للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رُبَاعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ مَعًا أَوْ يَخْتَلِفَ فِيهِمَا أَوْ يَسْتَوِيَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَالْفَسَادُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الِاسْتِوَاءُ فِي الرَّوَاجِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالصِّحَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ:

فِيمَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الرَّوَاجِ مُسْتَوِيَةً فِي الْمَالِيَّةِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ أَيْضًا وَفِيمَا إذَا اسْتَوَتْ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الِاسْمِ كَالْمِصْرِيِّ وَالدِّمَشْقِيِّ فَيَتَخَيَّرُ فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبَائِعِ مِنْ قَبُولِ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا فَضْلَ تَعَنُّتٌ، وَلِذَا قُلْنَا إنَّ النَّقْدَ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَمِثْلَ فِي الْهِدَايَةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ بِالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِثَالًا؛ لِأَنَّ مَا كَانَ اثْنَانِ مِنْهُ دَانَقًا وَمَا كَانَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُ دَانَقًا لَا يَكُونُ فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءً لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً وَفَسَّرَ الثُّنَائِيَّ وَالثُّلَاثِيَّ فِي الْمِعْرَاجِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الثُّنَائِيُّ وَالثُّلَاثِيُّ أَسْمَاءُ دَرَاهِمَ كَانَتْ فِي بِلَادِهِمْ مُخْتَلِفَةَ الْمَالِيَّةِ، وَكَذَا الرُّكْنِيُّ وَالْخَلِيفَتِيُّ فِي الذَّهَبِ كَانَ الْخَلِيفَتِيُّ أَفْضَلَ مَالِيَّةً عِنْدَهُمْ وَالْعَدَالَى اسْمٌ لِدَرَاهِمَ اهـ.

وَفَسَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ الثُّنَائِيَّ مَا كَانَ اثْنَانِ بِدِرْهَمٍ وَالثُّلَاثِيَّ مَا كَانَ ثَلَاثَةً مِنْهَا بِدِرْهَمٍ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثُّنَائِيَّ قِطْعَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ إمَّا بِدَانَقٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ، وَالثُّلَاثِيَّ ثَلَاثُ قِطَعٍ مِنْهَا إمَّا بِدَانَقٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ، وَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِرْهَمٍ فِي بَلْدَةٍ فِيهَا دِرْهَمٌ قِطْعَتَانِ وَدِرْهَمٌ ثَلَاثَةٌ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ دَفَعَ قِطْعَتَيْنِ مِنْ الثُّنَائِيِّ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الثُّلَاثِيِّ، فَالْحَقُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الثُّنَائِيِّ بِقَدْرِ قِيمَةِ الثُّلَاثِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقِطْعَةَ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ اخْتِلَافِ الْمَالِيَّةِ نَعَمْ لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِقِطْعَةٍ فَسَدَ؛ لِأَنَّ قِطْعَةَ الثُّنَائِيِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَقِطْعَةَ الثُّلَاثِيِّ ثُلُثَ دِرْهَمٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِي قُيِّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ مُتَسَاوِيَةً فِي الرَّوَاجِ فَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ بِأَقَلِّ النُّقُودِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً فِي الرَّوَاجِ مُسْتَوِيَةً فِي الْمَالِيَّةِ انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَى وَزْنِيًّا ذَكَرَ الْجِنْسَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، وَلَوْ مَضْرُوبًا بِقَوْلٍ كَذَا دِينَارًا خُوَارِزْمِيًّا أَوْ بُخَارِيًّا جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا وَيَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ النُّقُودِ، وَلَوْ نَقْدًا وَاحِدًا لَا، وَلَوْ نُقُودًا وَالْكُلُّ عَلَى الرَّوَاجِ وَلَا مَزِيَّةَ لِلْبَعْضِ فِيهِ عَلَى الْآخَرِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِي أَيًّا شَاءَ لَكِنْ فِي الدَّعْوَى لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى الْأَرْوَجِ وَعِنْدَ ذِكْرِ النَّيْسَابُورِيِّ إلَى ذِكْرِ كَوْنِهِ أَحْمَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَوْدَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ إنْ ذَكَرَ أَحْمَرَ خَالِصًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوْدَةَ كَفَاهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ضَرْبِ أَيِّ دَارٍ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ، وَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهَا مُنْتَقَدَةٌ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجَوْدَةِ فِي الصَّحِيحِ.

وَذَكَرَ اللَّامِشِيُّ إذَا كَانَتْ النُّقُودُ فِي الْبَلَدِ مُخْتَلِفَةً أَحَدُهَا أَرْوَجُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مَا لَمْ يُبَيِّنْ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حُمْرٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ حُمْرٌ لَا يَصِحُّ بِلَا بَيَانٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ وَفِي الذَّخِيرَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ النُّقُودِ فِي الْبَلَدِ وَالتَّسَاوِي فِي الرَّوَاجِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الدَّعْوَى بِلَا بَيَانٍ، وَإِنْ لَاحَ فَضْلُ الرَّوَاجِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ كَاللَّفْظِ فِي الدَّعْوَى فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيَانِ إلَّا إذَا طَالَ الزَّمَانُ مِنْ وَقْتِ الْخُصُومَةِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ الْأَرْوَجُ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ لِمَا هُوَ الْأَرْوَجُ وَقْتَ الْعَقْدِ إلَى هُنَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى.

وَذَكَرَ فِي الصُّلْحِ، وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ دَرَاهِمَ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَيَقَعُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ فَعَلَى الْأَغْلَبِ، وَإِنْ اسْتَوَتْ لَا يَصِحُّ بِلَا بَيَانٍ اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ بَابِ الْمَهْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْحُجَّةِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ يَنْصَرِفُ إلَى الْغَالِبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُنْظَرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَأَيُّ ذَلِكَ وَافَقَ مَهْرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْحَقُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَأَطْلَقَ لَفْظَ الدِّرْهَمِ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ بَعْضُهَا ثُنَائِيَّةٌ وَبَعْضُهَا ثُلَاثِيَّةٌ صَحَّ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْهِدَايَةِ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَالثُّنَائِيُّ مَا كَانَ مِنْهُ اثْنَانِ دَانَقًا وَالثَّلَاثُ مَا كَانَ الثَّلَاثَةُ مِنْهُ دَانَقًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ الْبَيْعُ إذَا أَطْلَقَ اسْمَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازَعَةَ وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْمَالِيَّةِ اهـ.

قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي زَمَانِنَا الذَّهَبُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَلَامًا وَيَكُونُ نِصْفَيْنِ بِذَهَبٍ وَيَكُونُ أَرْبَاعًا كُلُّ أَرْبَعَةٍ بِذَهَبٍ وَكُلٌّ مِنْ الْكَامِلِ وَالنِّصْفَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ الْأَرْبَاعِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَإِذَا اشْتَرَى بِذَهَبٍ فَلَهُ دَفْعُ الْكَامِلِ وَالْمُكَسَّرِ. (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بِلَا بَيَانٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ فِيهِ يَثْبُتُ الْأَرْوَجُ بِلَا بَيَانٍ وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>