عَلَى ثَوْبِ الْقِصَارَةِ فَتَخَرَّقَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْدُمَهُ فَوَقَعَ شَيْءٌ مِنْ يَدِهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ فَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَقَعَ الْأَجِيرُ عَلَى ثَوْبِ وَدِيعَةٍ عِنْدَ الْأُسْتَاذِ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ انْفَلَتَتْ الْمِدَقَّةُ مِنْ يَدِ الْأَجِيرِ فَأَصَابَتْ شَيْئًا فَضَمَانُهُ عَلَى الْقَصَّارِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ ثَوْبِ الْقِصَارَةِ وَغَيْرِهِ، وَمَشَايِخُنَا فَصَلُوا فَقَالُوا إنْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْوَدِيعَةِ ابْتِدَاءً وَخَرَقَهُ ضَمِنَ الْأَجِيرُ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْقِصَارَةِ ابْتِدَاءً يَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ دُونَ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهَا انْفَلَتَتْ ابْتِدَاءً عَلَى ثَوْبِ الْوَدِيعَةِ فَهَذَا عَمَلٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ.
فَأَمَّا إذَا انْفَلَتَتْ عَلَى ثَوْبِ الْقِصَارَةِ ابْتِدَاءً فَهُوَ عَمَلٌ مَأْذُونٌ فِيهِ الْأَجِيرُ فَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا أَصَابَ آدَمِيًّا وَقَالُوا لَوْ مَشَى الضَّيْفُ عَلَى بِسَاطِ الْمَضِيفِ فَتَخَرَّقَ مِنْ مَشْيِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ انْقَلَبَتْ الْأَوَانِي فَانْكَسَرَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ آنِيَةً مِنْ الْأَوَانِي فَأَفْسَدَهَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَوْ جَفَّفَ الْقَصَّارُ ثَوْبًا عَلَى حَبْلٍ فَمَرَّتْ حُمُولَةٌ فَحَرَقَتْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَمَّالِ وَالرَّاعِي إذَا سَاقَ الْغَنَمَ فَمَاتَتْ أَوْ وَطِئَ بَعْضُهَا بَعْضًا فَمَاتَ إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. مُخْتَصَرًا.
وَقَوْلُهُ مِنْ دَقِّهِ أَيْ دَقِّهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَدَقِّ أَجِيرِهِ وَقَوْلُهُ كَزَلْقِ الْجَمَّالِ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اسْتَأْجَرَ جَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ كَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَزَلَقَ الْجَمَّالُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ إنْ حَصَلَ بِجِنَايَةِ يَدِهِ ضَمِنَ وَإِنْ حَصَلَ بِمَا لَمْ يُمْكِنْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَفِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا تَلِفَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ زَلَقَتْ رِجْلُهُ بَعْدَمَا انْتَهَى إلَى الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَخِيرًا وَعَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا يَضْمَنُ هُنَا أَيْضًا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَوْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ فَأَفْسَدَتْ الْحِمْلَ أَوْ أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ فَفَسَدَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ وَفِي الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَوَقَعَ الْحِمْلُ أَوْ الْمَمْلُوكُ لَا يَضْمَنُ الْمَمْلُوكَ وَيَضْمَنُ الْحِمْلَ قَالُوا إنَّمَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَصْلُحُ لَهُ لَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ، وَلَوْ مَرَّ بِالدَّابَّةِ عَلَى قَنْطَرَةٍ وَفِيهَا حَجَرٌ أَوْ ثُقْبٌ فَوَقَعَ فِيهِ حِمْلُهُ فَتَلِفَ يَضْمَنُ وَقُيِّدَ بِزَلْقِ الْجَمَّالِ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا، فَلَمَّا فَرَغَ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارِهِ فَزَلَقَ رِجْلُ الْحِمَارِ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ الْقِدْرُ فَإِنْ كَانَ الْحِمَارُ يُطِيقُ حَمْلَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ.
قَوْلُهُ وَانْقِطَاعُ الْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْحِمْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا انْقَطَعَ حَبْلُ الْجَمَّالِ وَسَقَطَ الْحِمْلُ وَتَلِفَ ضَمِنَ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ يُشَدُّ بِهِ الْحِمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَبْلُ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ، وَلَوْ حَمَلَ بِحَبْلِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَطْعُ الْحَبْلِ مِنْ قِلَّةِ اهْتِمَامِهِ فَكَانَ مِنْ صُنْعِهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ هُنَا فِي نَفْسِ الْعَمَلِ فَيَضْمَنُ وَهُنَاكَ فِي نَفْسِ الْحِفْظِ فَلَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ لِلْحَمَّالِ احْمِلْهُ فَحَمَلَاهُ فَسَقَطَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ إلَيْهِ لَمْ يَتِمَّ، وَلَوْ حَمَلَهُ، ثُمَّ اسْتَعَانَ فِي مَوْضِعِهِ بِرَبِّ الْمَتَاعِ فَوَضَعَهُ فَتَلِفَ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَوْ قَالَ احْمِلْ أَيَّهُمَا شِئْت هَذَا بِدِرْهَمٍ، وَهَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَحَمَلَهُمَا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِمَا وَنِصْفُهُمَا إنْ هَلَكَا، وَلَوْ حَمَلَ أَحَدَهُمَا أَوَّلًا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الثَّانِي وَيَضْمَنُهُ إنْ هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ جُلُودَ مَيْتَةٍ فَوَقَعَهَا وَأَتْلَفَهَا فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى فُلَانٍ فَأَنْفَقَهَا فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ، ثُمَّ دَفَعَ مِثْلَهَا إلَى فُلَانٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَفِي الْوَاقِعَاتِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ كَذَا فِي طَرِيقِ كَذَا فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ تَسْلُكُهُ النَّاسُ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ قَوْلُهُ وَغَرَقِ السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَدِّهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْمَلَّاحُ إذَا أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ فِي مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ فَزَعٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهَا أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ دَفْعُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ الْغَرَقُ مِنْ أَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَإِنْ حَصَلَ الْغَرَقُ مِنْ مَدِّهِ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَفِي الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ وَكِيلُهُ وَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ مِنْ مَدِّهِ وَمُعَالَجَتِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ بِأَنْ يَضَعَ فِيهَا شَيْئًا أَوْ يَفْعَلَ فِيهَا فِعْلًا مُتَعَمِّدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute