فَالْعَرْضُ رِضًا بِعَيْبِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ لَهُ اعْرِضْهَا عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَرِ مِنْك رُدَّهَا عَلَيَّ أَوْ لَا قَيَّدْنَا بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَعَرَضَهُ عَلَى الْخَيَّاطِ لِيَنْظُرَهُ أَيَكْفِيهِ أَمْ لَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ فِي رَدِّهِ بِعَيْبٍ.
وَكَذَا لَوْ عَرَضَهَا عَلَى الْمُقَوِّمِينَ لِتَقُومَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ أَتَبِيعُهَا قَالَ نَعَمْ لَزِمَ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ نَعَمْ لَا لِأَنَّ نَعَمْ عَرْضٌ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا تَقْرِيرَ لِمُكْنَتِهِ وَفِيهَا الِاسْتِقَالَةُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِلَافِ الْعَرْضِ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالْعَرْضُ عَلَيْهَا وَالْمُطَالَبَةُ بِالْغَلَّةِ وَالرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ أَجَرَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَلَهُ نَقْضُهَا لِلْعُذْرِ وَيَرُدُّهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ إلَّا بَعْدَ الْفِكَاكِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمِنْهُ إرْسَالُ وَلَدِ الْبَقَرَةِ عَلَيْهَا لِيَرْتَضِعَ مِنْهَا أَوْ حَلْبُهُ لَبَنَ الشَّاةِ أَوْ شُرْبَ اللَّبَنِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ قَوْلَانِ وَلَيْسَ مِنْهُ أَكْلُ ثَمَرِ الشَّجَرِ وَغَلَّةِ الْقِنِّ وَالدَّارِ وَإِرْضَاعِ الْأَمَةِ وَلَدِ الْمُشْتَرِي وَإِتْلَافِ كَسْبِ الْمَبِيعِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَضَرْبِ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ الضَّرْبُ فِيهِ فَإِنْ أَثَّرَ فَلَا رَدَّ وَلَا رُجُوعَ وَلَيْسَ مِنْهُ جَزُّ صُوفِ الْغَنَمِ إنْ نَقَصَهُ فَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَلَهُ الرَّدُّ.
وَكَذَا قَطْفُ الثِّمَارِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرُدَّ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ وَهِيَ تَمْنَعُ الرَّدَّ وَلَمْ أَرَ فِيهَا خِلَافًا وَلَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ وَمِنْهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَطْءُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا أَوْ لَا فَلَا رَدَّ وَلَا رُجُوعَ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا لَكِنْ يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ إلَّا أَنْ يُقَبِّلَهَا الْبَائِعُ وَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ إنْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَإِنْ بِكْرًا لَا وَسُكْنَى الدَّارِ أَيْ ابْتِدَاؤُهَا لَا الدَّوَامُ وَمِنْهُ سَقْيُ الْأَرْضِ وَزِرَاعَتُهَا وَكَسْحُ الْكَرْمِ وَالْبَيْعِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بَعْدَ الِاطِّلَاعِ مَانِعُ مِنْ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ.
وَكَذَا الْهِبَةُ وَالْإِعْتَاقُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا دَفْعُ بَاقِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْهِبَةُ رِضًا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْعَرْضِ اهـ.
وَفِيهَا لَوْ عَرَضَ نِصْفَ الطَّعَامِ عَلَى الْبَيْعِ لَزِمَهُ النِّصْفُ وَيَرُدُّ النِّصْفَ كَالْبَيْعِ وَجَمْعُ غَلَّاتِ الضَّيْعَةِ رِضًا وَكَذَا تَرْكُهَا لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي عِنْدَنَا فَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ بِالتَّأْخِيرِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قُطِعَ الْمَقْبُوضُ بِسَبَبٍ عِنْدَ الْبَائِعِ رَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ مَا دَفَعَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا إلَى غَيْرِ سَارِقٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قُتِلَ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا لَهُمَا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْبَائِعِ سَبَبُ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْمَالِيَّةَ فَنَفَذَ الْعَقْدُ فِيهِ لَكِنَّهُ مُتَعَيَّبٌ فَيَرْجِع بِنُقْصَانِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ وَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى حَامِلًا فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا إلَى غَيْرِ حَامِلٍ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالْوُجُوبُ يُفْضِي إلَى الْوُجُودِ فَيَكُونُ الْوُجُودُ مُضَافًا إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ وَصَارَ كَمَا إذَا قُتِلَ الْمَغْصُوبُ أَوْ قُطِعَ بَعْدَ الرَّدِّ بِجِنَايَةٍ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَمَسْأَلَةُ الْحَامِلِ مَمْنُوعَةٌ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ بِسَبَبٍ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ عِنْدَهُمَا فَقُطِعَ بِهِمَا فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُ لَا يَرُدّهُ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ فَبِثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَقَدْ تَلِفَتْ بِالْجِنَايَتَيْنِ وَفِي أَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ فَيَتَنَصَّفُ فَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ قُطِعَ فِي يَدِ الْأَخِيرِ رَجَعَ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَهُ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ الْأَخِيرُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي لِسَرِقَتِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَيَّدَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُفِيدٌ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَيْبِ رِضًا بِهِ وَلَا يُفِيدُ عَلَى.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ جَزُّ صُوفِ الْغَنَمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ أَكْلُ ثَمَرِ الشَّجَرِ إلَخْ أَيْ مِمَّا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَيُفِيدُ أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ أَنَّ نَقْصَهُ لَيْسَ مِمَّا يَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهُ فَلَهُ الرَّدُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ وَلَا رُجُوعَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ إلَخْ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ اهـ.
وَفِيهَا قَبْلَ هَذَا وَطْءُ الثَّيِّبِ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ وَكَذَا التَّقْبِيلُ وَالْمَسُّ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ الْحَامِلِ مَمْنُوعَةٌ) أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَلْ يَرْجِعُ عَلَى قَوْلِهِ بِكُلِّ