للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ تُكَلِّمْنِي فَهَذَا يَحْتَمِلُ قَبْلَ وَبَعْدَ فَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَكِبْتَ دَابَّتِي فَلَمْ أُعْطِكَ دَابَّتِي فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَتَيْتَنِي فَلَمْ آتِكَ أَوْ إنْ زُرْتَنِي فَلَمْ أَزُرْكَ فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ ثُمَّ قَالَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَقُومِي السَّاعَةَ وَتَجِيئِي إلَى دَارِ وَالِدِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَامَتْ السَّاعَةَ، وَلَبِسَتْ الثِّيَابَ وَخَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَجَلَسَتْ حَتَّى خَرَجَ الزَّوْجُ فَخَرَجَتْ هِيَ أَيْضًا، وَأَتَتْ دَارَ وَالِدِهِ بَعْدَمَا أَتَاهَا الزَّوْجُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْمَرْأَةِ وَجُلُوسَهَا مَا دَامَتْ فِي تَهَيُّؤِ الْخُرُوجِ لَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْفَوْرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا الْبَوْلُ فَبَالَتْ قَبْلَ لُبْسِ الثِّيَابِ ثُمَّ لَبِسَتْ الثِّيَابَ لَمْ يَحْنَثْ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَجِيئِي إلَى الْفِرَاشِ هَذِهِ السَّاعَةَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَهُمَا فِي التَّشَاجُرِ فَطَالَ بَيْنَهُمَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَتْ إلَى الْفِرَاشِ لَا يَحْنَثُ فَإِنْ خَافَتْ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى حَنِثَ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَمَلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ فَوْرُ الْأَوَّلِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَا يَحْنَثُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ اشْتَغَلَتْ بِالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ شَرْعًا فَصَارَ مُسْتَثْنًى مِنْ يَمِينِهِ شَرْعًا، وَعُرْفًا، وَلَوْ اشْتَغَلَتْ بِالتَّطَوُّعِ أَوْ بِالْوُضُوءِ أَوْ أَكَلَتْ أَوْ شَرِبَتْ حَنِثَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ شَرْعًا. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ لَهَا فِي الْخُصُومَةِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ لَمْ تَخْرُجِي، وَقَالَ مَا أَرَدْتُ بِهِ الْخُرُوجَ لِلْحَالِ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ سَاعَاتٍ يَحْنَثُ إنْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي الْخُرُوجِ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَضْرِبْكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَلَالَةُ الْفَوْرِ بِأَنْ قَصَدَ ضَرْبَهَا فَمُنِعَ انْصَرَفَ إلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ نَوَى الْفَوْرَ بِدُونِ الدَّلَالَةِ يُصَدَّقُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْلِيظًا، وَإِنْ نَوَى الْأَبَدَ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ انْصَرَفَ إلَى الْأَبَدِ، وَإِنْ نَوَى الْيَوْمَ أَوْ الْغَدَ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَخَذْتِ مِنْ مَالِي شَيْئًا، وَلَمْ تُخْبِرِينِي فَكَذَا فَأَخَذَتْ، وَلَمْ تُخْبِرْهُ فِي الْحَالِ، وَلَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَتْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ إنْ رَأَيْتُ سَارِقًا فَلَمْ أُخْبِرْكَ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ قَالَ: وَلَمْ أُخْبِرْكَ، وَإِنْ لَمْ أُخْبِرْكَ فَعَلَى التَّرَاخِي، وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ. اهـ مَا فِي الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَرْكَبُ عَبْدِهِ مَرْكَبُهُ إنْ يَنْوِ، وَلَا دَيْنَ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِ فُلَان فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْوِيَهَا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَيْ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا حِنْثَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ يُضَافُ إلَى الْعَبْدِ عُرْفًا، وَكَذَا شَرْعًا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ» الْحَدِيثَ، فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَاهَا، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ كَانَ دَيْنُهُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِي كَسْبِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إذَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمَوْلَى لَكِنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ قَدْ اخْتَلَّتْ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ، وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى حَقِيقَةً عِنْدَهُ وَنَظِيرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَدْخُلُ عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ إلَّا بِالنِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَتَقُوا نَوَاهُمْ أَوْ لَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقُوا إذَا نَوَاهُمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقُوا، وَإِنْ نَوَاهُمْ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةَ مُكَاتَبِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ بِمُضَافٍ إلَى الْمَوْلَى لَا ذَاتًا، وَلَا يَدًا. اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ مَسَائِلِ الرُّكُوبِ غَيْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ بَعْضِ مَسَائِلِهِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَالْيَمِينُ عَلَى مَا يَرْكَبُ النَّاسُ مِنْ الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ رَكِبَ ظَهْرَ إنْسَانٍ لِيَعْبُرَ النَّهْرَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ أَوْهَامَ النَّاسِ لَا تَسْبِقُ إلَى هَذَا. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةً، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَرَكِبَ حِمَارًا أَوْ فَرَسًا أَوْ بِرْذَوْنًا أَوْ بَغْلًا حَنِثَ فَإِنْ رَكِبَ غَيْرَهَا نَحْوَ الْبَعِيرِ وَالْفِيلِ لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا لَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ

ــ

[منحة الخالق]

وَجُلُوسَهَا مَا دَامَتْ فِي تَهَيُّؤِ الْخُرُوجِ لَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْفَوْرِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ الْحَلِفَ هُنَا عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ، وَهُنَاكَ عَلَى الْخُرُوجِ فَكَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْجُلُوسِ حَيْثُ قَطَعَ الْفَوْرَ فِي هَذِهِ، وَلَمْ يَقْطَعْهُ فِي تِلْكَ كَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَغَيُّرِ الْهَيْئَةِ هُنَا، وَفِي اشْتِرَاطِ بَقَائِهَا عَلَى هَيْئَةِ الْخُرُوجِ هُنَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.، (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) أَطْلَقَهَا عَنْ التَّقْيِيدِ بِخَوْفِ الْفَوْتِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا التَّقْيِيدُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>