للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْنِ، وَهَذَا قَوْلُهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِزِيَادَةِ تَصَرُّفٍ يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا كَالْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الشَّفْعَوِيِّ وَالْحَنَفِيِّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَيَتَفَاوَتَانِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَهْتَدِي إلَى الْجَائِزِ مِنْ الْعُقُودِ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا تَسَاوِيَ فِي التَّصَرُّفِ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ خُمُورًا أَوْ خَنَازِيرَ صَحَّ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْمُسْلِمُ لَا يَصِحُّ أَطْلَقَ الْكَافِرَ فَشَمِلَ الْمُرْتَدَّ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: شَارَكَ الْمُسْلِمُ الْمُرْتَدَّ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا لَمْ تَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ أَسْلَمَ جَازَتْ، وَعِنْدَهُمَا تَجُوزُ الْعَنَانُ دُونَ الْمُفَاوَضَةِ وَإِنْ شَارَكَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدَّةً صَحَّتْ عَنَانًا لَا مُفَاوَضَةً وَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ الْمُفَاوَضَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَتُكْرَهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدَّةِ نَافِذَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَسَاوَتْ الْمُسْلِمَ فِي التِّجَارَاتِ وَضَمَانِهَا كَالْمُسْلِمِ مَعَ الذِّمِّيِّ عِنْدَهُ لَهُمَا أَنَّهَا وَإِنْ سَاوَتْ الْمُسْلِمَ فِي التِّجَارَاتِ لَكِنَّهَا أَدْوَنُ مِنْ الْمُسْلِمِ فِي بَعْضِ مَا يُسْتَفَادُ بِالتِّجَارَةِ فَإِنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَوْ اشْتَرَتْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى بِيَدِهَا وَلَا يَقَرُّ عَلَى مِلْكِهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ.

وَغَيْرُ الْمُتَقَرَّرِ لَا يُسَاوِي الْمُتَقَرَّرَ وَقَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ بَيْنَ الذِّمِّيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التِّجَارَةِ وَضَمَانِهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلذَّبْحِ يُطَالَبُ بِهِ الْمَجُوسِيُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الذَّبْحِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِالْمُعِينِ أَوْ الْأَجِيرِ، وَهَذَا الْمَجُوسِيُّ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِلذَّبْحِ صَحَّ كَالْقَصَّارِ مَعَ الْخَيَّاطِ إذَا تَفَاوَضَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِمُعِينٍ أَوْ أَجِيرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ أَصْلًا، وَقَالَا تَصِيرُ عَنَانًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى السِّرَاجِيَّةِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُشَارِكَ الذِّمِّيَّ اهـ.

يَعْنِي: شَرِكَةَ عَنَانٍ، وَفِي الْهِدَايَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْعَنَانِ كَانَ عَنَانًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْعَنَانِ إذْ هُوَ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا، وَقَدْ يَكُونُ عَامًّا اهـ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّهَا عَامٌّ لَا غَيْرُ. اهـ. وَفِيهِ مَا عَلِمْت سَابِقًا.

(قَوْلُهُ: وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلٌّ يَقَعُ مُشْتَرَكًا إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ صَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فَكَانَ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا كَشِرَائِهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى عَنْ الْمُفَاوَضَةِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ الرَّاتِبَةَ مَعْلُومَةُ الْوُقُوعِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا الصَّرْفُ مِنْ مَالِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الشِّرَاءِ فَيَخْتَصُّ بِهِ ضَرُورَةً، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الشَّرِكَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَرَادَ بِالْمُسْتَثْنَى مَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ فَشَمِلَ شِرَاءَ بَيْتٍ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِئْجَارَ لِلسُّكْنَى أَوْ الرُّكُوبَ لِحَاجَتِهِ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَالْجَارِيَةُ الَّتِي يَطَؤُهَا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَلَيْسَ الْكُلُّ عَلَى الشَّرِكَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ وَمَا مَعَهُ مِنْ الشَّرِكَةِ دُونَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّرِكَةِ فَالْآخَرُ كَفِيلٌ عَنْهُ حَتَّى كَانَ لِبَائِعِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَيَرْجِعَ الْآخَرُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا فِي الْجَارِيَةِ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَسَنُبَيِّنُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اشْتَرَيَا بِالْمَالَيْنِ شَيْئَيْنِ صَفْقَتَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ رَأْسِ مَالِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ صَارَ مُشْتَرِيًا بِالنِّصْفِ لِنَفْسِهِ وَالنِّصْفِ لِصَاحِبِهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَلَا يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَيَا بِالْمَالَيْنِ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصِرْ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَغَصْبٍ وَكَفَالَةٍ لَزِمَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ كَفِيلٌ فَدَخَلَتْ تَحْتَ التِّجَارَةِ ثَمَنُ الْمُشْتَرَى فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ وَقِيمَتُهُ فِي الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرَكًا أَوْ لِنَفْسِهِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>