لِأَهْلِ السِّكَّتَيْنِ حَتَّى كَانَ لَهُمْ كُلُّهُمْ أَنْ يَمُرُّوا فِيهَا وَلَيْسَ فِي السُّفْلَى حَقٌّ لِأَهْلِ الْعُلْيَا حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا فِيهَا وَلَا لَهُمْ فَتْحُ بَابٍ وَالشُّرْبُ الْخَاصُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ نَهْرًا صَغِيرًا لَا تَمُرُّ فِيهِ السُّفُنُ، فَإِنْ كَانَتْ تَمُرُّ فِيهِ السُّفُنُ فَلَيْسَ بِخَاصٍّ، فَإِذَا بِيعَتْ أَرْضٌ مِنْ الْأَرَاضِيِ الَّتِي تُسْقَى مِنْهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَهْلُ النَّهْرِ الشُّفْعَةَ وَالْجَارُ أَحَقُّ مِنْهُمْ بِخِلَافِ النَّهْرِ الصَّغِيرِ وَقِيلَ إنْ كَانَ أَهْلُهُ يُحْصَوْنَ فَهُوَ صَغِيرٌ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَهُوَ كَبِيرٌ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ مَا يُحْصَى وَمَا لَا يُحْصَى فَقُدِّرَ مَا يُحْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَقِيلَ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ، فَإِنْ رَأَوْهُ كَثِيرًا كَانَ كَثِيرًا، وَإِنْ رَأَوْهُ قَلِيلًا كَانَ قَلِيلًا هُوَ أَشْبَهُ الْأَقَاوِيلِ بِالْفِقْهِ وَالْجَارُ الْمُلَاصِقُ وَهُوَ الَّذِي ظَهْرُ بَيْتِهِ إلَى ظَهْرِ بَيْتِ هَذَا وَبَابُهُ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ صُورَتُهُ دَارٌ فِيهَا مَنَازِلُ وَبَابُ الدَّارِ إلَى سِكَّةٍ وَغَيْرِ نَافِذَةٍ وَأَبْوَابُ هَذِهِ الْمَنَازِلِ إلَى هَذِهِ الدَّارِ وَكُلُّ مَنْزِلٍ لِرَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ إلَّا مَنْزِلًا مِنْهَا لِرَجُلَيْنِ وَلِهَذَا الْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ جَارٌ مُلَاصِقٌ عَلَى ظَهْرِهِ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ.
فَإِنْ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ فَالشُّفْعَةُ لِأَرْبَابِ الْمَنَازِلِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبُوا وَسَلَّمَهَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُهُ وَالْجَارُ الَّذِي لَهُ الشُّفْعَةُ عِنْدَنَا الْمُلَازِقُ الَّذِي دَارُهُ لَزِيقُ الدَّارِ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا الشِّرَاءُ وَالْجَارُ الَّذِي هُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الشَّرِيكِ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ شَرِيكُهُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلُ وَفِي الْمُحِيطِ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ فِيهَا عِطْفٌ، فَإِنْ كَانَ مُرَبَّعًا فَأَهْلٌ الْعِطْفِ أَوْلَى بِمَا بِيعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَبَّعَ كَالْمُنْفَصِلِ وَلِهَذَا لَهُمْ أَنْ يَنْصِبُوا الدَّرْبَ فِي أَعْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْعِطْفُ مُدَوَّرًا فَالْكُلُّ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّرَ كَالْمُتَّصِلِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ هِشَامٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْمُدَوَّرُ وَالْمُرَبَّعُ وَالْمُسْتَطِيلُ سَوَاءٌ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِي أَسْفَلِهِ مَسْجِدٌ ظَهْرُهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ خَطَّهُ الْإِمَامُ فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ إلَّا مَنْ جَاوَرَهَا، وَإِنْ كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ بُيُوتٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ فَالشُّفْعَةُ لِكُلِّ أَهْلِ الدَّرْبِ إلَّا مَنْ جَاوَرَهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا خَطَّ الْمَسْجِدَ لِلطَّرِيقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ إلَى الطَّرِيقِ وَيَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ إلَى الصَّلَاةِ وَإِمْكَانُ الْفَتْحِ الْآنَ كَالْفَتْحِ السَّابِقِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَعْضُهُ يُلَازِقُهُ وَبَعْضُهُ لَا يُلَازِقُهُ فَالشُّفْعَةُ فِيمَا يُلَازِقُهُ أَرْضًا كَانَ أَوْ بُسْتَانًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا كَانَ شَرِيكًا فِي الطَّرِيقِ وَالْآخَرُ فِي الْمَسِيلِ مَنْ يُقَدَّمُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ الْمَسِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَسِيلَ الْمَاءِ مِلْكًا لَهُ. اهـ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالشَّرِيكُ فِي خَشَبَةٍ وَوَاضِعُ الْجُذُوعِ عَلَى الْحَائِطِ جَارٌ) لَا يَكُونُ شَرِيكًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الْمُعْتَبَرَةَ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْعَقَارِ لَا فِي الْمَنْقُولِ وَالْخَشَبَةُ مَنْقُولَةٌ وَوَاضِعُ الْجُذُوعِ عَلَى الْحَائِطِ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا بَلْ جَارٌ مُلَاصِقٌ لِوُجُودِ اتِّصَالِ بُقْعَةِ أَحَدِهِمَا بِبُقْعَةِ الْآخَرِ فَيَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ عَلَى أَنَّهُ جَارٌ مُلَاصِقٌ وَلَا يُرَجَّحُ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِيرَانِ وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْجِيرَانِ شَرِيكًا فِي الْجِدَارِ لَا يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِيرَانِ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ الَّذِي عَلَيْهَا الْبِنَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَانَ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَيَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَا بَيَّنَّا أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ الشِّرْكَةِ ثُمَّ تُقْسَمُ الْأَرْضُ غَيْرُ مَوْضِعِ الْبِنَاءِ فَيَبْقَى الْبِنَاءُ وَمَوْضِعُهُ مُشْتَرَكًا فَهُوَ شَرِيكٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ هَذِهِ رِوَايَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ هُوَ وَالْجَارُ سَوَاءٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجِدَارِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجِدَارِ بِالْجِوَارِ وَهُوَ فِيهِ سَوَاءٌ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيِّ وَلَوْ كَانَ خَلِيطًا مِنْ وَجْهٍ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَارِ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ الْجَارُ الَّذِي هُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ هُوَ مَنْ لَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ فَلَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي مَنْزِلٍ فِي الدَّارِ أَوْ بَيْتٍ مِنْهَا فَبِيعَتْ الدَّارُ كَانَ هُوَ أَحَقَّ فِي الْمَنْزِلِ لِمَا ذَكَرْنَا وَاسْتَوَيَا فِي الْبُقْعَةِ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ جِيرَانٌ فِي حَقِّ الْبُقْعَةِ وَلَوْ كَانَ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا فِيهَا مَنْزِلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ غَيْرَ شَرِيكِهِ فِي الدَّارِ فَبَاعَهَا كَانَ الشَّرِيكُ فِي الدَّارِ أَوْلَى بِشُفْعَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا وَالشَّرِيكُ فِي الْبِئْرِ أَوْلَى بِالْبِئْرِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا وَالْآخَرُ جَارٌ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَعَلَيْهِ عُلُوٌّ لِأَحَدِهِمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فَبَاعَ هُوَ السُّفْلَ وَالْعُلْوَ كَانَ لِشَرِيكِهِ فِي الْعُلُوِّ وَالسُّفْلُ لِشَرِيكِهِ فِي السُّفْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِيكُهُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَجَارٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ كَذَا فِي الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ قَاضِي زَادَهْ فِي هَذَا التَّمْثِيلِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ دُونَ الدَّارِ وَفَوْقَ الْبَيْتِ وَأَقَلُّهُ بَيْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُغْرِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَيَانِ الْحُقُوقِ فَتَمْثِيلُ الشَّرِيكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute