للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَعْرِيفِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَرِدُ مِثْلُهُ عَلَى تَعْرِيفِ الْخَاصِّ اهـ.

وَسُمِّيَ الْأَجِيرُ خَاصًّا وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْوَاحِدِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْغَيْرِ وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِهَا فَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ كَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ التَّمَكُّنَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا عَمِلَ لِمُتَعَدِّدٍ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَعَمِلَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ كَامِلًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَيَأْثَمُ. اهـ.

قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِالْمَنَافِعِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ نُقِضَ الْعَمَلُ.

قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ نُقِضَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي خَيَّاطٍ خَاطَ ثَوْبَ رَجُلٍ فَنَقَضَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لِلْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَمَلَ إلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَلَا يُجْبَرُ الْخَيَّاطُ أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ لَكَانَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ فِي ذَلِكَ قَدْ انْتَهَى بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الَّذِي نَقَضَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَضَهُ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَمَلٌ وَمِثْلُهُ الْإِسْكَافِيُّ وَالْمَلَّاحُ حَتَّى إذَا أَرَادَ الْمَلَّاحُ رَدَّ السَّفِينَةِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ أَجِيرًا خَاصًّا إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى لِغَيْرِهِ أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوَّلًا فَإِنَّهُ جَعَلَهُ خَاصًّا بِأَوَّلِ كَلَامِهِ حَيْثُ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ لِرَعْيِ غَنَمِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ الْعَمَلِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِالِاحْتِمَالِ، وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْعَمَلِ وَأَخَّرَ الْمُدَّةَ بِأَنْ قَالَ ارْعَ غَنَمِي بِدِرْهَمٍ شَهْرًا كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُشْتَرَكًا بِأَوَّلِ كَلَامِهِ بِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ شَهْرًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَكُونُ خَاصًّا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَقْدِيرِ الْعَمَلِ فِي الْمُدَّةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِالِاحْتِمَالِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ، وَفِي الْمُحِيطِ فَإِذَا كَانَ خَاصًّا فَمَاتَتْ شَاةٌ أَوْ أَكَلَهَا سَبُعٌ أَوْ غَرِقَتْ فِي نَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْعُودَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ، وَقَدْ وُجِدَ وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالرَّعْيِ تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَهُوَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْهَلَاكِ مَعَ الْيَمِينِ.

وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الرَّاعِي عَدَدًا فَأَرَادَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ وَالرَّاعِي يُطِيقُهُ فَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الرَّعْيُ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ لَا رَعْيُ أَغْنَامِ بِعَيْنِهَا حَتَّى قُلْنَا فِي الظِّئْرِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ فَأَرَادَ أَنْ يُرْضِعَ صَبِيًّا آخَرَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْعَمَلِ وَفِيهِ زِيَادَةُ عَمَلٍ، وَلَوْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا لَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الظِّئْرِ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِالْمُسَمَّى فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ رَعْيُ الْأَوْلَادِ وَمَا بِيعَ مِنْهَا سَقَطَ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ رَعْيُ الْأَوْلَادِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ غَيْرُ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ رَاعٍ مُشْتَرَكٌ خَلَطَ الْأَغْنَامَ فَالْقَوْلُ فِي التَّمْيِيزِ لِلرَّاعِي مَعَ يَمِينِهِ إنْ جَهِلَ صَاحِبَهُ وَإِنْ جَهِلَ الرَّاعِي يَضْمَنُ قِيمَةَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ اسْتِهْلَاكٌ شُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَأْتِيَ بِعَلَامَةِ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَأْتِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يُنْزِيَ عَلَى الْغَنَمِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَعَطِبَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الرَّعْيِ فَإِنْ نَزَا الْفَحْلُ بِدُونِ فِعْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ نَدَّتْ وَاحِدَةٌ فَخَافَ عَلَى الْبَاقِي إنْ تَبِعَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَهَا بِعُذْرٍ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ.

وَلَوْ سُرِقَ غَنَمٌ وَهُوَ نَائِمٌ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ، وَلَوْ ذَبَحَ الرَّاعِي شَاةً خَوْفًا عَلَيْهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الذَّبْحِ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا كَانَ يُرْجَى حَيَاتُهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَطِبَ بَعْضُ الْغَنَمِ فَقَالَ الْمَالِكُ شَرَطْت عَلَيْك أَنْ تَرْعَى فِي مَكَانِ كَذَا غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ، وَقَالَ الرَّاعِي شَرَطْت هَذَا الْمَكَانَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ وَالْبَيِّنَةُ لِلرَّاعِي، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدَّقُ مِنْ الرَّاعِي فَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ دَفْعُ السُّلْطَانِ وَالْهَلَاكُ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يُضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ جَعَلَ الْأُجْرَةَ لَبَنَهَا وَصُوفَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ فِي اللَّبَنِ وَالصُّوفِ، وَالرَّاعِي ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ مِنْ لَبَنِهَا وَصُوفِهَا اهـ. مُخْتَصَرًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَكَذَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ كَانَ نَوْعَ اسْتِحْسَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُهُ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ يَعْمَلُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَقْبَلُ الْأَعْمَالَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَخْذًا فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ وَأَمَرَهُ بِالصَّرْفِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>