للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُفَارِقَهَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ بِالْمُفَارَقَةِ اهـ.

فَإِمَّا أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كُلًّا رِوَايَةٌ وَإِمَّا يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَةُ الْمُخْبِرِ وَجَزَمَ الْبَزَّازِيُّ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْأَوَّلِ وَقَعَ فِي الْجَوَازِ، وَفِي الثَّانِي فِي الْبُطْلَانِ، وَالدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ، وَفِي التَّبْيِينِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُغْنِي إنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الرَّضَاعِ الطَّارِئِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَتَشْهَدَ وَاحِدَةٌ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَوَجْهُهُ أَنَّ إقْدَامَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ فَمَنْ شَهِدَ بِالرَّضَاعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى النِّكَاحِ صَارَ مُنَازِعًا لَهُمَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا مَنْ شَهِدَ بِالرَّضَاعِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْعَقْدِ فَقَدْ سَلَّمَ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَلَا يُنَازِعُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي حُدُوثَ الْمُفْسِدِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِقْدَامُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُفْسِدِ فَصَارَ كَمَنْ أَخْبَرَ بِارْتِدَادٍ مُقَارِنٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ

وَلَوْ أَخْبَرَ بِارْتِدَادٍ طَارِئٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لِمَا قُلْنَا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْوَاحِدَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي إخْبَارِ الْوَاحِدَةِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَكَذَا الْإِخْبَارُ بِرَضَاعٍ طَارٍ فَلْيَكُنْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَلِذَا اعْتَرَضَ عَلَى الْهِدَايَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ بِأَنَّ هُنَا مَا يُوجِبُ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّغِيرَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلزَّوْجِ فِيهَا ثَابِتٌ، وَالْمِلْكُ الثَّابِتُ لَا يَبْطُلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ يُوجِبُ مِلْكَهُ فِيهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَقْوَى مِنْهُ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي تَعْلِيقِ الْأَنْوَارِ عَلَى أُصُولِ الْمَنَارِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا أَخْبَرَتْهُ امْرَأَةٌ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يُعْطِيهَا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَالْأَفْضَلُ لَهَا أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَالْأَفْضَلُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا كَمَالَ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالسُّكْنَى

وَالْأَفْضَلُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مِنْ الْمُسَمَّى وَلَا تَأْخُذُ النَّفَقَةَ وَلَا السُّكْنَى اهـ.

فَإِنْ قُلْت إذَا أَخْبَرَتْهُ بِالرَّضَاعِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا صَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يَتَنَزَّهُ يَعْنِي وَلَا تُحَرَّمُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ قُلْت هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الثُّبُوتِ لَا عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ أَنَا أَرْضَعْتهمَا فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجَانِ أَوْ كَذَّبَاهَا أَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ أَمَّا إذَا صَدَّقَاهَا ارْتَفَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَذَّبَاهَا لَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ يُفَارِقُهَا احْتِيَاطًا، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ يُمْسِكُهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ بَقِيَ النِّكَاحُ وَلَكِنْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَحْلِفَ الزَّوْجَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنِّي أُخْتُك مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ نَكَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي حَقِّ الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ كَامِلٌ وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرٍ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّ امْرَأَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

وَإِنْ أَصَرَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَمْ تُصِرَّ عَلَى إقْرَارِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ وَلَمْ تُصِرَّ وَلَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَهَا وَلَكِنَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِصْرَارِ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ إقْرَارِهَا، وَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ النِّكَاحِ كُنْت أَقْرَرْت قَبْلَ النِّكَاحِ أَنَّهُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ

ــ

[منحة الخالق]

الْفَسَادِ أَيْ قَصْدُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا يَحْمِلُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَةُ الْمُخْبِرِ) وَفَّقَ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ قَوْلَهُ إذَا أَخْبَرَ ثِقَةٌ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا مَعْنَاهُ يُفْتَى لَهُمْ بِذَلِكَ احْتِيَاطًا وَأَمَّا الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَطَلَبُ الْحُكْمِ مِنْهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى شَهَادَةِ النِّصَابِ التَّامِّ قَالَ وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمُ بْنُ قُطْلُوبُغَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَلَوْ قَامَتْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ دِينِيَّةٌ يُفْتَى لَهُ بِالْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ لِأَنَّ تَرْكَ نِكَاحِ امْرَأَةٍ يَحِلُّ نِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ إنْكَاحِ امْرَأَةٍ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا (قَوْلُهُ: فَمَنْ شَهِدَ بِالرَّضَاعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْعَقْدِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً قَالَ فِي كَرَاهِيَةِ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ كَبِيرَةً لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَسَادٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْكَارُ فَسَادِهِ فَثَبَتَ الْمُنَازِعُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ بَعْدُ وَهُوَ تَحْقِيقٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ، وَالطَّلَبَةُ عَنْهُ غَافِلُونَ لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هُنَا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي تَعْلِيقِ الْأَنْوَارِ) أَيْ فِي بَحْثِ الْأَقْسَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِالسِّنِينَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَنَارِ، وَالثُّلُثُ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْكَبِيرَةِ أَيْضًا ثَابِتٌ بِالِاسْتِصْحَابِ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>