للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَوْ لَا بِأَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ فَاقْتَدَى بِهِ مُسَافِرٌ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ فَائِتَةٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لَا فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ وَأَتَمَّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مُؤَثِّرٌ فِي الرُّبَاعِيِّ فَقَطْ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَا يَبْطُلُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَصَارَ تَبَعًا لَهُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ، وَإِنَّمَا يَتَأَكَّدُ وُجُوبُ الرَّكْعَتَيْنِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، وَلَوْ نَامَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَبَهَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا، وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

(قَوْلُهُ وَبِعَكْسِهِ صَحَّ فِيهِمَا) ، وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدَةٌ وَالْقِعْدَةُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ غَيْرُ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي وَبِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ جَائِزٌ، وَقَدْ «أَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسَافِرٌ أَهْلَ مَكَّةَ وَقَالَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» ، وَهُوَ جَمْعُ سَافِرٍ كَرَكْبٍ جَمْعُ رَاكِبٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ كُلُّ مُسَافِرٍ صَلَّى بِمُقِيمٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ ذَهَابِهِ فَيَحْكُمُ حِينَئِذٍ بِفَسَادِ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إقَامَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إفْسَادِهِ بِسَلَامِهِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتَاوَى إذَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ شَرْطُ الْأَدَاءِ بِجَمَاعَةٍ اهـ.

لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْقَوْمِ بِقَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِيمِينَ أَمْ مُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، فَإِنْ سَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُسَافِرٌ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ لَا تَفْسُدُ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ بِالظَّاهِرِ فِي مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُعَرِّفًا صِحَّةَ سَلَامِهِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتِمُّوا ثُمَّ يَسْأَلُوهُ فَتَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَقُولُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ الْأَصَحُّ الثَّانِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَامَ الْمُقْتَدِي الْمُقِيمُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَنَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ سُجُودِهِ رُفِضَ ذَلِكَ وَتَابَعَ الْإِمَامَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَ فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ خُرُوجُهُ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ بَقِيَ رَكْعَتَانِ عَلَى الْإِمَامِ بِوَاسِطَةِ التَّغَيُّرِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِمَا فَإِذَا انْفَرَدَ فَسَدَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ بَعْدَمَا سَجَدَ الْمُقْتَدِي فَإِنَّهُ يُتِمُّ مُنْفَرِدًا فَلَوْ رَفَضَ وَتَابَعَ فَسَدَتْ لِاقْتِدَائِهِ حَيْثُ وَجَبَ الِانْفِرَادُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مُسَافِرٌ أَمَّ قَوْمًا مُقِيمِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَوَى الْإِقَامَةَ لَا لِتَحْقِيقِ الْإِقَامَةِ بَلْ لِيُتِمَّ صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا اهـ.

وَفِي الْعُمْدَةِ مُسَافِرٌ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَقَدَّمَ مُقِيمًا يُتِمُّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَيَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ مُسَافِرًا يُسَلِّمُ ثُمَّ يُتِمُّ الْمُقِيمُ صَلَاتَهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مُسَافِرٌ أَمَّ مُسَافِرِينَ فَأَحْدَثَ فَقَدَّمَ مُسَافِرًا آخَرَ فَنَوَى الثَّانِي الْإِقَامَةَ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَوْمِ إنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِي الْتَزَمَ الْمُوَافَقَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْفَرِدُ فِي الْبَاقِي كَالْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لَا فِعْلًا وَالْفَرْضُ صَارَ مُؤَدًّى فَيَتْرُكُهَا احْتِيَاطًا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ فَلَمْ يَتَأَدَّ الْفَرْضُ فَكَانَ الْإِتْيَانُ أَوْلَى اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَقْضُونَ، وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِمْ إذَا سَهَوْا، وَلَا يَقْتَدِي أَحَدُهُمْ بِالْآخِرِ اهـ.

فَلَوْ اقْتَدَى أَحَدُهُمْ بِالْآخَرِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِانْفِرَادُ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا) أَيْ لَا وَاجِبًا (قَوْلُهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اتَّبَعُوهُ حَتَّى لَوْ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَلَا يَصِحُّ اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوُوا مُفَارَقَتَهُ أَمَّا إذَا نَوَوْا مُفَارَقَتَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ وَافَقُوهُ فِي الْإِتْمَامِ صُورَةً إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ مُفَارَقَتِهِ بَعْدَ إتْمَامِ فَرْضِهِ، وَاتِّصَالُ النَّفْلِ مِنْهُ بِصَلَاتِهِ لَا يَمْنَعُهَا بِلَا شُبْهَةٍ، وَفِي قَوْلِهِ لَوْ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ مَعَهُ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَسُكُوتُ قَاضِي خان وَصَاحِبِ الْخُلَاصَةِ عَنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ رُبَّمَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِمْ إذَا سَهْوًا) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>