للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَلَكَ الْمُسْتَحَقَّ إلَّا فِيمَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَوْلَدَهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ فَإِنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ لِعَدَمِ الْغُرُورِ كَمَا فِي فَصْلِهِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَيَّرٍ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَالرُّجُوعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَأَخْذُ نِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَتَّى لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْقَطْعِ حَتْفَ أَنْفِهِ رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عِنْدَهُ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قُتِلَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ بِهِ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَإِلَى هُنَا ظَهَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ الْأُولَى لَهُ رَدُّهُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا الثَّانِيَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ فَعِنْدَهُ بِالْكُلِّ إنْ رَدَّهُ وَبِالنِّصْفِ إنْ أَمْسَكَهُ وَعِنْدَهُمَا بِالنُّقْصَانِ الثَّالِثَةُ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْقَطْعِ حَتْفَ أَنْفِهِ فَعِنْدَهُ يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ وَلَا رُجُوعَ عِنْدَ هُمَا الرَّابِعَةُ لَوْ أَعْتَقَهُ فَلَا رُجُوعَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

الْخَامِسَةُ فِي رُجُوعِ الْبَاعَةِ.

السَّادِسَةُ الْعِلْمُ بِهِ لَا يَمْنَعُ الْخِيَارَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ قُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُ أَيْضًا وَبِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَرِيضًا فَمَاتَ مِنْهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عَبْدًا زَنَى عِنْدَ الْبَائِعِ فَجُلِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ بِهِ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَقْطُوعَ عِنْدَ الْبَائِعِ إنَّمَا مَاتَا بِزِيَادَةِ الْآلَامِ وَتَرَادُفِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهِيَ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَزِنَا الْعَبْدِ يُوجِبُ الْجَلْدَ، وَالْمَوْتُ غَيْرُهُ فَلَا يُؤَاخَذُ الْبَائِعُ بِمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ الْبِكْرَ ثُمَّ بَاعَهَا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْبَكَارَةِ وَإِنْ كَانَ زَوَالُهَا بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ لَا تَسْتَحِقُّ بِالْبَيْعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِدَيْنٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فَالْمَسَائِلُ الْمُورَدَةُ عَلَيْهِ خَمْسٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْكُلَّ وَلَا يَرُدُّ بِعَيْبٍ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِسْقَاطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ التَّمْلِيكُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِبْرَاءِ الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي قَوْلِ الثَّانِي وَذَكَرَهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَتَنَاوَلُ الثَّابِتَ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْغَرَضَ إلْزَامُ الْعَقْدِ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ عَنْ صِفَةِ السَّلَامَةِ وَذَلِكَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْوُجُودِ وَالْحَادِثِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ لَا يَدْخُلُ الْحَادِثُ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا عَدَمُ صِحَّةِ أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا لِجَهَالَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ عَلَيَّ كَذَا وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ وَمَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا فَاسْتَشْكَلَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ مَعَ التَّنْصِيصِ لَا يَصِحُّ فَكَيْفَ يُصَحِّحُهُ وَيُدْخِلُهُ بِلَا تَنْصِيصٍ وَلَكِنْ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ فَيَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُقِيمُ السَّبَبَ وَهُوَ الْعَقْدُ مَكَانَ الْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا فَفِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ الرَّدُّ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ نَصًّا كَالتَّعْلِيقِ فَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا فَأَفْسَدَ الْبَيْعَ اهـ.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ حَادِثٌ هَذَا إذَا أَطْلَقَ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مُقَيَّدًا بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ شَرَطَهَا مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ كَشَجَّةٍ فَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ أَوْ مَوْتٌ فَاطَّلَعَ عَلَى آخَرَ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ جَعَلَ أَبُو يُوسُفَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي التَّعْيِينِ وَجَعَلَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ــ

[منحة الخالق]

الثَّمَنِ قَالَهُ الْقَاضِيَانِ أَبُو زَيْدٍ وَفَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَلَكِنْ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْإِسْبِيجَابِيِّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْإِشْكَالِ بِمَنْعِ الْإِجْمَاعِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ بِأَنَّ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا نَصَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ حَادِثٍ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ ذَلِكَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُقِيمُ السَّبَبَ وَهُوَ الْعَقْدُ مَقَامَ الْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَادِثَ يَدْخُلُ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ غَرَضِهِمَا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا وَيَثْبُتُ تَبَعًا اهـ.

مَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>