لِتَعَلُّقِ الْحَالِ وَمَنَعَهُ الْإِمَامُ، وَالْحَقُّ قَوْلُهُ: لِانْتِقَاضِ قَاعِدَتِهِمَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهَا لِلشَّرْطِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ شَرْطَ شَرْطِيَّتِهَا اتِّفَاقُ فِعْلَيْ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ لَفْظًا وَمَعْنًى نَحْوُ كَيْفَ تَصْنَعُ أَصْنَعُ بِالرَّفْعِ وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْنِي وَقَيَّدَ بِإِضَافَةِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ مَشِيئَةَ الْكَيْفِيَّةِ تَلْغُو وَتَقَعُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ تَحْقِيقٌ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ الْحَالَ، وَالْأَصْلَ سَوَاءٌ عِنْدَهُمَا، وَفِي الْمِصْبَاحِ: كَلِمَةُ كَيْفَ يُسْتَفْهَمُ بِهَا عَنْ حَالِ الشَّيْءِ، وَعَنْ صِفَتِهِ يُقَالُ: كَيْفَ زَيْدٌ وَيُرَادُ السُّؤَالُ عَنْ صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ وَعُسْرِهِ وَيُسْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَتَأْتِي لِلتَّعَجُّبِ، وَالتَّوْبِيخِ، وَالْإِنْكَارِ وَلِلْحَالِ لَيْسَ مَعَهُ سُؤَالٌ، وَقَدْ تَتَضَمَّنَ مَعْنَى النَّفْيِ، وَكَيْفِيَّةُ الشَّيْءِ حَالُهُ وَصِفَتُهُ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَفِي: كَمْ شِئْت أَوْ مَا شِئْت تَطْلُقُ مَا شَاءَتْ، وَإِنْ رَدَّتْ ارْتَدَّ) يَعْنِي فَيَتَعَلَّقُ أَصْلُ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّ كَمْ اسْمٌ لِلْعَدَدِ فَكَانَ التَّفْوِيضُ فِي نَفْسِ الْعَدَدِ، وَالْوَاحِدُ عَدَدٌ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لِمَا تَكَرَّرَ مِنْ إطْلَاقِ الْعَدَدِ وَإِرَادَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَوْلُهُ: مَا شِئْت تَعْمِيمٌ لِلْعَدَدِ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ مَا شَاءَتْ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا إلَّا مَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ فَرَّقَتْ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا، وَفِي الْقَامُوسِ: كَمْ اسْمٌ نَاقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ أَوْ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ وَمَا، ثُمَّ قَصُرَتْ وَأُسْكِنَتْ وَهِيَ لِلِاسْتِفْهَامِ وَيُخْفَضُ مَا بَعْدَهَا حِينَئِذٍ كَرُبَّ، وَقَدْ تُرْفَعُ تَقُولُ كَمْ رَجُلٌ كَرِيمٌ قَدْ أَتَانِي، وَقَدْ تُجْعَلُ اسْمًا تَامًّا فَيُصْرَفُ وَيُشَدَّدُ تَقُولُ أَكْثِرْ مِنْ الْكَمِّ، وَالْكَمِيَّةِ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي: كَمْ خَبَرِيَّةٌ بِمَعْنَى: كَثِيرٍ، وَاسْتِفْهَامِيَّةٌ بِمَعْنَى: أَيُّ عَدَدٍ وَيَشْتَرِكَانِ فِي خَمْسَةِ أُمُورٍ الِاسْمِيَّةِ، وَالْإِبْهَامِ، وَالِافْتِقَارِ إلَى التَّمْيِيزِ، وَالْبِنَاءِ وَلُزُومِ التَّصْدِيرِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي خَمْسَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْخَبَرِيَّةِ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ، وَالتَّكْذِيبَ بِخِلَافِهِ مَعَ الِاسْتِفْهَامِيَّة الثَّانِي أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِالْخَبَرِيَّةِ لَا يَسْتَدْعِي مِنْ مُخَاطِبِهِ جَوَابًا لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالِاسْتِفْهَامِيَّةِ يَسْتَدْعِيهِ لِأَنَّهُ مُسْتَخْبِرٌ الثَّالِثُ أَنَّ الِاسْمَ الْمُبْدَلَ مِنْ الْخَبَرِيَّةِ لَا يَقْتَرِنُ بِالْهَمْزَةِ بِخِلَافِ الْمُبْدَلِ مِنْ الِاسْتِفْهَامِيَّة الرَّابِعُ أَنَّ تَمْيِيزَ الْخَبَرِيَّةِ مُفْرَدٌ أَوْ مَجْمُوعٌ وَلَا يَكُونُ تَمْيِيزُ الِاسْتِفْهَامِيَّة إلَّا مُفْرَدًا، وَالْخَامِسُ أَنَّ تَمْيِيزَ الْخَبَرِيَّةِ وَاجِبُ الْخَفْضِ وَتَمْيِيزُ الِاسْتِفْهَامِيَّة مَنْصُوبٌ وَلَا يَجُوزُ جَرُّهُ مُطْلَقًا وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي طَلِّقِي مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت تَطْلُقَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) يَعْنِي لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا لِلْعُمُومِ وَمِنْ لِلْبَيَانِ وَلَهُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّ تَقْدِيرَهُ عَلَى الْبَيَانِ مَا شِئْت مِمَّا هُوَ الثَّلَاثُ وَطَلِّقِي مَا شِئْت وَافٍ بِهِ فَالتَّبْعِيضُ مَعَ زِيَادَةِ مِنْ الثَّلَاثِ أَظْهَرُ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: اخْتَارِي مِنْ الثَّلَاثِ مَا شِئْت. اهـ. تَمَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِإِضَافَةِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْعَبْدِ) أَيْ إلَى الْمَخْلُوقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute