْتَنِدْ مِلْكُهُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَرَدَّ مِثْلَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِلْبَاقِي وَلَمْ يَتَعَيَّبْ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ أَشْيَاءَ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَتَيْنِ فَأَنْفَقَ إحْدَاهُمَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْأُخْرَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ) أَيْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّي فَرَدَّهَا إلَى يَدِهِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا خَالَفَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ رَجَعَ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ شَهْرًا فَتَرَكَ الْحِفْظَ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ حَفِظَ فِي الْبَاقِي اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِقَدْرِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْإِحْرَامِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنَّهُ لَا يَعْزِمُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى التَّعَدِّي حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ) إذَا تَعَدَّيَا ثُمَّ أَزَالَاهُ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ إنَّمَا تَكُونُ بِالْإِعَادَةِ إلَى يَدِ الْمَالِكِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا وَيَدِهِمَا لَهُمَا لِأَنَّهُمَا عَامِلَانِ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَإِنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَالِكِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَتَعَدَّى فِيهِ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ دَابَّةً فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُمَا ثُمَّ رَهَنَهُمَا بِمَالٍ بِمِثْلِ قِيمَتِهِمَا ثُمَّ قَضَى الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ رَهَنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَمِينًا خَالَفَ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّمَا كَانَ مُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ كَالْمُودَعِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْمُعِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ دَيْنُهُ مَقْضِيًّا فَيَسْتَوْجِبُ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمِثْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حُكْمًا فَلِهَذَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ بَابِ الْإِعَارَةِ فِي الرَّهْنِ

(قَوْلُهُ وَإِقْرَارُهُ بَعْدَ جُحُودِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ قَالَ لَمْ يُودِعْنِي عِنْدَ مَالِكِهَا بَعْدَ طَلَبِ رَدِّهَا وَنَقْلِهَا مِنْ مَكَانِهَا وَقْتَ الْإِنْكَارِ وَكَانَتْ مَنْقُولًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُحْضِرْهَا بَعْدَ الْجُحُودِ لِمَالِكِهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لَا يَزُولُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْجُحُودَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ فَيُفْسَخُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ كَجُحُودِ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ وَجُحُودِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَالِكَ وَهَبَهَا مِنْهُ أَوْ بَاعَهَا لَهُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا ثُمَّ هَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ الْمَالِكِ لِأَنَّ جُحُودَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ مَا حَالُ وَدِيعَتِي عِنْدَك لِيَشْكُرَ عَلَى حِفْظِهَا فَجَحَدَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نَقَلَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَانِهَا حَالَ جُحُودِهِ فَهَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَجْنَاسِ.

وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ مَنْقُولًا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَقَارًا لَا يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْغَصْبِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا فِي وَجْهِ عَدُوٍّ يَخَافُ عَلَيْهَا التَّلَفَ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ حِفْظَهَا وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ لَمْ يُحْضِرْهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهَا دَعْهَا وَدِيعَةً عِنْدَك فَهَلَكَتْ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نَقَلَهَا إلَخْ) (فَشٌّ) جَحَدَهَا فَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ مَكَان كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَهُ وَجْهُ خُلَاصَةٍ لَوْ جَحَدَهَا إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ وَهَلَكَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا نُورُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ إلَخْ) رَأَيْت مُلْحَقًا فِي نُسْخَتَيْ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ لَفْظَةِ الْجُحُودِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَعْدَهُ كَلِمَةٌ مَمْحُوَّةٌ لَمْ أَعْرِفْهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا جَحَدَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَقَالَ إنَّمَا غَلِطْت إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ فِيمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ سَقْطًا وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَلَوْ جَحَدَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَلَاكِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ إنْ قَالَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ قَالَ نَسِيت فِي الْجُحُودِ أَوْ قَالَ غَلِطْت ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ بَرِئَ

<<  <  ج: ص:  >  >>