للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَدِّيهَا إمَامٌ وَاحِدٌ إمَامٌ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ كُلُّ مَسْجِدٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي التَّرَاوِيحِ وَهُوَ قَدْ صَلَّى مَرَّةً لَا بَأْسَ بِهِ وَيَكُونُ هَذَا اقْتِدَاءُ الْمُتَطَوِّعُ بِمَنْ يُصَلِّي السُّنَّةَ وَلَوْ صَلَّوْا التَّرَاوِيحَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا ثَانِيًا يُصَلُّونَ فُرَادَى انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَالْخَتْمُ مَرَّةً مَعْطُوفٌ عَلَى عِشْرُونَ بَيَانٌ لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ مَرَّةً فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ وَيُخْتَمُ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِكَثْرَةِ الْإِخْبَارِ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَمَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ عَشْرٍ مَرَّةً أَفْضَلُ كَذَا فِي الْكَافِي

وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ فِي زَمَانِنَا لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُهَا وَهَذَا حَسَنٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ ثُمَّ بَعْضُهُمْ اعْتَادُوا قِرَاءَةَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارُوا قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ وَهَذَا حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ عَدَدٌ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِحِفْظِهَا فَيَتَفَرَّغُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ اهـ.

وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْخَتْمُ وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْخَتْمُ لِأَنَّ جَمِيعَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ سِتُّمِائَةِ رَكْعَةٍ وَجَمِيعُ آيَاتِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ اهـ.

وَنَصَّ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ إمَامُ مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَخْتِمُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إلَى غَيْرِهِ فَالْحَاصِلُ أَنْ الْمُصَحَّحَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَتْمَ سُنَّةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ تَرْكِهِ إذَا لَزِمَ مِنْهُ تَنْفِيرُ الْقَوْمِ وَتَعْطِيلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا فَالظَّاهِرُ اخْتِيَارُ الْأَخَفِّ عَلَى الْقَوْمِ كَمَا تَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ بُدَاءَتِهِمْ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ التَّكَاثُرِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِقِرَاءَتِهِمْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُمْ فِي الرَّكْعَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَ سُورَةَ تَبَّتْ وَفِي الْعِشْرِينَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ بِسَبَبِ الْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ زَادَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ مِنْ فِعْلِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْكَرَاتٍ مِنْ هَذْرَمَةِ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَفِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى تَرْكِ الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَفْعٍ وَتَرْكِ الِاسْتِرَاحَةِ فِيمَا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَفْضَلُ التَّعْدِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ بَيْنَ التَّسْلِيمَاتِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ فَضْلَ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ بِهِ أَمَّا التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ إنَّ فَضْلَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَإِنَّ فَضْلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفَرْضِ الْإِمَامُ إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي التَّرَاوِيحِ إنْ عَلِمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ لَا تُثْقِلُ يَأْتِي بِالدَّعَوَاتِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُثْقِلُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُحْتَاطُ اهـ.

وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ وَلَا تُتْرَكُ السُّنَنُ لِلْجَمَاعَاتِ كَالتَّسْبِيحَاتِ اهـ.

وَقَوْلُهُ بِجِلْسَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ بَيَانٌ لِكَوْنِهِ سُنَّةً فِيهَا وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِاسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ وَبَيْنَ الْوِتْرِ لِعَادَةِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَاسْتَحْسَنَ الْبَعْضُ الِاسْتِرَاحَةَ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ.

وَفِي الْكَافِي وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ تُكْرَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ اهـ.

وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ تَرْكِ الِاسْتِرَاحَةِ مِقْدَارَ تَرْوِيحَةٍ عَلَى رَأْسِ سَائِرِ الْأَشْفَاعِ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ أَهْلِ زَمَانِنَا فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ بِطَرِيقِ

ــ

[منحة الخالق]

أَحَدٍ لَهُ فَالظَّاهِرُ بِنَاءُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى الثَّالِثِ فَقَطْ وَإِنْ صَحَّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عِشْرُونَ) أَيْ فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَالْأَظْهَرُ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ لِيَكُونَ نَصًّا فِي سُنِّيَّةِ الْخَتْمِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لِقِرَاءَتِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهُ بِالنَّصْرِ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْهُ بِالْإِخْلَاصِ وَفِيهِ فَصْلٌ بِسُورَةِ تَبَّتْ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَدْبِهَا عَلَى رَأْسِ الْخَامِسَةِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

قُلْت إنْ أَرَادَ مِنْ الْخَامِسَةِ التَّسْلِيمَةَ الْخَامِسَةَ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ عَنْ الْكَافِي فَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الظُّهُورِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا تَعَرُّضَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَصْلًا وَإِنْ أَرَادَ مِنْهَا التَّرْوِيحَةَ الْخَامِسَةَ فَكَلَامُ الْخُلَاصَةِ لَيْسَ فِيهَا لِأَنَّ نَصَّ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ هَكَذَا وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>