للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ خَرَاجِيَّةٌ أَوْ تَضْعِيفِيَّةٌ وَالْمُشْتَرُونَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَتَغْلِبِيٌّ فَالْمُسْلِمُ إذَا اشْتَرَى الْعُشْرِيَّةُ أَوْ الْخَرَاجِيَّةَ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا، أَوْ التَّضْعِيفِيَّةُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَرْجِعُ إلَى عُشْرٍ وَاحِدٍ فَإِذَا اشْتَرَى التَّغْلِبِيُّ الْخَرَاجِيَّةَ بَقِيَتْ خَرَاجِيَّةً أَوْ التَّضْعِيفِيَّةَ فَهِيَ تَضْعِيفِيَّةٌ أَوْ الْعُشْرِيَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ ضُوعِفَ عَلَيْهِ الْعُشْرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ غَيْرُ تَغْلِبِيٍّ خَرَاجِيَّةً أَوْ تَضْعِيفِيَّةً بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا أَوْ عُشْرِيَّةً صَارَتْ خَرَاجِيَّةً إنْ اسْتَقَرَّتْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْقَبْضَ فِي الْمُخْتَصَرِ لِوُجُوبِ الْخَرَاجِ وَشَرَطَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَذَلِكَ بِالْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ: وَعُشْرٌ إنْ أَخَذَهَا مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ أَوْ رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِلْفَسَادِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ بِالرَّدِّ وَالْفَسْخِ جَعَلَ الْبَيْعَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْبَائِعُ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهَذَا الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الرَّدِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِلْفَسَادِ إلَى كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّدُّ فِيهِ فَسْخًا كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ مُطْلَقًا وَالرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إنْ كَانَ بِقَضَاءٍ وَأَمَّا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ عَلَى حَالِهَا كَالْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ فَصَارَ شِرَاءً مِنْ الذِّمِّيِّ فَتَنْتَقِلُ إلَى الْمُسْلِمِ بِوَظِيفَتِهَا فَاسْتُفِيدَ مِنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلذِّمِّيِّ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَلَا يَكُونُ وُجُوبُ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا عَيْبًا حَادِثًا؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَعَلَ مُسْلِمٌ دَارِهِ بُسْتَانًا فَمُؤْنَتُهُ تَدُورُ مَعَ مَائِهِ) يَعْنِي فَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ فَهُوَ عُشْرِيٌّ، وَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهُوَ خَرَاجِيٌّ، وَإِنْ سَقَاهُ مَرَّةً مِنْ مَاءِ الْعُشْرِ، وَمَرَّةً مِنْ مَاءِ الْخَرَاجِ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعُشْرِ مِنْ الْخَرَاجِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَاسْتَشْكَلَ الْعَتَّابِيُّ وُجُوبَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً حَتَّى نَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ أَنَّ عَلَيْهِ الْعُشْرَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعُشْرِ مِنْ الْخَرَاجِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ.

وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً جَبْرًا أَمَّا بِاخْتِيَارِهِ فَيَجُوزُ، وَقَدْ اخْتَارَهُ هُنَا حَيْثُ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهُوَ كَمَا إذَا أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ وَالْبُسْتَانُ يُحَوَّطُ عَلَيْهَا حَائِطٌ، وَفِيهَا أَشْجَارٌ مُتَفَرِّقَةٌ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ قَيَّدَ بِجَعْلِهَا بُسْتَانًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا بُسْتَانًا، وَفِيهَا نَخْلٌ تُغِلُّ أَكْرَارًا لَا شَيْءَ فِيهَا وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَإِنَّ الْخَرَاجَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَاءُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لَهُ لَا لِلْعُشْرِ

(قَوْلُهُ: وَدَارَهُ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَعَلَ الْمَسَاكِنَ عَفْوًا وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَكَذَا الْمَقَابِرُ وَتَقْيِيدُهُ فِي الْهِدَايَةِ بِالْمَجُوسِيِّ لِيُفِيدَ النَّفْيَ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالدَّلَالَةِ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ لِحُرْمَةِ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبَائِحِهِ (قَوْلُهُ: كَعَيْنِ قِيرٍ وَنَفْطٍ فِي أَرْضِ عُشْرٍ، وَلَوْ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ يَجِبُ الْخَرَاجُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَيْنٌ فَوَّارَةٌ كَعَيْنِ الْمَاءِ فَلَا عُشْرَ، وَلَا خَرَاجَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَ مَوْضِعِ الْقِيرِ وَالنَّفْطِ أَرْضٌ فَارِغَةٌ صَالِحَةٌ لِلزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَرَاءَهُ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِلزِّرَاعَةِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ إنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ لَا يَكْفِي فِيهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَقِيقَةِ الْخَارِجِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ وَجَبَ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي لِوُجُوبِهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْقِيرُ هُوَ الزِّفْتُ، وَيُقَالُ الْقَارُ وَالنَّفْطُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَهُوَ أَفْصَحُ دُهْنٌ يَعْلُو الْمَاءَ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَلَا يُمْسَحُ مَوْضِعُ الْقِيرِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ لَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يُمْسَحُ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقِيرِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فَيُمْسَحُ مَعَهُ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ كَأَرْضٍ فِي بَعْضِ جَوَانِبِهَا سَبْخَةٌ فَإِنَّهَا تُمْسَحُ مَعَ الْأَرْضِ وَيُوضَعُ الْخَرَاجُ

ــ

[منحة الخالق]

لِلْمَالِكِ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلْفُقَرَاءِ فِي وُجُوبِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَخْ) أَقُولُ: صَرَّحُوا فِي الشُّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ شِرَاءٌ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْأَخْذُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَشِرَاءٌ مِنْ الْبَائِعِ لِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَيْهِ، وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ شِرَاءً مِنْ الذِّمِّيِّ فَهُوَ مُشْكِلٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا نَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ نَوَادِرِ زَكَاةِ الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا اشْتَرَى أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَعَلَيْهِ فِيهَا الْخَرَاجُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَكِنْ هَذَا بَعْدَمَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَخَذَهَا مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ كَانَتْ عُشْرِيَّةً عَلَى حَالِهَا سَوَاءٌ وُضِعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ أَوْ لَمْ يُوضَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَنْهَا اهـ. تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ وَضْعَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاء جَائِزٌ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَ بِرِضَاهُ، وَأَنَّ الْمَمْنُوعَ وَضْعُهُ عَلَيْهِ جَبْرًا وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ انْتِقَالُ مَا وَظِيفَتُهُ الْخَرَاجُ إلَيْهِ بِوَظِيفَتِهِ، وَهُوَ الْمَاءُ فَإِنَّ وَظِيفَتَهُ الْخَرَاجُ فَإِذَا سُقِيَ بِهِ انْتَقَلَ هُوَ بِوَظِيفَتِهِ إلَى أَرْضِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى خَرَاجِيَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>