للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَرَأَى الْمَبِيعَ قَالُوا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ مَا رَأَى عَيْنَهُ بَلْ رَأَى مِثَالَهُ وَلَوْ اشْتَرَى سَمَكًا فِي مَاءِ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ فَرَآهُ فِي الْمَاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ رَأَى عَيْنَ الْمَبِيعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يُرَى فِي الْمَاءِ عَلَى حَالِهِ بَلْ يُرَى أَكْبَرَ مِمَّا كَانَ فَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ لَا تُعَرِّفُ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُطْعَمُ فَلَا بُدَّ مِنْ الذَّوْقِ لِأَنَّهُ الْمُعَرِّفُ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَمُّ فَلَا بُدَّ مِنْ شَمِّهِ كَالْمِسْكِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اشْتَرَى نَافِجَةَ مِسْكٍ فَأَخْرَجَ الْمِسْكَ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ عَيْبًا ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يُدْخِلْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ جَمِيعًا اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اشْتَرَى دَارًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْتًا مُعَيَّنًا لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُسْتَثْنَى فَكَمَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ لِسُقُوطِ الْخِيَارِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّ جَهَالَةَ وَصْفِ الْمُسْتَثْنَى تُوجِبُ جَهَالَةً فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. اهـ.

وَقَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ حُكْمَ مَا إذَا اشْتَرَى مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا بِخِلَافِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَفِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَرُؤْيَةُ أَحَدِ الْمِصْرَاعَيْنِ أَوْ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ أَوْ أَحَدِ النَّعْلَيْنِ لَا يَكْفِي وَلَا يَكْفِي أَنْ يَرَى ظَاهِرَ الطَّنْفَسَةِ مَا لَمْ يَرَ وَجْهًا وَمَوْضِعَ الشَّيْءِ مِنْهَا وَمَا كَانَ لَهُ وَجْهَانِ مُخْتَلِفَانِ تُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُمَا اهـ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْبِسَاطِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى ظُهُورِ الْمَكَاعِبِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى وَجْهِهَا دُونَ الصَّرْمِ يَبْطُلُ قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ رُؤْيَةُ الصَّرْمِ فِي زَمَانِنَا لَتَفَاوَتَهُ وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا وَفِي الْوِسَادَةِ الْمَحْشُوَّةِ لَوْ رَأَى ظَاهِرَهَا فَإِنْ كَانَتْ مَحْشُوَّةً مِمَّا يُحْشَى مِثْلُهَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُحْشَى مِثْلُهَا فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ إنْ كَانَ تَبَعًا لِلْمَرْئِيِّ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَرْئِيِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ أَصْلًا فَإِنْ كَانَ رُؤْيَةُ مَا رَأَى لَمْ تُعَرِّفْهُ حَالَ رُؤْيَتِهِ بَقِيَ خِيَارُهُ وَإِنْ كَانَتْ تُعَرِّفْهُ بَطَلَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَنَظَرُ وَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ كَنَظَرِهِ لَا نَظَرِ رَسُولِهِ) أَيْ بِأَنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هُمَا سَوَاءٌ وَلَهُ الرَّدُّ لِأَنَّهُ تَوَكَّلَ بِالْقَبْضِ دُونَ إسْقَاطِ الْخِيَارِ فَلَا يَمْلِكُ مَا لَمْ يَتَوَكَّلْ بِهِ وَصَارَ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالشَّرْطِ وَالْإِسْقَاطِ قَصْدًا وَلَهُ أَنَّ الْقَبْضَ نَوْعَانِ تَامٌّ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَهُوَ يَرَاهُ وَنَاقِصٌ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَهُ مَسْتُورًا وَهَذَا لِأَنَّ تَمَامَهُ بِتَمَامِ الصَّفْقَةِ، وَلَا يَتِمُّ مَعَ بَقَاءِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْمُوَكِّلُ مَلَكَهُ بِنَوْعَيْهِ فَكَذَا الْوَكِيلُ لِإِطْلَاقِ تَوْكِيلِهِ وَإِذَا قَبَضَهُ مَسْتُورًا انْتَهَى التَّوْكِيلُ بِالنَّاقِصِ مِنْهُ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ قَصْدًا بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ فَيَتِمُّ الْقَبْضُ مَعَ بَقَائِهِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ سُلِّمَ.

فَالْمُوَكِّلُ لَا يَمْلِكُ التَّامَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِقَبْضِهِ فَإِنَّ الِاخْتِيَارَ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْخِيَارِ يَكُونُ بَعْدَهُ فَكَذَا لَا يَمْلِكُهُ وَكِيلُهُ وَبِخِلَافِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَإِنَّمَا إلَيْهِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ إذَا كَانَ رَسُولًا فِي الْبَيْعِ قَيَّدَ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَرُؤْيَتُهُ مُسْقِطَةٌ لِلْخِيَارِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ كَالرَّسُولِ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَمِنْهَا لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بَعْدَمَا دَفَعَ إلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ فَوَكُلِّ بِهِ حَنِثَ بِخِلَافِ لَا يَبِيعُ فَوَكَّلَ لَا يَحْنَثُ وَمِنْهَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَمِنْهَا قَبُولُ شَهَادَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِهِ وَسَتَأْتِي الْمَسَائِلُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ تَمَامًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ قَوْلُهُمَا هُنَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ وَرُؤْيَةُ الرَّسُولِ بِالشِّرَاءِ لَا تُسْقِطُ الْخِيَارَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمِعْرَاجِ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي قَوْله تَعَالَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ دُونَ الصَّرْمِ) الصَّرْمُ الْجِلْدُ قَامُوسٌ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ الْمُشْتَرِيَ) الْوَكِيلُ فَاعِلُ الْكَفَالَةِ وَالْمُشْتَرِيَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ وَفِي النَّهْرِ لِلْمُشْتَرَى بِاللَّامِ فَهِيَ إمَّا لِلتَّقْوِيَةِ أَوْ بِمَعْنَى عَنْ وَإِلَّا فَالْمَكْفُولُ لَهُ بِالثَّمَنِ هُوَ الْبَائِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>